الأطفال فاقدو السند الأسري.. ضحية ذنب لم يقترفوه

سمانيوز-شقائق/ تقرير
الأطفال فاقدو الأبوين (الأيتام) أو مجهولو الأبوين (اللقيط) أو من يتخلى عنهم أبويهم، هم أولئك الأطفال الذين يطلق عليهم “فاقدو السند الأسري”، وغالباً ما يتربون ضمن جمعيات خيرية تتكفل وتعتني بهم، أو ضمن عائلات تحتويهم وترعاهم، أو يتم الحاقهم ضمن مراكز للشباب والـطفولة للتكفل بهم وإدماجهم في المجتمع إلى أن يتم زوال حالة التهديد عندما يبلغون سن الرشد، حينها تبدأ معاناتهم مع المجتمع بين القبول والرفض.
يمرون بمرحلتين (شفقة ورحمة بمراحل الطفولة وتنمر وألم لا ينتهي في المستقبل والعيش طول العمر رهينة ذنب لم يقترفوه).
فعقب أن يبلغ فاقدو السند الأسري سن البلوغ يتم اخبارهم بالحقيقة بأنهم مجهولو الهوية مجهولو الأبوين، لا أحد يعلم شيئاً عن أبويهم أو أسرتهم أو نسبهم، فيتمنى أحدهم حينها لو أنه عاش حياته كلها طفلاً لا يعلم شيئاً عن حقيقته.
يدفعون ثمن ذنب لم يقترفوه
بحسب دراسات، يواجه الأطفال فاقدو السند الأسري العديد من التحديات، أهمها صعوبة الحصول على التعليم، وتدني المستوى المعيشي والحرمان من أغلب متطلبات الحياة، خصوصًا بمرحلة الاندماج في المجتمع دون سند.
وتعتبر إدارة الوقت والمسؤولية والانضباط من بين التحديات الرئيسية التي يواجهها الأطفال فاقدو السند الأسري في الحصول على التعليم، فيحتاج الطفل إلى وجود شخص يشرف عليه يرشده ويساعده في تنظيم وقته وأولوياته واتخاذ القرارات، ويشجعه دائماً على الانضباط والنجاح، وفي نفس الوقت يساعده على تصويب أخطائه. وقد يؤدي عدم وجود الدعم اللازم لهؤلاء الأطفال إلى انخفاض معدلات الحضور المدرسي والسير في طرق الانحراف الخطيرة.
صعوبة إثبات النسب وتبعاته
وبحسب موقع (جمعیة قرى الأطفال الأردنیة)، تضع قضية إثبات نسب فاقدي السند الأسري الكثير من التحديات التي تؤثر على تمكينهم واندماجهم في المجتمع، حيث تشمل ما يلي:
– صعوبة الحصول على فرص عمل:
يواجه فاقدو السند الأسري صعوبات في الحصول على فرص العمل، بسبب ضعف ثقة صاحب العمل في هويتهم، حيث تحتاج بعض الوظائف أو الفرص العملية إلى تقديم وثائق نسب صحيحة للحصول على الفرص المتاحة.
– القيود المالية:
قد يتعرض الأطفال فاقدو السند الأسري لقيود مالية، لعدم وجود شخص مقرب أو من عائلته يدعمه مادياً
– نظرة المجتمع:
قد تواجه هذه الفئة من الأشخاص تحديات اجتماعية وتمييز في المجتمع، مما يؤثر على ثقتهم الذاتية واندماجهم في المجتمع.
– فقدان الهوية الشخصية:
يواجه فاقدو السند الأسري صعوبة في تحديد هويتهم ومعرفة أصلهم الحقيقي، لذلك من الوارد شعورهم بالغربة والفقدان والتشوش والرغبة بالانعزال.
– الحقوق القانونية:
قد يكون لدى فاقدي السند الأسري صعوبة في الوصول إلى حقوقهم القانونية الأساسية، مثل حق الإرث والميراث والرعاية الصحية والتعليم وغيرها. وقد يواجهون تحديات في الحصول على الخدمات الحكومية والدعم الاجتماعي بسبب عدم وجود وثائق تثبت هويتهم ونسبهم.
– التمييز والاستبعاد:
قد يتعرضون للتمييز والتنمر والاستبعاد في المجتمع. يمكن أن يتعرضوا للنظرة السلبية والتمييز في الوظائف والتعليم والزواج وغيرها من جوانب الحياة الاجتماعية.
– العواطف والعلاقات العائلية:
تؤثر قضية إثبات النسب لفاقدي السند الأسري على العواطف والعلاقات العائلية. قد يواجهون صعوبة في تطوير علاقات قوية مع أفراد أسرهم والشعور بالانتماء العائلي.
الحماية والمساعدة على اثبات النسب
وبحسب المصدر، تلعب الجمعيات والمؤسسات غير الحكومية دورًا حيويًا في حماية حقوق فاقدي السند الأسري ومساعدتهم على إثبات نسبهم، من خلال تقديم الدعم والمساعدة لهم في العديد من الجوانب، بما في ذلك:
– تبسيط الإجراءات:
يجب تسهيل إجراءات إثبات النسب وتوثيق السند الأسري. ينبغي تقديم دعم قانوني وإداري للأفراد الذين يعانون من هذه المشكلة، بما في ذلك تبسيط وتسريع الإجراءات القانونية التي تمتد لسنوات، وتوفير المساعدة اللازمة للحصول على الوثائق الرسمية.
– التوعية والتثقيف:
يمكن للجمعيات تعزيز الوعي العام بحقوق فاقدي السند الأسري والتحديات التي يواجهونها. يمكنها تنظيم حملات توعوية ونشر المعلومات الصحيحة للمساعدة في تغيير نظرة المجتمع وتقبله لهذه الفئة.
– الدعم القانوني:
يمكن للجمعيات تقديم المشورة القانونية والدعم القانوني لتلك الفئة، لمساعدتهم في إثبات نسبهم والتصدي لأي انتهاكات يتعرضون لها.
– الدعم الاجتماعي والنفسي:
يمكن للجمعيات تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي لمساعدتهم على التغلب على التحديات النفسية والاجتماعية التي يواجهونها. يمكنها توفير برامج الدعم النفسي وورش العمل لتدريبهم على كيفية التصدي لأي إساءة ممكن أن يتعرضوا لها، وعلى كيفية التفكير بطريقة سليمة وإيجابية ترفع من ثقتهم بأنفسهم وتحفزهم للنجاح والمضي قدماً في حياتهم.
– التوجيه والمساعدة:
يمكن للجمعيات تقديم التوجيه والمساعدة، وبالأخص تسريع إجراءات إثبات النسب الطويلة والمطالبات القانونية المتعلقة بها.
باختصار، تلعب الجمعيات والمؤسسات الخيرية دورًا هاماً جداً في حماية حقوق فاقدي السند الأسري ومساعدتهم على إثبات نسبهم، حيث تساهم هذه الجمعيات في تعزيز العدالة والتكافؤ لتلك الفئة المظلومة وتمكينهم من الحصول على حقوقهم المشروعة. إلا أنّ هذه القضية تتطلب تدخلًا شاملاً من الجهات المختلفة بما في ذلك الحكومة والمؤسسات القانونية والمجتمع المدني.
من خلال تبني هذه الإجراءات، يمكن للمجتمع بأكمله أن يعمل معًا لحماية حقوق فاقدي السند الأسري، وتقديم الدعم اللازم لهم لإثبات نسبهم وتحقيق العدالة والمساواة في المجتمع.
هيئات حكومية وغير حكومية ملزومة برعايتهم
على ضوء قوانين منظمة حقوق الإنسان الدولية والأمم المتحدة، تلتزم جميع المؤسسات والجمعيات الخيرية المعنية ببعض الاقطار العربية بتقديم خدمات الرعاية البديلة لفاقدي السند الأسري (الأيتام ومجهولي النسب)، وغيرها من المؤسسات الحكومية والخاصة إنفاذًا لقوانين وإجراءات حماية حقوق الإنسان وحقوق الطفل.
إلا أنّ حق إثبات النسب هو أحد أبسط حقوق الإنسان وأساسيته تتجاوز الأبعاد القانونية، ليشمل العديد من الجوانب الاجتماعية والنفسية والثقافية.
وإثبات النسب معناه توثيق وتأكيد صلة الشخص بأسرته البيولوجية وتأكيد هويته الأصلية. يعتبر هذا الحق أساسيًا لأنه يؤثر على حقوق الفرد في الهوية والانتماء والميراث والرعاية الصحية والتعليم.
ووفقاً لقانون الأحوال الشخصية ببعض الدول العربية، يحق لأي شخص يشك في نسبه أو يدعي عدم انتسابه الطعن في النسب ومطالبة المحكمة بإثبات النسب. ويتم تنظيم هذه الإجراءات وفقًا للقواعد القانونية والإجراءات المنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية، وبالتالي يتم منح كل مواطن حق التقدم بطلب لإثبات نسبه إذا كان هناك شك في نسبه أو انتسابه.
ويوفر قانون الأحوال الشخصية، آنف الذكر، آليات قانونية لتوثيق النسب وتأكيدها، مثل طلب توثيق النسب لدى المحاكم أو الجهات القانونية المختصة. وبفضل هذه الإجراءات، يمكن لفاقدي السند الأسري أن يستفيدوا من الحماية القانونية ويثبتوا نسبهم بشكل رسمي.
ختامًا..
ليس بأيدي فاقدي السند الأسري أن خلقوا هكذا (مجهولي الهوية)، ولا ينبغي على المجتمع أن يعاقبهم على ذنب لم يقترفوه.