مقالات

الواقع يفرض الخيارات الصعبة

كتب :
نصر هرهرة

الجنوب مازال يُدار من قبل مجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة اليمنية (حكومة المناصفة ) المعترف بها دوليا وهذه الحكومة تعلن أنها تعمل على استعادة المركز القانوني والمالي والسياسي للدولة في صنعاء من خلال العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، وهذا الهدف يتصادم مع شعار بناء مؤسسات الدولة في عدن، بل ويعيق ذلك كون الحكومة تعتبر نفسها مؤقتة في عدن، أما الوضع المعيشي والخدمي في الشمال والجنوب في أسوأ حالاته بسبب الأزمة الاقتصادية التي خلفتها الحرب ، فموارد البلد تغطي 25% من ميزانية الدولة فقط والبنية التحتية للخدمات منهارة بسبب هشاشتها وضعفها قبل الحرب إضافة إلى مترتبات الحرب عليها وهناك فساد واضح ينخر في الاقتصاد والخدمات وضعف أداء الحكومة ومجلس القيادة ، وفي ظل الاحتياجات الملحة المعيشية والخدمية فقد وجدت بعض القوى السياسية الانتهازية والغير شريفة فرصة في ذلك للابتزاز السياسي للقوى السياسية المنحازة إلى صفوف الشعب ومطالبه ، بل وتهدف إلى مقايضة الشعب بين معيشته وخدماته وبين إرادته السياسية وتطلعاته المشروعة، هذه هي الأسباب الحقيقية لتدهور الأوضاع المعيشية والخدمية

المجلس الانتقالي كحامل سياسي لقضية فشل مشروع الوحدة يصارع اليوم من أجل استعادة الدولة وبعد استعادتها بتوافق الجنوبيين على إدارتها ، وهو يناضل من أجل استعادة الدولة ، فإن ذلك يتطلب أن يمتلك عناصر قوة وعوامل نجاح تساعده على استعادة الدولة ومنها قوات عسكرية وأمنية جنوبية ووحدة الصف الجنوبي على مبدأ التصالح والتسامح ، وخلق علاقات مع دول الإقليم والعالم ومحاولة الإمساك بالقرار السيادي وتطوير مؤسسات الدولة وتحقيق الثنائية بين الجنوب والشمال والمشاركة في العملية السياسية بإطار خاص بقضية شعب الجنوب ويتضح من هذا أن المجلس الانتقالي يطور مؤسسات عسكرية وأمنية جنوبية تحت إدارته ومكافحة الإرهاب وحماية شعب الجنوب وحماية حدود الجنوب ، وفي نفس الوقت يعمل على إعادة تأهيل الموسسات الاقتصادية والخدمية الجنوبية والحفاظ على مستوى معقول في الحياة المعيشية والخدمية لشعب الجنوب في هذه المرحلة الصعبة وفي ظل الأزمة الاقتصادية وتدهور الخدمات التي أشرنا إليها آنفاً. ويبرز أمامنا سؤال يتكرر كثيرا، لماذا يشارك المجلس الانتقالي في الحكومة اليمنية وهو يعمل على استعادة الدولة الجنوبية من قبضة هذه الحكومة ؟

للإجابة على هذا السؤال فقد كان أمام المجلس الانتقالي ثلاثة خيارات هي ..

1_ المشاركة في الحكومة اليمنية

2_ فرض أمر واقع على أرض الجنوب

3_ أن يشكل معارضة للحكومة اليمنية.

فإذا اختار الخيار الثاني فرض أمر واقع على أرض الجنوب فإن الإقليم والعالم يعتبر ذلك تمردا على الشرعية أو الانقلاب عليها ويكون في حالة تصادم مع الكل ثم هل كان بالإمكان إدارة الأوضاع بنجاح ونقلها إلى الأفضل في ظل الصدام مع الكل ؟ والأكيد أن في هذا الخيار إيجابيات وسلبيات لكن الجانب السلبي هو الغالب.

أما الخيار الثالث وهو تكوين معارضة للحكومة اليمنية ، ففي ذلك صدام وشد وجذب وإذا فرضنا أسقط الحكومة فإن بإمكانهم تشكيل حكومة أخرى ، وهكذا يستمر الصراع وسوف تزداد الأوضاع سوءاً وتثقل كاهل الناس.

أما الخيار الأول ففيه مخاطر منها أن هذه الشراكة تجعل الناس تنظر إلى الانتقالي بأنه شريك في الفساد وتعذيب الناس وهناك سؤال يطرح نفسه كيف للانتقالي أن يعمل على الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية من الدولة اليمنية ، وهو يشارك في حكومتها ومجلس القيادة الرئاسي اليمني، كما يطرح البعض أن اشتراك الانتقالي في الحكومة ومجلس القيادة يقيده ويكبح نضاله من أجل استعادة الدولة الجنوبية وفي الحقيقة هذه اسئلة وقلق مشروع ، لكن مشاركة المجلس الانتقالي هذه منحته شرعية خارجية وشرعية لقواته ولتحركاته الداخلية والخارجية، ثم أن وجوده في الحكومة ساعد إلى حد ما في الرقابة والمشاركة على إدارة الموارد وعدم تدهور الأوضاع أكثر مما هي عليه اليوم. كما جعلته شريكا في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وبإطار خاص لقضية شعب الجنوب ، وتمكن من حمل قضية شعب الجنوب إلى مختلف الأروقة السياسية الإقليميّة والدولية.

وهذه الشراكة هي آنية أي مرحلية وليست استراتيجية

لكن هذه الشراكة لم تجعل الطريق أمام الانتقالي معبدا لاستعادة الدولة الجنوبية فهناك بالتأكيد عراقيل وصعوبات كثيرة يتطلب من الجميع مساندة المجلس الانتقالي وأن يكون عونا له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى