الجنوب .. من لهيب الثورة إلى معركة بناء الدولة

كتب: رندا العامري
لم يكن طريق الجنوب مفروشًا بالورود، بل معبدا بالدم، والمواقف، والرهانات الثقيلة فمنذ أن قرر الشعب الجنوبي أن يقول كلمته ويستعيد حقه، بدأت ثورته من الميدان، من الحناجر التي هتفت في الساحات، والرايات التي ارتفعت رغم الرصاص، إلى البنادق التي واجهت جيوش الاحتلال اليمني ولم تخشَ الموت.
لكن الثورة الحقيقية اليوم لم تكن فقط في ميادين المواجهة، بل في الوعي، في القرار، في الحلم الذي تحوّل إلى مشروع سياسي عنوانه: استعادة الدولة الجنوبية وبناؤها من تحت الركام.
أن اليوم، الجنوب لم يعد ذلك الكيان الممزق الباحث عن هوية، بل بات يقف على أعتاب مرحلة مفصلي وهي مرحلة الانتقال من الثورة إلى بناء الدولة وهي مهمة أعقد وأصعب، لكنها الأعظم لكونها شعار واحد وهو استعادة دولة الجنوب العربي.
واليوم بدأ الجنوبيون، بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي وتحت قيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، في رسم ملامح هذه الدولة باستعادة بناء المؤسسات من الأمن، التعليم، الإعلام، الصحة، الاقتصاد، والحوكمة.
لهذا أن معركة بناء الدولة لا تقلّ أهمية عن معركة التحرير، بل إنها تتطلب جبهة أخرى وهي جبهة من الوعي، والانضباط، والإرادة السياسية القوية.
ولأن الثورة بلا مشروع تتحول إلى فوضى، جاء التحرك السياسي الجنوبي ليضع لبنات الدولة على أساس وطني متين. تمثيل سياسي خارجي، حراك دبلوماسي نشط، وعمل مؤسسي داخلي يعبّد الطريق نحو اليوم المنتظر.
نقول للعداء أنه ليس هناك من وهم في الطريق أن شعب الجنوب ماض نحو تحقيق تطلعاته رغم ، التحديات كبيرة، فالحرب لم تنتهِ، والمكائد لم تخمد، لكن الجنوب اليوم أكثر وعيًا، وأكثر جاهزية، وأكثر إصرار على تحقيق استعادة دولته كاملة السيادة