مقالات

عدن قوية بقوة شعب الجنوب وتلاحمه..!

كتب:
محامي/ جسار مكاوي

ردًا على ما يتم تداوله في منشور أقل ما يُوصف بالمبتذل جدًا والخطير الذي يسعى إلى زرع بذور التنافر ويجعل من الانقسام داخل المجتمع الجنوبي عقيدة مستمرة، نؤكد أن عدن وأهلها، كغيرها من مدن الجنوب، لا يمكن أن تكون أداة للتفرقة أو ورقة تُستخدم في محاولات تشويه الحقيقة.

نحن في عدن، مثلنا مثل أهلنا في حضرموت وشبوة وأبين، ندرك أن قوة الجنوب تكمن في وحدته، وأن تبادل الاتهامات والتصريحات التي تشحن النفوس لن يؤدي إلا إلى تعميق الهوة بيننا.

الأرض الجنوبية والإنسان الجنوبي يحفظ شيم أخيه وقيمه، ويعرف معنى النخوة والتكاتف، ولن تكون محنة عدن بابًا لاستغلال معاناة أهلها أو مدخلًا لإظهارها بمظهر الضعف والتوسل، وكأننا في صراع مع إخوتنا في حضرموت الجنوب الحبيبة.

إن أزمة الكهرباء في عدن ليست مجرد مشكلة فنية أو عجزًا طارئًا في الوقود، بل هي نتيجة طبيعية لسياسات الفشل المتراكمة، وانعدام التخطيط، وغياب المسؤولية الحقيقية.

وهذه ليست مسؤولية يُلقى بها على كاهل أفراد أو جهات خارج إطار الدولة، بل هي التزام قانوني أصيل يقع على عاتق الحكومة وأجهزتها المختصة، بوصفها الجهة المخوّلة بحماية المصلحة العامة، وضمان استمرار الخدمات الأساسية التي لا غنى عنها لحياة المواطنين.

إن الحق في الحصول على الكهرباء والمياه والخدمات العامة هو حق أصيل، وليس منّة أو تكرّمًا من أحد. وفقًا للقوانين الدولية، والعهود والمواثيق المتعلقة بالحقوق الأساسية، فإن توفير هذه الخدمات هو واجب الدولة تجاه مواطنيها، وأي إخلال بهذه المسؤولية يعد انتهاكًا صريحًا لمبادئ الحكم الرشيد، وإخلالًا بالعقد الاجتماعي الذي يربط بين الحكومة والشعب.

عدن اليوم ليست في مواجهة مع حضرموت أو أي جزء آخر من الجنوب، بل هي في مواجهة مع سياسة الفشل التي جعلت من أبسط الحقوق الإنسانية موضع مناقشة، وأبسط الخدمات الحيوية مرهونة بقرارات مزاجية.

نحن أبناء عدن، كما كنا دائمًا، نؤمن بأن الجنوب وحدة واحدة، وأن المصير المشترك هو الذي يجمعنا، وأن أي محاولة لتفريقنا أو لتقسيم حقوقنا تحت أي مسمى كانت مرفوضة جملة وتفصيلًا.

لن نقبل أن تُختزل معاناة أهلنا في عدن إلى مجرد طلب مساعدة، ولا أن يُنظر إليهم على أنهم مجرد متسولين للحصول على الكهرباء، وهي حقهم.

نحن ندعو الحكومة وكل المعنيين إلى الارتقاء إلى مستوى المسؤولية التاريخية، وتوفير أبسط متطلبات الحياة لأبناء الجنوب، والتعامل مع هذه الأزمات بما يليق بمكانة عدن وأهلها، لا بما يضعها في خانة الحاجة والضعف.

إن الجنوب كله جسد واحد، ولن يكون بعضه في النور وبعضه الآخر في الظلام.ش

حق الحياة الكريمة هو حق ثابت، لا يُستجدى، ولا يُمنح، بل يجب أن يُصان ويُحترم. من لا يعترف بوحدة الجنوب وتكامله، ليس منّا، ومن لا يسعى لبناء جسر من التعاون والاحترام بين أبناء الجنوب، فقد حاد عن الطريق الذي نسعى لتحقيقه جميعًا.

الجنوب يجب أن يكون واحدًا في كل شيء، في أفراحه وأتراحه، في صعوباته وانتصاراته، ولن نسمح لأي طرف أن يُقسمنا، أو أن يُشعل بيننا نيران الفتنة والتفرقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى