مقالات

حين انطفأ النور واشتعلت الحكاية..!

كتب: علي سيقلي

في عدن، لا تحتاج إلى مؤامرة كونية كي تشعر بالعتمة، يكفي أن يقول لك الجار بنغمة النصر الممزوج باليأس:
«طفوها من جذورها»

كأنها معركة حُسمت في الظلام، لا بالكهرباء بل بالمزاج العام.
فالمدينة اليوم لا تعرف الليل من النهار، إلا من خلال “نبضة التيار” التي تزورنا كضيف ثقيل، يطرق الباب بلا موعد ويغادر بلا وداع إلى غير رجعة.

الكهرباء في عدن لم تعد خدمة، بل حدث وطني متكرر، يفرح له الناس كما يفرحون بزخّة مطرٍ في موسم الجفاف.
يصيح أحدهم من فوق السطح: «رجعت»
فتعلو الزغاريد، وتُغسل الصحون، وتُشحن الهواتف، وتبدأ المراوح بثّ الحياة في وجوهٍ أنهكها الانتظار.

أما حين تنطفئ، يعود كل شيء إلى أصله:
الناس تُعيد تشغيل “المعوز” كستارة، والأطفال يتعلّمون الرياضيات على ضوء الموبايل، والآباء يراجعون فاتورة الضمير قبل فاتورة الكهرباء.

العجيب أننا شعب يتكيّف بسرعة البرق، إذا وجد البرق.
نضحك من المصيبة حتى صارت النكتة طاقة بديلة، ونحمد الله على «التيار الوهمي» القادم من بطارية الشحن.

وفي النهاية، لا نطالب بالمستحيل، فقط نريد حقاً بسيطاً:
ساعة ضوء بلا شتيمة، ومروحة تدور بلا واسطة.

حتى ذلك الحين، سنبقى نعيش على وعدٍ مؤجل من وزارة الظلام، ونردّدها كدعاءٍ يومي قبل النوم:
«اللهم ارزقنا كهرباءً دائمة، ولو على قسطين.»
وبس..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى