من نيويورك الى موسكو.. ” الرئيس الزُبيدي” حراك دبلوماسي اخترق الحواجز وغيّر نظرة العالم تجاه قضية شعب الجنوب..!

سمانيوز / تقرير
سرق الأضواء، جذب الانتباه، وبات موضع اهتمام الأوساط السياسية والإعلامية المحلية والعربية والدولية. الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي – نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، يقود حراكاً دبلوماسياً دولياً، نجح خلاله في حرف البوصلة وتغيير نظرة المجتمع الإقليمي والدولي للأزمة اليمنية من الشمولية إلى الثنائية الندية (يمنية جنوبية).
حراك دبلوماسي غير مسبوق:
أوساط سياسية عربية أكدت أن الرئيس الزبيدي يقود حراكاً دبلوماسياً غير مسبوق، اخترق حواجز الشرق والغرب وتربع الجنوب وقضيته السياسية مواقع صناعة القرار الدولي على حدة، بمعزل عن القضية اليمنية.
حيث لاقت تصريحاته الرسمية الشجاعة الجريئة التي أدلى بها على مسامع قادة العالم بمواقع صناعة القرار الدولي، عبر أشهر القنوات الإعلامية العالمية التي استضافته على هامش مشاركته بالقمة الأممية الـ 80 للأمم المتحدة، التي عقدت بمدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، خلال الفترة من 22 حتى 29 سبتمبر 2025م، لاقت اهتمام وتفاعل قادة العالم، وتم الأخذ بها على محمل الجد.
تصريحات رسمية غيّرت نظرة العالم الشمولية تجاه الأزمة اليمنية:
ففي أول تصريح له عقب وصوله نيويورك، الاثنين 22 سبتمبر 2025م، أكد فخامته أن هذه المشاركة توفر منصة مهمة للقاء رؤساء وممثلي الدول، لإيصال صوت شعب الجنوب الصامد وتطلعاته نحو الاستقلال والسلام والتنمية والبناء.
وفي مقابلة مع صحيفة The Guardian البريطانية، على هامش اجتماعات الدورة الأممية الـ80، قال الرئيس الزبيدي، وبصريح العبارة، إن اليمن بحاجة إلى حِل الدولتين، مؤكدًا أنه لا يوجد في الأفق أي احتمال لإزاحة الحوثيين المدعومين من إيران بالقوة من شمال البلاد.
مضيفاً: “أفضل حل لليمن وأرقى طريق نحو الاستقرار هو حل الدولتين، سواء عبر استفتاء أو عبر اتفاق. الواقع على الأرض يُظهر أن هناك دولتين، عسكريًا واقتصاديًا”.
وأكد أن المصالحة السياسية مع الحوثيين غير ممكنة، وأن أي مفاوضات مستقبلية بين الشمال والجنوب لن تكون بغرض “الشراكة”، بل من أجل الاعتراف المتبادل.. مشيرًا إلى أن الجنوب يمتلك القدرة على الحكم الذاتي، بما في ذلك البنية التحتية والموانئ والإمكانات الاقتصادية.
مشروع وحدة العام 1990م قد فشل:
وخلال كلمة ألقاها في جامعة كولومبيا، بأمريكا أيضاً، على هامش الدورة الأممية الـ80، جدد فخامته التأكيد على أن مشروع وحدة العام 1990 بين الجنوب واليمن قد فشل، وأن محاولات إحيائه لم تُنتج سوى مزيد من الانقسامات وعدم الاستقرار. وأوضح أن السلام الدائم لا يمكن أن يتحقق إلا عبر الاعتراف بحق الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته المستقلة.. مشيراً إلى أن أي تسوية سياسية في اليمن لن يُكتب لها النجاح من دون معالجة قضية شعب الجنوب بجدية، وهي ليست قضية محلية فحسب، بل ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة وحماية المصالح الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وفي مقابلة مع قناة «سكاي نيوز عربي»، في ذات الحدث الدولي، جدد فخامته التأكيد على أن القضية الجنوبية وحقوق شعب الجنوب تأتي في صدارة أولوياته، مشدداً على أن هدف استقلال الجنوب يظل ثابتاً واستراتيجياً، لا رجعة عنه رغم التحديات الإقليمية والدولية.
إنجازات سياسية داخلية وخارجية عززت الموقف الجنوبي:
يرى محللون أن تحركات الرئيس الزبيدي حققت الكثير من الإنجازات السياسية الداخلية والخارجية، ولعبت دوراً في تعزيز وتقوية الموقف السياسي الجنوبي. ففي العام الماضي 2024م حضر وشارك الرئيس الزبيدي في القمة الـ79 للأمم المتحدة في نيويورك، وألقى كلمة أمام مجلس الأمن الدولي تطرق خلالها إلى قضية شعب الجنوب المغيبة.
وفي يناير 2025م، شارك فخامته في فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي الـ55 الذي أقيم في منتجع دافوس بسويسرا. وفي 2 يوليو 2025م قام فخامته بزيارة رسمية إلى مقر مجلس التعاون الخليجي بالعاصمة السعودية الرياض، تلبية لدعوة الأمين العام للمجلس، معالي جاسم البديوي. إلى جانب مشاركته بالقمة الأممية الـ80 آنفة الذكر.
وكان أهم تلك المنجزات، بحسب المحللين السياسيين، تدويل قضية شعب الجنوب، واعتراف البرلمان البريطاني بها، وتوصيته بطرحها على الطاولة الأممية كأهم أولويات الحل السياسي في اليمن، وضرورة إعطاء شعب الجنوب الحق في تقرير مصيره.
كما أشاروا إلى أن القرارات السياسية الأخيرة التي أصدرها الرئيس الزُبيدي أحدثت تغييراً كبيراً في قواعد اللعبة السياسية لصالح الجنوب. وكان نجاح المليونيات الأكتوبرية التي دعا إليها فخامته التي أقيمت بمحافظتي الضالع وحضرموت يومي 13 و14 أكتوبر 2025م، دليل آخر على نجاح السياسة الداخلية، وغيرها من الإنجازات الكثيرة التي ساهمت في تعزيز الموقف السياسي الجنوبي، وفي تغيير ملامح ومسار المشهد السياسي لصالح تحقيق طموح الجنوبيين في استعادة دولتهم.
الرئيس الزُبيدي في روسيا:
تحركات الرئيس الزبيدي لم تتوقف عند اختراق المعسكر الغربي بقيادة أمريكا، بل تعداه إلى المعسكر الشرقي الذي تقوده روسيا، لاستكمال عملية إيصال قضية شعب الجنوب إلى أعلى مواقع صناعة القرار الدولي (شرقاً وغرباً).
وبحسب وسائل إعلام، تبرز موسكو كطرف دولي قادر على لعب دور سياسي متوازن، بحكم علاقاتها الجيدة مع كافة الأطراف اليمنية، بما فيها المجلس الانتقالي الجنوبي، والحوثيين، وحكومة مجلس القيادة الرئاسي، والفاعلين الإقليميين والدوليين.
زيارة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي الرسمية إلى موسكو، ولقائه بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تعكس هذا الانفتاح الروسي على الجنوب، وحرص موسكو على أن يكون المجلس الانتقالي حاضراً في أي تسوية سياسية قادمة، باعتباره ممثلًا لقضية وطنية محورية وهي القضية الجنوبية.
الجانب الروسي، بحسب المصادر، أكد خلال اللقاء، وفق ما نُقل رسميًا، أن موسكو تبذل كل الجهود للدفع بعملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة، تدعو كل الأطراف اليمنية للجلوس إلى طاولة واحدة، بهدف التوصل إلى حلول توافقية تنهي الحرب وتخفف معاناة الشعب اليمني.
الموقف الروسي، بحسب تحليلات المصدر الإعلامي، يحمل مؤشرات مهمة:
أهمها قبول روسي بواقع التعدد في الساحة اليمنية، وعدم الانحياز لطرف على حساب آخر، بخلاف بعض القوى الإقليمية التي تفرض مقارباتها وفق أجنداتها. وإدراك روسي لخصوصية القضية الجنوبية، وهو ما بدا واضحاً في استقبال موسكو الرسمي للقائد الزُبيدي، واعترافها الضمني بتمثيله لطرف رئيسي في المعادلة السياسية. وكذا رغبة موسكو في العودة إلى دورها التقليدي في جنوب اليمن، بالنظر إلى العلاقات التاريخية التي ربطت الجنوب بالاتحاد السوفيتي سابقاً.
وفي ظل إخفاق الرباعية الدولية، فإن روسيا قد تمثل بديلاً موضوعياً، أو على الأقل وسيطًا محايدًا يدفع نحو سلام شامل لا يقصي أي مكون رئيسي، وعلى رأسهم الجنوبيون الذين باتوا اليوم أصحاب القرار على أرضهم.
ختاماً..
هل تستفيد المكونات الجنوبية من الانفتاح الروسي، ومن التوسيع المضطرد لشبكة العلاقات الدولية-الجنوبية، الهادفة في مجملها إلى حشد وتوحيد الجهود للحصول على دعم دولي (شرقي-غربي) مكتمل الأركان، لحق شعب الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته؟
