مقالات

تحسن العملة المفاجئ، لكن الأسعار ..نار ..نار

كتب: د. علي صالح الخلاقي

لست متخصصاً بالاقتصاد، ولا دراية لي بالأسباب الخفية لارتفاع العملة المحلية أو هبوطها المفاجيء .. لكنني استبشرت مع كل الناس خيراً بهذا التحسن السريع والمفاجئ في قيمة العملة المحلية، بعد سنوات من التدهور المستمر الذي أثقل كاهل المواطن وأفقده القدرة على مواجهة متطلبات الحياة اليومية. لكننا نأمل أن يُترجَم هذا التحسّن إلى واقع معيشي ملموس، تبدأ معه الأسعار بالانخفاض تدريجيا، وتستعيد الأسواق شيئا من التوازن المفقود، لأن أسعار السلع والخدمات ما تزال على حالها، إن لم تكن في بعض الحالات قد ارتفعت، في تحد صارخ لأبسط قواعد السوق المنطقية. فطالما كانت حجة التجار عند ارتفاع العملة أن “الأسعار مرتبطة بسعر الصرف”، واليوم، ومع تحسّن الصرف، تلاشت تلك الحجة وتحوّلت إلى صمت مريب، أو تبريرات واهية لا تصمد أمام الحقيقة.
وما يثير الاستغراب أكثر أن كثيرا من التجار كانوا حتى وقت قريب يُقرّبون الأسعار إلى الريال السعودي بحجة استقراره، واليوم يرفضون ذلك، ويتمسّكون بأسعار مرتفعة بالريال اليمني رغم تحسّنه. فهل تغيّر المنطق الاقتصادي أم تبدّلت معايير الربح والخسارة؟
أما محلات الصرافة، فحدّث ولا حرج. فهي تشتري العملات الأجنبية وفق السعر الجديد المنخفض للريال، لكنها ترفض بيعها للمواطن بحجة “عدم الاستقرار”، أو تفرض شروطا مجحفة لا تمتّ للشفافية بصلة. وهنا، تتكرّس أزمة الثقة بين المواطن والسوق، ويزداد الشعور بأن هناك من يحتكر القرار المالي ويستثمر في الفوضى.
أمام هذا المشهد المرتبك، نرفع صوتنا إلى الجهات المختصة، وعلى رأسها البنك المركزي والسلطات الحكومية، ونطالبهم بتفعيل أدوات الرقابة الحقيقية، وإلزام التجار وشركات الصرافة بالتعامل وفق سعر رسمي المعلن، وإيقاف التلاعب الذي ينهك المواطن ويضرب الاستقرار الاقتصادي في مقتل.
إن تحسّن العملة المفاجئ لا يُعدّ منجزا بحدّ ذاته إذا لم ينعكس على حياة الناس ومعيشتهم. فبقاء الأسعار مرتفعة، واستمرار التلاعب بالصرف بصورة مزاجية دون رادع من حساب، يجعلنا في حيرة وريب أمام وضع عبثي، أختتم بما قلته فيه:

صباح الزلط، يهبط وفجأة ينط
والشعب محتار خائف أن يعاود سقوطه
ويبقى الأمل، بالله دائم فقط
يفرج الكرب ينقذ شعبنا من قنوطه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى