قراءة نقدية في مبادرة المستشار أحمد الوالي بشأن السلام في اليمن
كتب:
المستشار/ عبد الرحمن المسيبلي
لفت نظري ما ورد في مبادرة المستشار أحمد عبد الله الوالي بشأن السلام في اليمن، والتي بحسب قوله “لقيت استحسانًا ورواجًا كبيرين” من قبل المنظمات الدولية. وقد أورد في مبادرته ثلاث خطوات من شأنها إنهاء الصراع بالطرق السلمية، مشيرًا إلى أن تلك الخطوات منصوص عليها في ما أسماه القرار الدولي رقم 61 لعام 1969م، مسقطًا بنوده على اتفاقية الوحدة اليمنية.
وأكد أنه فيما إذا طُبقت تلك البنود الثلاثة فإنه من السهولة أن تُحل قضية استعادة دولة الجنوب.
وبشأنه نقول إن مثل هذا الطرح ليس دقيقًا، فليس هناك قرار منبثق من ميثاق الأمم المتحدة يتعلق بحل خلافات الوحدة بين الدول، ولا يوجد أصلًا قانون دولي برقم 61 لعام 1969م، وبالتالي لا وجود للثلاث خطوات التي أوردها المستشار الوالي في مبادرته.
وتلخيصًا لتلك الخطوات الثلاث فهي: أولًا أن يعترف مجلس الأمن بالدولة المتحدة الجديدة، ثانيًا أن تُعرض خلافات طرفي الدولة المتحدة على مجلس الأمن، ثالثًا أن تُلغى اتفاقية الوحدة حال نشوب الحرب بين أطرافها، وتعود كل دولة إلى سابق عهدها.
هذه الخطوات الثلاث لحل خلافات الوحدة بين الدول، إن وجدت في الشرعية الدولية في إطار اتفاقية أو قرار أو حتى فتوى دولية -وهذا ما نتمناه- لكنا قد تمسكنا بتلك الشرعية الدولية وطالبنا اليوم قبل غدٍ بتنفيذها، بل كنا منذ عام 1994م قد استعدنا دولتنا الجنوبية بقوة القانون والشرعية الدولية.
وللتذكير، فقد سبق أن تم الحديث في وسائل التواصل الاجتماعي قبل ثلاثة أعوام حول نفس الفكرة مع ذكر نفس الخطوات التي كررها المستشار الوالي في مبادرته، وقد كان لنا توضيح بشأنها أشرنا فيه إلى أن ما سمي قرار رقم 61، ما هو إلا رقم للمادة 61 من اتفاقية فيينا لعام 1969م بشأن قانون المعاهدات.
هذه الاتفاقية تبين أحكام إبرام الدول للمعاهدات والاتفاقيات الدولية، أكانت جماعية أو ثنائية، مع تمتع كل دولة باستقلالية كيانها وسيادتها، مع منح الحق لكل دولة طرف الانسحاب من تلك الاتفاقية.
كما أن مادتها الـ61 لا تتضمن تلك الخطوات الثلاث التي ذكرتها مبادرة المستشار الوالي، وبحسب علمي لا توجد حتى الآن مثل تلك الخطوات في أي اتفاقية دولية.
وحسمًا للموضوع، فإنه في إطار مساعينا لاستعادة دولتنا الجنوبية فمن المهم ألا نعول كثيرًا على القرارات الدولية -بالرغم من أنها لصالحنا- ولكن في ظل المصالح الدولية وغياب العدالة فإن هناك محاذير غير آمنة نحن في غنى عن اللجوء إليها.
مقابل ذلك، فإنه يمكننا أن نعول على تمسكنا بمشروعيتنا الوطنية المتمثلة بالإرادة الشعبية وحقنا في العيش على أرضنا وأرض أجدادنا والتمسك بهويتنا الجنوبية وحضارتنا وتاريخنا، علاوة على إيماننا بمشروعية الحق والعدالة والإنصاف المستمدة من جميع الشرائع الوطنية والقانونية والسماوية.
وهنا أشير إلى أن ما يتبناه الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي من سياسة وما ينتهجه من مساعٍ لاستعادة دولة الجنوب هي سياسة حكيمة وحصيفة وناجحة، كونها تتمثل في توفير الظروف الذاتية والموضوعية الضامنة لاستعادة دولة شعب الجنوب. وتكمن الظروف الذاتية في الثبات على الأرض والدفاع عن حدودها وحفظ أمنها، وبناء مؤسسات الدولة الجنوبية القادمة ووضع تشريعاتها ورسم توجهات ومنهجية سياستها ونظامها الديمقراطي والاقتصادي، أما الظروف الموضوعية فتتمثل في وجودنا كجنوبيين في شراكة مؤقتة مع حكومة الشرعية اليمنية، وتوطيد روابط المصالح والأهداف المشتركة مع دول التحالف العربي، وإيجاد لوبي من الدول ذات الثقل السياسي يقف إلى جانب حق شعبنا في استعادة دولته، ومن جانب آخر المشاركة في مفاوضات الحل السياسي والدخول إليها في إطار تفاوضي خاص بقضية شعب الجنوب، يفضي إلى الاتفاق على استعادة كل طرف دولته بالطرق السلمية.
16 نوفمبر 2024م.