مقالات

حضرموت والجنوب

كتب: وضاح الأحمدي

الحضور الشعبي غير المسبوق لأبناء حضرموت في فعاليات إحياء الذكرى التاسعة للتحرير، أظهرت الإرتباط المتجذرلـ”الحضارم” بوطنيتهم الجنوبية، ومدى وعيهم بأهمية “الوحدة الوطنية الجنوبية” التي كان أبناء حضرموت ـ من الرعيل الأول ـ أهم روادها وقدموا ازاءها تضحيات كبيرة، نابعة عن “قناعة أصيلة” مبنية على فهم عميق لمتطلبات “المشاريع الوطنية الكبيرة” التي لا يمكن لها أن تتحقق دون وجود هذه “السعة” في التفكير والرؤية المستقبلية.

والحقيقة أن هذا الزخم الشعبي الحضرمي لم يأتي بفعل تأثير عاطفي أو إنجرار عفوي خلف شعارات وطنية أو قومية، إنما عن قناعة مبنية على معرفة دقيقة بشروط العصر الحديث في بناء الدولة الوطنية القوية والمتطورة والقادرة على المضي قدمًا بسرعة وثبات، وهي الشروط التي كان المجلس الإنتقالي الجنوبي قد عمل على توفيرها منذ تأسيسه عندما أعلن إختياره “الفيدرالية ” نظامًا سياسيًا لمستقبل الوطن الجنوبي، وما تلى ذلك من جهود حثيثة للمصالحة الوطنية ومساعٍ أخرى تصب في ذات البوتقة.

انه لمن الإنصاف التأكيد على “مصداقية” نوايا المجلس الإنتقالي في جعل الفيدرالية هي النظام السياسي لمستقبل الوطن الجنوبي، ومنح حضرموت “الخصوصية السياسية” التي تستحقها، بناءً على حالة النضج السياسي المتشكل لديه نتيجة القراءة الأمينة والواقعية للمراحل السياسية التي شهدها الجنوب خصوصًا في فترة ما بعد الوحدة اليمنية، الأمر الذي أوجد قناعة تامة بضرورة الذهاب الى شكل سياسي حديث يضمن بقاء الوحدة الوطنية من خلال التقسيم العادل للسلطة والثروة، وهو النظام السياسي الأحدث والمعمول به في دول عالمية وحقق نتائج ايجابية.

وحري بنا التنويه وبمصداقية الى القناعات الشعبية ” الأنانية ” التي كانت قد تشكلت لدى المجتمع الحضرمي في فترة ما بعد الوحدة اليمنية، كنتاج طبيعي لسياسة الإستقواء والضم والإلحاق وعدم التقدير لـ”خصوصية” هذه المنطقة المهمة في الخارطة الوطنية، إضافة الى الإشتغالات الإعلامية المكثفة والمتواصلة للأطراف السياسية المعادية للمجلس الإنتقالي، التي سعت وباستماتة لـ” تفريخ ” القضية الوطنية الجنوبية، ومحق أي منجز سياسي تحقق الى الآن، وعلى نحو مجنون وغير مسؤول البتة، لولا الوعي الحضرمي الناضج الذي أدرك وبسرعة خطورة المغبة التي يُقاد اليها، من خلال مساعي إخراج حضرموت عن عمقها الجنوبي، ووضعها في مسار مستقبلي غير آمن أو محمود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى