مؤشر لشخصنة مؤسسات الدولة واستحواذ على المال العام.. ناشطون جنوبيون: حجب إيرادات بعض المحافظات عن مركزي عدن ” فساد” يهدد استقرار وكينونة الدولة

سمانيوز / تقرير
أشار ناشطون جنوبيون إلى أن أشخاصاً بعينها تحول دون توريد بعض المحافظات إلى البنك المركزي بالعاصمة عدن، وأنه بإزاحة أولئك الأشخاص من قيادة تلك المحافظات الممتنعة عن التوريد، سيتم التوريد المالي السيادي مباشرةً إلى البنك المركزي بالعاصمة عدن، مما يسهم في إنجاح مشروع الحوكمة الاقتصادية والنقدية..
مؤكدين أن الحاصل يندرج في إطار شخصنة مؤسسات الدولة، ونوعاً جديداً من الفساد والاستحواذ العلني على المال العام الموروث عن حقبة عفاش، يهددان استقرار وكينونة الدولة وإعادتها إلى المربع الصفري وما دونه، ويتعين على الرباعية الدولية المعنية بالملف اليمني القيام بواجبها أمام ذلك الفساد، وعدم التهاون مع أولئك الأشخاص الخارجين عن الإجماع، المعطلين علناً لمشروع الإصلاحات الاقتصادية والنقدية التي تتبناها الحكومة ومركزي عدن.
العرادة ومحافظ المهرة يرفضان التوريد لمركزي عدن:
وصفته وسائل إعلام محلية بالتطور الخطير على مستوى الملف الاقتصادي والنقدي، في إشارة إلى استمرار كل من محافظ مأرب عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء سلطان العرادة، ومحافظ المهرة محمد علي ياسر، رفضهما توريد الإيرادات السيادية إلى البنك المركزي في العاصمة عدن، مشيرة إلى أن الرباعية الدولية (السعودية، الإمارات، الولايات المتحدة، بريطانيا) في سياق التحرك العاجل لاتخاذ إجراءات عقابية حال وصولها إلى طريق مسدود معهم.
مصادر حكومية أكدت أن الرباعية أبلغت رئاسة مجلس القيادة الرئاسي استياءها من استمرار هذا التعطيل، واعتبرته عرقلة مباشرة لجهود تطبيع الحياة الاقتصادية، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة رواتب وخدمات خانقة. وأكدت أن المهلة المحددة لتوريد الإيرادات أو اتخاذ إجراءات عقابية باتت على وشك الانتهاء، وتشمل إقالة المحافظَين (العرادة وياسر)، وفرض عقوبات دولية عليهما باعتبارهما معرقلَين لمسار الإصلاح المالي.
الموقف أثار تساؤلات واسعة حول مدى قدرة الحكومة على فرض سلطتها على المحافظات، في ظل تقارير تفيد بأن عائدات مأرب والمهرة يتم التصرف بها خارج الأطر الرسمية، ما يقوّض جهود البنك المركزي والحكومة في ضبط الإنفاق وتحقيق الاستقرار المالي.
وبحسب تقرير رسمي لمكتب المالية بمحافظة مأرب الغنية بالنفط والغاز، أفاد بأن إجمالي الإيرادات العامة المحققة في محافظة مأرب، خلال العام الماضي 2024م، بلغت 28 ملياراً و195 مليون ريال، بزيادة عن الربط المقرر بالموازنة بلغت 8 مليارات و913 مليون ريال، بنسبة 46%، وبزيادة عن عام 2023 بلغت 4 مليارات و426 مليون ريال، بنسبة 19%.
وأضاف التقرير أن إجمالي الإيرادات المحلية خلال العام المنصرم بلغت 4 مليارات و912 مليون ريال، بعجز عن الربط نسبته 27%، وعن العام الذي سبقه بنسبة 25%. وأشار إلى أن أسباب العجز تتمثل في معوقات إدارية، ومالية، وبشرية.
وبيّن أن الإيرادات المشتركة المحققة بلغت 4 مليارات و308 ملايين ريال، بزيادة عن الربط بنسبة 25%، وعن العام المقابل بنسبة 28%، في حين بلغت الإيرادات المركزية 18 ملياراً و974 مليون ريال، بنسبة زيادة عن الربط بلغت 109%، وعن العام المقابل 2023م بنسبة 37%.
وأشار التقرير، إلى أن إجمالي الاستخدامات الفعلية من نفقات السلطة المحلية والمركزية والوحدات الاقتصادية بلغت 106 مليارات و29 مليون ريال، منها 16 ملياراً و738 مليون ريال نفقات السلطة المحلية، فيما بلغت نفقات السلطة المركزية 64 ملياراً و33 مليون ريال، ونفقات الوحدات الاقتصادية 25 ملياراً و258 مليون ريال.
فيما لم يتم يتسنى لنا معرفة الأرقام الصحيحة الرسمية للإيرادات السنوية لمحافظة المهرة.
الامتناع عن التوريد أحد ثمار اختلال تركيبة الرئاسي:
أوساط جنوبية اعتبرت استمرار هذا العبث المالي دون رادع حازم، هو أحد أكبر مظاهر الاختلال في تركيبة مجلس القيادة الرئاسي، لا سيما وكل عضو يحمل مشروع الكيان الذي ينتمي إليه، ويناضل لأجل تحقيق أهداف جهوية بعيدة عن التوافق أو الإجماع، ولا وجود لهدف وطني مشترك.
مشيرين إلى أن ذلك الاختلال يعزز قناعة الجنوبيين بضرورة إعادة هيكلة الرئاسي، أو استعادة القرار السيادي الجنوبي الكامل في إدارة شؤون الجنوب واقتصاده.. مؤكدين أن الأنظار تتجه إلى اجتماع الرباعية المرتقب خلال الأيام القادمة، حيث من المتوقع اتخاذ خطوات عملية وحاسمة تجاه رافضي التوريد، ووضع حد لحالة “اللامركزية المالية” التي تهدد بانهيار اقتصادي شامل.
ويتهم ناشطون جنوبيون ويمنيون السلطة المحلية الإخوانية بمحافظة مأرب، بقيادة الشيخ سلطان العرادة، محافظ المحافظة – عضو المجلس الرئاسي، بنهب الإيرادات المالية السنوية للمحافظة من عائدات النفط والغاز والضرائب وغيرها من الأوعية الإيرادية، وتحويلها إلى حسابات شخصية في الخارج، وكذا تسخير جزء كبير منها في تسليح مليشيات الإخوان بالمحافظة، وفي شراء ولاءات وذمم بعض شيوخ القبائل.
مشيرين إلى أن رفض التوريد إلى مركزي عدن يعد تمرداً وحرباً إخوانية معلنة ضد الإصلاحات الاقتصادية، وإصراراً على استمرار سياسة الإفقار والتجويع الممارسة ضد المواطن بالمناطق المحررة.
وكان تقرير لفريق خبراء تابع لمجلس الأمن الدولي قد كشف، في وقت سابق، عن فساد مهول في اليمن يتورط فيه عدد من القيادات والمسؤولين بالشرعية اليمنية، ومنها نهب إيرادات محافظة مأرب التي يسيطر عليها حزب الإصلاح “إخوان اليمن”.
وقال فريق الخبراء في تقريره إنه اطلع على وثائق محاسبية تشير إلى عائدات من النفط والغاز بمحافظة مأرب اليمنية قدرت بمليارات الريالات، نهبها حزب (الإصلاح) من محافظة مأرب التي يشكو أبناؤها من الفقر والحرمان من أبسط الخدمات.
ووفق التقرير الأممي، فقد سخّر حزب (الإصلاح) هذه الأموال لدعم وبناء وتمويل مليشيات تابعة للإخوان المسلمين، تعمل خارج نطاق الشرعية اليمنية.
شخصنة الإيرادات يهدد استقرار اقتصاد وكينونة الدولة:
147 مؤسسة وهيئة تابعة للدولة لا تورد إيراداتها المالية إلى البنك المركزي اليمني في عدن، وتخضع لهيمنة اشخاص، في مخالفة صريحة للوائح المالية والقوانين الناظمة للعمل المؤسسي.
وبحسب مصادر، تركزت المؤسسات المخالِفة في عدد من المحافظات المحررة، تتصدرها محافظة مأرب بـ 37 مؤسسة إيرادية.
وتوقع اقتصاديون تعرض تلك المؤسسات وكبار المسؤولين إلى عقوبات صارمة، قد تتخذها الخزانة الأمريكية ضدهم حال استمرار رفض التوريد إلى مركزي عدن، لا سيما وبقية المحافظات استجابت والتزمت بالقرارات الصادرة عن الحكومة وعن مركزي عدن.
مصادر اقتصادية وسياسية جددت التأكيد على أن استمرار التمرد المالي قد يعيق التقدم المحرز، ويفتح الباب مجدداً أمام الفوضى الاقتصادية، ويُضعف موقف الحكومة أمام المجتمع الدولي والداعمين الدوليين الذين يطالبون بإصلاحات حقيقية وجذرية خالية من الفساد..
مطالبة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة باتخاذ إجراءات حازمة فوراً، لتطبيق مبدأ سيادة الدولة على جميع المحافظات، دون استثناء، ووقف العبث بالإيرادات السيادية الذي يدفع ثمنه الشعب اليمني، لاسيما ومصادر حكومية رفيعة أكدت في وقت سابق أن عضو مجلس القيادة الرئاسي، محافظ محافظة مأرب اللواء سلطان العرادة، مُصرّ على عدم التوريد إلى مركزي عدن، رغم صدور قرارات واضحة وملزمة من مجلس الوزراء والبنك المركزي واللجنة العليا للإيرادات.
وتنص تلك القرارات على ضرورة توريد جميع إيرادات الدولة من مختلف الجهات والمؤسسات الحكومية، دون استثناء، إلى البنك المركزي في العاصمة عدن، كخطوة حاسمة نحو الشفافية وتعزيز إدارة الموارد المالية، وإنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار.
ويُعد هذا الرفض تكراراً لموقف سابق اتخذه محافظ مأرب نفسه، ما تسبب حينها في حرمان الدولة من مليارات الريالات والدولارات، وأسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة المحلية.
ويأتي هذا الرفض غير المبرر في وقت بدأت فيه الحكومة بإجراءات جادة لتحسين الوضع الاقتصادي، بإشراف مباشر من رئيس الوزراء سالم بن بريك ومحافظ البنك المركزي أحمد المعبقي، ما أدى مؤخراً إلى تحسن قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وانخفاض نسبي في الأسعار، وضبط المضاربة بالعملة وتهريبها.
ختاماً..
حرب العام 2015م خلقت من أمراء وتجار الحروب (زعامات) غير وطنية في اليمن الشقيق، مرتزقة يقتاتون على كل ما وقعت أيديهم عليه، بل ويصادرون أصول وممتلكات الدولة، ومع المدى تمت عملية شخصنة مؤسسات الدولة، وأُعيد شعار (عفاش) من محافظة مأرب إلى الواجهة (العرادة ومن بعدي الطوفان).
