إنقاذ الوضع المعيشي والخدمي ضرورة عاجلة… مساعدة ابن بريك

كتب:
اللواء/ علي حسن زكي
خلال عشرة أعوام تقريبًا، توالى على رئاسة الحكومة أربعة: بحاح – ابن دغر – معين – ابن مبارك، وفي عهد كلٍّ منهم تسوء الأوضاع وتزداد معاناة الناس صعوبة، يتصاعد سعر الدولار وتهبط قيمة العملة المحلية الشرائية، وترتفع الأسعار، وتنهار الخدمات العامة وفي مقدمتها خدمة الكهرباء والماء وغيرها من الخدمات الاجتماعية الأخرى المرتبطة بحياتهم، مما أوصلهم إلى كارثة المجاعة.
لا شك أن هناك جملة من العوامل والأسباب الموضوعية منها والذاتية، والحسابات السياسية أيضًا، تقف وراء كل ذلك، تستهدف في محصلتها مكانة الانتقالي في الجنوب، وتفكيك حاضنته الشعبية، ومعاقبة الناس نكاية به، وماذا عمل لكم الانتقالي!
من تلك العوامل والأسباب برأينا:
١- إن الاختيار لرئيس وأعضاء الحكومة بشكل عام يتم بحسابات سياسية تستهدف أيضًا إضعاف أداء الحكومة الذي ينعكس بصورة مباشرة على حياة الناس ومعيشتهم وخدماتهم الاجتماعية. يتم ذلك بمعايير الشراكة والتمثيل والمحاصصة، لا بمعايير المؤهل – التخصص – الخبرة والكفاءة والتجربة وتوافر القدرات القيادية، إلا من رحم ربي.
٢- إن معادلة الجنوب في الشراكة – بما هي شراكة فاشلة – معادلة مختلة: مناصفة شكلاً ومرابعة (الربع) موضوعًا، لاسيما وأن بعض من يأتون باسم تمثيل الجنوب هم في حقيقتهم ممثلون لأحزابهم وليسوا للجنوب.
إن ذلك يستوجب تقويم معادلة مختلة، هكذا يستوعب مكانة وأهمية الجنوب الجيوسياسية والاقتصادية وبيئته المدنية والثقافية الطاردة للإرهاب والتطرف، والعمل في إطار شراكة حقيقية وفاعلة، وتمثيل ومحاصصة عادلة، ومساعدة رئيس الحكومة الحالية ابن بريك في إنجاح مهمته، وبما يضمن حق أبناء شعب الجنوب في الوقت الراهن في الحصول على مقومات ومتطلبات الحياة والعيش الكريم.
٣- إن العبث والفساد بالمال العام قد صارا سيدا المشهد، تنمرت تماسيحه وطالت أيادي ومخالب هواميره جسد المال العام، وربما يكون الصمت عليه، طالما لم نرَ فاسدًا قد مَثُلَ أمام القضاء، رغم تقديم الجهاز المركزي لمراجعة الحسابات تقارير بقضايا فساد.
ربما يكون ذلك قد ساعده – العبث والفساد – على الانتشار والتمدد.
٤- إن اعتداءات الحوثي العسكرية على موانئ تصدير النفط والغاز في شبوة وحضرموت، وسفن الشحن البحري التي تنقله إلى الأسواق الخارجية، قد حرمت خزينة الدولة من عائدات أهم مورد اقتصادي وسيادي.
كذلك اعتداءاته العسكرية على ممرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، وعلى سفن النقل التجارية التي تأتي بالبضائع من السوق الخارجية إلى ميناء عدن للسوق المحلية ولإعادة التصدير، قد أضعفت نشاط ميناء عدن وحرمت خزينة الدولة من عائداته المالية ومن الضرائب الجمركية أيضًا، فضلًا عن آثار وتداعيات كارثة حرب عام ١٩٩٤م الاحتلالية الغاشمة وما تلاها.
٥- إن انتشار محلات الصرافة بصورة غير مسبوقة، كذلك ما يتم تداوله عن تسرّب الدولار إلى المناطق الشمالية من خلال شرائه من قِبَل الباعة الشماليين الذين يأتون بالخضار والفواكه والقات إلى مناطق الجنوب، بسبب أن الطبعة الجديدة من العملة المحلية التي يتم تداولها في الجنوب لا يتم التعامل بها في مناطق سيطرة الحوثي، إن ذلك قد أسهم أيضًا في ارتفاع قيمة الدولار وتدهور قيمة العملة المحلية بهذا القدر أو ذاك.
في ظل أوضاع كهذه، بعواملها وأسبابها، يأتي تعيين ابن بريك رئيسًا للحكومة.
ولذا، فمهما كانت كفاءاته وقدراته وعلاقاته بالمؤسسات المالية الدولية، فإنه أمام إرث عميق من العبث والفساد، وتركة مثقلة بالعوامل والأسباب التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه.
أمام ذلك، لا يمتلك عصًا سحرية لتجاوزها، ولإنجاح مهمته يحتاج إلى مساعدة وتدخل عاجل من دول الرباعية الدولية: السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا، لإنقاذ الوضع المعيشي والخدمي، وفي البدء دفع المرتبات، وإعادة خدمة الكهرباء، وعقلنة أسعار الصرف والارتفاعات السعرية، ومعالجة أهم الاختلالات كأولوية.
وفي كل الأحوال، الرجل يحتاج إلى مساعدة لإنجاح مهمته، فالوضع صعب ومعقد، والتحديات كبيرة… والتفاؤل خيرًا.