مقالات

نحو مسار دبلوماسي أكثر عدالة وكفاءة ونجاح

كتب:
عبدالكريم أحمد سعيد

ما نشر مؤخرا في بعض المواقع الإخبارية حول وزارة الخارجية، تحت عناوين صاخبة مثل “تمرد دبلوماسي يهز الشرعية” وغيره ، يفتح بابا مهما للنقاش الجاد حول واقع البعثات الدبلوماسية اليمنية في الخارج، وضرورة إصلاحها ضمن إطار قانوني ، مؤسسي ومهني، لا في سياق المكايدات أو التهويل الإعلامي.
لقد ظل السلك الدبلوماسي اليمني، ولسنوات طويلة، أسيرا لمنطق المحاباة والولاءات والمناطقية، وتم استهداف العشرات من الكوادر الوطنية المؤهلة، خصوصا من أبناء الجنوب، عبر الإقصاء المتعمد أو التجميد خارج إطار العمل الرسمي، وهو ما أضر بمكانة اليمن الدبلوماسية وأفرغ مؤسساتها من الكفاءة والمهنية.
اليوم، وفي ظل قيادة جديدة لوزارة الخارجية ممثلة بالوزير الدكتور شائع محسن الزنداني ونائبه السفير مصطفى النعمان، تبذل جهود حقيقية لتصحيح المسار، وتفعيل قانون السلكين الدبلوماسي والقنصلي، والتي بدأت بعملية استدعاء قانونية لعدد من موظفي البعثات، بغرض إعادة التقييم وإعادة التوزيع وفقا للحاجة والمعايير المؤسسية.
من المهم التأكيد هنا أن من يرفض العودة في الوقت الحاضر، سواء لأسباب شخصية أو لأوضاع صحية وقانونية من بلد الإيفاد، ينبغي ألا يكون عائقا أمام تعيين الكوادر المستحقة والمؤهلة في الداخل بديلا عنهم. وعلى الوزارة أن تمضي قدما في تعيين الكفاءات الجديدة من بين الكوادر التي جمدت لسنوات طويلة، أو تم فصلها وإقصاءها تعسفيا دون أدنى مبرر قانوني ، في إطار خطة وطنية لإعادة الإعتبار للمؤسسة الدبلوماسية. ومن أراد البقاء في الخارج، فهذا شأنه الشخصي، ولن يشكل غيابه خللا في أداء الوزارة، طالما هناك بدائل مؤهلة وجاهزة لتحمل المسؤولية.
الحديث عن “تمرد” أو “أزمة دبلوماسية” هو توصيف مضلل، ويكشف عن رغبة البعض في عرقلة خطوات الإصلاح وتشويه جهود قيادة الوزارة، عبر خلق ضجيج إعلامي يخفي خلفع جوهر المشكلة، وهو وجود من لا يريد مغادرة مواقع الامتياز التي حصل عليها بدون وجه حق.!
هنا لا بد من تسجيل إشادة موضوعية بقيادة الوزارة الجديدة، التي أبدت نية جادة في كسر حلقة الفساد والمحسوبية، وفرض الإصلاح المؤسسي، وهي خطوة تستحق الدعم من الجميع، شرط أن تستمر بجرأة وعدالة، وتترجم إلى قرارات عملية تنصف المظلومين وتعيد التوازن لكادر الوزارة بما يظمن نجاح الدبلوماسية اليمنية.
وفي هذا السياق، فإننا نناشد قيادات الدولة العليا في المجلس الرئاسي ورئاسة الوزراء، دعم جهود قيادة وزارة الخارجية وتمكينها من تنفيذ سياسات الإصلاح دون تدخلات أو ضغوط تعيق مسار التصحيح، أو تفتح الأبواب أمام تمديد بقاء من تجاوزوا مددهم القانونية في البعثات، على حساب الكوادر المستحقة والمهمشة.
إن نجاح الوزارة في مهامها يرتبط بشكل مباشر بدعم سياسي واضح كافي وحاسم من صانعي القرار، وبإنهاء أي استثناءات تكرس الفوضى وتعيد إنتاج الاختلالات السابقة.
نحن أمام لحظة اختبار حقيقية، وعلى قيادة الوزارة أن تثبت أنها جادة في التغيير، لا بالتمنيات، بل بالإجراءات، وبإعادة تموضع الكوادر المظلومة التي أقصيت لسنوات بلا مبرر، رغم أهليتها واستحقاقها.
التصحيح لن يكتمل إلا إذا تم الاعتراف بالمظالم، رفعها وإنصاف أصحابها، وفتح أبواب البعثات أمام كوادر الوزارة المؤهلة، بعيدا عن المناطقيه والانتماء السياسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى