مقالات

استعادة هوية الجنوب ودولته مطلب شعبي لا تراجع عنه

كتب / نوال أحمد

في خضم الفوضى والألم، حيث تعاني الأرض تحت وطأة الأحقاد والأحداث المؤلمة، يطرح أبناء الجنوب تساؤلات ملحة حول مستقبلهم وهويتهم التي بدأت تتلاشى وسط زخم الأزمات السياسية والاقتصادية. من هنا، تبرز دعوة ضرورة التفكير في خيار الدولتين، الخيار الذي يمنح لكل طرف هويته التاريخية، ويحرره من قيود سنوات الشتات والصراع.

ان الوحدة اليمنية وحدة صارت كابوس على أبناء شعب الجنوب، حيث طغت الانقسامات والصراعات وذلك ، بسبب المصالح الخاصة في المقدمة، ليصبح الجنوب رواية منسية تُقتلع جذورها من ترابها، وتُحرم من ثرواتها التي أُهدرت لصالح أهداف ضيقة.

أليس من العدل أن يبقى أبناء الجنوب مُقيدين في دوامة انقسام لا تنتهي، دون فرصة للتفكر في خيار دولتين؟ إن العودة إلى هويتنا كجنوبين يجب أن تُعتبر حقًّا مشروعًا، فقد عانينا ويلات الاضطهاد والتهميش، وواجهنا أعباء الحرب والنفي. نعلم جميعًا أن الوحدة المفروضة بالقوة لن تلبي تطلعات أبناء الجنوب في القلوب والعقول.

إن الاعتراف بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم هو دعوة للسلام، للخروج من دائرة الصراعات التي جلبت لنا الدمار أن نحن بحاجة إلى دولة تُعبر عن طموحاتنا وآمالنا، تُعيد إلينا كرامتنا، وتفتح لنا آفاقًا جديدة للبناء والازدهار.

لكن كيف يمكننا أن نخطو نحو الاستقلال دون ضمانات دولية تحمي حقوقنا وتربط استقرارنا؟ إن تدخل المجتمع الدولي ليس فرضًا للحلول، بل هو فتح قنوات حوار صادق يُفضي إلى سلام دائم بين الأطراف المتنازعة. يتطلب الأمر آلية دولية تدعم خيار الدولتين، مما يسمح لكل طرف بالتفاعل والتطور بعيدًا عن الضغوط.

لقد عانت أرض الجنوب تاريخيًا من احتلال مضمر، وكأن فترة الوحدة لم تكن إلا استعمارًا مقنعًا، حيث استُنفدت السياسات التهميشية، وجرد أبناء الجنوب من حقوقهم وتطلعاتهم نحن لا نتوق إلى مجرد الوجود كجزء من كيان يتجاهل صوتنا، بل نسعى نحو دولتنا المستقلة التي تعبر عن روحنا وهويتنا الأصيلة.

وان المجلس الانتقالي الجنوبي، حاملاً راية قضيتنا، ينادي اليوم بالتغيير فهل آن الأوان لقرار أممي يمنح شعب الجنوب حق إقامة بناء دولة الجنوب كما كانت قبل عام 1990؟

المستقبل يحتاج منا إلى رؤية جديدة، وعزيمة مستمدة من أواصر المحبة والتآلف بين أبناء الجنوب. فعلينا أن ننظر إلى خياراتنا بواقعية، وأن نتبنى طرق التعاون والفهم لبناء وطن يضمن الحقوق للجميع.

وفي ختام هذا المقال، دعونا نطمح إلى بناء دولة تصنع تاريخًا جديدًا، لا لتفتيت الأحلام، بل لتحقيق تطلعات أبناء الأرض الواحدة التي عانت من كوابيس الحروب. الصورة التي نبنيها اليوم ستكون مرآة لمستقبل مشرق، حيث يعبر الجنوبيون عن أنفسهم بكرامة، ويعيش الجميع في سلام ووئام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى