مقالات

جيل الشباب في مضيق الخطر.. الظواهر والأسباب

كتب:
اللواء/ علي حسن زكي

إن جيل الشباب واقعون في قلب معاناة أسرهم التي باتت تعاني من ضائقة معيشية وخدمية لم يألفوا مثيلاً لها من قبل، وبسبب ذلك ولشعورهم بعدم قدرتهم على مساعدة أسرهم التي تحمّلت أعباء ومتاعب تربيتهم وتعليمهم حتى أكملوا المرحلة الجامعية وفي المعاهد الفنية والتقنية، حيث كانت أسرهم تعوّل عليهم في مساعدتها، ولكن وجدوا أنفسهم جميعاً في قلب المعاناة.
الآباء، الموظف منهم، راتبه ستون ألف ريال، وماذا عساها تفعل؟ والابن على رصيف البطالة بعد أن غابت الوظيفة العامة وصارت في خبر كان.
منهم من اضطر لممارسة العمل العضلي أو بيع الأسماك أو الخضار، ومنهم من التحقوا بالجندية، مما جعل ذلك بعض الطلاب يتسربون من الدراسة أو لا يتفاعلوا معها ومع التحصيل العلمي، فضلاً عن عزوف بعض من أكملوا المرحلة الثانوية عن مواصلة الدراسة الجامعية.
لا بسبب عدم مقدرة أسرهم على تحمّل نفقاتهم ومصاريفهم اليومية وشراء المستلزمات والمتطلبات الدراسية وإيجار المواصلات فحسب، ولكن أيضاً بعدما وجدوا من سبقوهم على رصيف البطالة ويمارسون أعمالاً حرّة واتجهوا إلى المعسكرات للجندية، لا فرق بين جامعي وأمي.

لقد أُصيب الشباب جراء كل ذلك بحالة إحباط وفراغ وشبه تيه، وربما منهم من أُصيب بالاكتئاب، بعد أن فقدوا الأمل في المستقبل وبناء عش الزوجية وتكوين الأسرة، ومنهم من هرب إلى الأمام إلى السهر خارج منزل الأسرة حتى قريب وقت الصباح، ومن يتناولون القات، وثالثة الأثافي أن آفة المخدرات والحبوب المهدئة ربما تكون قد تسللت هي الأخرى.

إن وجه الخطورة في ذلك ليس إفساد قدراتهم وعطائهم الجسدي والتأثير على قدراتهم الذهنية ومزاجهم فحسب، ولكن أن من يتعاطى المخدرات قد يرتكب أفعالاً جنائية تحت تأثير التخدير ودون وعي، وربما يمكن حدوث أفعال لا أخلاقية أيضاً.

في ذات السياق، هناك شباب يافعون يتواجدون بالحارة في وقت المساء، في الغالب أيام العطل الدراسية والرسمية، من غير المناسب لهم ولا لأسرهم أن يكونوا في ذلك الوقت، بما هم في سن النشء، خارج منازلهم، والاعتبارات عديدة.

إن حاضر ومستقبل جيل الشباب والنشء، بل والوطن، بفعل تلك الظواهر والأسباب، في مضيق الخطر، طالما كانت الأوطان تُبنى بجهود وسواعد وتخصصات وعقول أجيالها.

لقد حان الوقت: لاضطلاع الحكومة بمسؤوليتها الأخلاقية وواجبها القانوني في تحسين مستوى معيشة وخدمات الناس، وإطلاق الوظيفة العامة للخريجين بدءًا، ولمسؤولية الآباء والأسر أن تنهض في توجيه ومتابعة ومراقبة سلوك أبنائها، ولجهود أجهزة الأمن -مشكورة- أن تتواصل في مكافحة وتتبع وضبط المخدرات، وتنفيذ دوريات ليلية في الحارات بين كل حين وآخر، وللجهد المجتمعي أن يضطلع بدوره، وفي المقدمة دور المسجد، والأئمة، والخطباء، والوعظ والإرشاد، والأحزاب، والمكونات السياسية والمدنية والجماهيرية، ورجال الصحافة والإعلام، والأندية الرياضية، والمنتديات، والملتقيات الأهلية والمجتمعية والقانونية، ومنظمات المرأة والشباب، والجمعيات، وكل حملة الرأي والاختصاصيين والباحثين وكل المهتمين.

في تناول هذه الظواهر وأسبابها وأضرارها، وفي مقدمتها ظاهرة المخدرات، يجب أن تتعاضد الجهود في المكافحة والمعالجة، بالتوجيه والتربية، والنشاطات التثقيفية والتوعوية، والموعظة الحسنة، والتصدي لكل تلك الظواهر والأسباب، وإخراج الشباب إلى بر الأمان.
وهي دعوة صادقة ومخلصة للجميع، وقبل فوات الأوان…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى