القوة العسكرية وحدها لا تكفي، قراءة ومقاربات مهنية

كتب:
اللواء/ علي حسن زكي
إن الضرر الذي لحق بإيران بالضربة العسكرية الإسرائيلية الأولى كما حدث، قد أتى من الداخل قبل أن يأتي من الخارج بالصواريخ والمسيرات، لا سيما وكما تم تداوله وقراءته، إن إسرائيل كانت قد زرعت شبكة من الجواسيس والعملاء، وزرعت أجهزة فنية واستخبارية استخدمتها في تحديد الأهداف وإرسال الإحداثيات، وفي ضوئها، ربما وبمعدات وقوى عسكرية كانت بالداخل وبالذكاء الاصطناعي، تمت الضربة العسكرية ونتائجها. وفي السياق، يبدو تقريبًا أن دور جهاز المخابرات قد كان ضعيفًا إن لم يكن غائبًا أو مخترقًا، إذ لو كان حاضرًا وفاعلًا لما تم زرع كل ذلك دون أن يتم اكتشافه، وقد يكون السبب أن إيران معتمدة في عقيدتها الدفاعية على القوة العسكرية وحدها.
وبصرف النظر عن مدى صحة ودقة ما تم تداوله وقراءته وتفاصيله من عدمه، فإنه في محصلته الأخيرة، وبشكل عام، قد أظهر حقيقة أن القوة العسكرية وحدها لا تكفي ما لم تكن محمية بغطاء أمني استخباري يجنّبها الاختراق ونتائجه (فلقد صارت الكاميرا أخطر من الدبابة).
قال محاضر استشاري في المخابرات في إحدى محاضراته أمام المشاركين في ذات دورة أمنية استخبارية تأهيلية في بداية سبعينات القرن الماضي عند تأسيس جهاز الأمن في الجنوب، قال ما معناه: إذا كان البلد لديه عدد من التشكيلات الأمنية والعسكرية، فلماذا هو بحاجة إلى جهاز مخابرات؟ وأردف قائلًا: طالما كان العدو يحاربك، يحارب البلد بجهاز مخابرات وكوادر استخبارية مؤهلة ومتخصصة وبوسائل وأساليب سرية، فأنت، ويقصد المحاضر “البلد”، بحاجة إلى جهاز أمني استخباري وكوادر مؤهلة ومتخصصة لمواجهته، ليس بنفس أدواته ووسائله وأساليبه السرية فحسب، ولكن بأكثرها دقة وفعالية وإتقان، ليس بالدفاع وكشف الاختراق قبل حدوثه فحسب، ولكن بالهجوم والاختراق أيضًا.
لقد كشف أكاديمي مصري أن إسرائيل، وبعد التهدئة مع إيران، قادمة على أكبر عملية اختراق لليمن، تفوق اختراقها لحزب الله ولإيران، واحتمال يسبق ذلك (إن صح) مسح ديمغرافي واجتماعي وسياسي وثقافي وللعادات والتقاليد، باعتباره أساس تحديد الأهداف، مجال الاختراق وأدواته ووسائله وأساليبه. وفي ذات الإطار (وكمفاهيم عامة مفترضة) يحضر – بضم الضاد – ثالوث الضابط – العميل – المعلومة، وكذلك الأجهزة الفنية المصممة للعمل الاستخباري، والذكاء الاصطناعي، والحرب الإلكترونية، من خلال شبكة الذباب الإلكتروني الموجهة. فيما يحضر أيضًا ثالوث وسائل التأثير الأخرى التي عادة ما يتم استخدامها بحسب متطلبات اختراق الهدف، وهي: المرأة – الكحول – المال.
إن المرأة (محشومات حرائر بلادي الفاضلات) سريعة التأثير على الرجل موضوع الاختراق، من تنساب إليه بحكم موقع عمله المعلومة ذات الأهمية الاستخبارية، أو يكون قريبًا منها وذا اطلاع عليها، حيث يهذي بها أمام المرأة من قبيل التباهي، بما هي، وبما بحوزتها من جهاز، تقوم بتسجيله وتصويره وإرساله لجهاز المخابرات، حيث يقوم الجهاز لاحقًا، وبأسلوبه، باستخدام ذلك في مواجهة الرجل، ويطلب منه/يُضغط عليه للعمل المباشر مع الجهاز أو سيتم التسريب، ويكون قد عرض نفسه للخطر في بلده، فيضطر صاغرًا على القبول.
وكذلك الكحول وسيلة تأثير، يترتب على تعاطيه التباهي والثرثرة، ويتم استخدامه بواسطة شخص يتقرب إلى الرجل/الهدف، فيحصل له مثل ما حصل في حالة المرأة، والنتيجة مماثلة.
أما المال، فلمن يحبون المال أو يحتاجون إليه.
وعلى صعيد بلدنا: القات، فبعض من يتعاطاه، وفي لحظة النشوة، قد يثرثر.
إن جهاز المخابرات لا يقوم باستخدام ذلك بصورة عامة في اختراق الأهداف وفي إطار كسب العملاء ما لم يكن قد توفر لديه رصد كافٍ للهدف، لميوله، ورغباته، ونقاط ضعفه، واختيار الوسيلة المناسبة إليه.
وختامًا، هناك قاعدة مهنية، فحواها أهمية الانتباه للتشكيك، والتضليل، والتخويف، ومحاولات التتويه لتشتيت الجهود، إذ أن مكر العدو في كل الأحوال الإيهام، فيما يكون هدفه باتجاه آخر، فتكون المفاجأة…