مقالات

حرب الخدمات في الجنوب.. معركة تركيع ممنهجة لإعادة تدوير نظام عفاش

كتب:
جميل الشعبي

في ظل التدهور غير المسبوق في الأوضاع الاقتصادية والخدمية، يعيش أبناء الجنوب حالة من الاستنزاف الممنهج والمفتعل، عنوانها العريض: “حرب الخدمات”. حرب لا يُستخدم فيها السلاح التقليدي، بل وسائل أكثر فتكاً: انهيار العملة، الغلاء الفاحش، انقطاع الكهرباء والمياه، وتوقف صرف المرتبات. هذه الحرب الخفية لا تستهدف إلا المواطن البسيط، في محاولة لتركيعه وتطويعه للقبول بواقع مفروض قسراً.

الهدف الأساسي لهذه الحرب الخدمية هو إيصال رسالة مفادها أن نظام علي عبدالله صالح، رغم فساده واستبداده، كان أفضل مما هو قائم اليوم. إنها محاولة خبيثة لتبييض صفحة نظام حكم بالهيمنة والإقصاء، وإقناع المواطن الجنوبي أن التمرد على الاستبداد يؤدي إلى الخراب، وأن عليه القبول بأي سلطة، مهما كانت قمعية، مقابل الخدمات والاستقرار.

الأخطر من ذلك هو ما تحاول أن تروّج له “الدولة العميقة” عبر أدواتها في الداخل، وبدعم واضح من بعض أطراف التحالف: إعادة إنتاج النظام البائد بوجوه جديدة، من أبناء وأقارب صالح، بزعم أن لا حل للجنوب واليمن سوى بعودتهم إلى الحكم.

على مواقع التواصل الاجتماعي، نشهد حملات منظمة تترحم على أيام صالح، وتروج لفكرة أن ثورة الجنوبيين كانت خطأ كارثياً، وأن المجلس الانتقالي الجنوبي لا يملك رؤية أو قدرة على إدارة الدولة، في محاولة يائسة لضرب الحاضنة الشعبية التي يستند إليها الانتقالي، وتقويض حلم الجنوبيين باستعادة دولتهم.

لكن ما يغيب عن هؤلاء أن الجنوب لم يعد كما كان، وأن شعبه، رغم الجراح والمعاناة، ماضٍ في طريق التحرر، متسلحاً بوعي سياسي متقدم وتجربة نضالية طويلة. فالمجلس الانتقالي لم يأتِ من فراغ، بل تشكّل من رحم المعاناة، وأصبح ممثلاً حقيقياً لشعب ينشد الكرامة والعدالة والمواطنة المتساوية.

نعم، نحن اليوم ندفع ثمن موقفنا الرافض للذل والتبعية، ونواجه مؤامرة مكتملة الأركان تستهدف كسر إرادتنا من خلال تسييس الخدمات وتجويع الشعب. لكننا على يقين بأن هذه الحرب الخبيثة لن تنجح، فالإرادة الشعبية أقوى من أدوات التركيع، والتاريخ لا يرحم من يعبث بمصير الشعوب.

في الختام، نقول لأبناء الجنوب: احذروا محاولات إعادة تدوير الاستبداد، وتمسكوا بحقكم المشروع في استعادة دولتكم. لا تسمحوا بأن يُرسم مستقبلكم من غرف المخابرات، أو أن يُفرض عليكم واقع لا يشبهكم. فالله لا يرضى بالظلم، وغداً لناظره قريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى