الضالع قلعة الثوّار والصمود ومقبرة الغزاة
سمانيوز / استطلاع / عبدالله قردع
تمتلك محافظة الضالع ثروة بشرية هائلة من الرجال الأبطال الأشاوس ماجعلها رقماً صعباً في جميع المعادلات، وتُعد خط الجنوب الدفاعي الأول في وجه العدوان اليمني والتمدد الفارسي، وبفضل الله ثم رجالها الميامين أفشلت رهانات الأعداء وانتصرت للمشروع الجنوبي والعربي وأفشلت المخططات الإرهابية وسدت جميع الثغرات أمام الأعداء والمتربصين وباتت السد المنيع في وجه الغزاة الطامعين، سطّر أبطالها صموداً أسطورياً على الجبهات رغم انقطاع الرواتب وشحة الإمكانيات العسكرية والأمنية وعلى رغم ما تعانيه المحافظة من شحة الخدمات الأساسية وصعوبة الحصول على مياه عذبة نتيجة قلة الآبار الصالحة للشرب ووعورة الطرق التي تربط الأرياف بعاصمة المحافظة وتدني خدمات الكهرباء والخدمات الصحية ولجوء أغلب الأسر للسفر إلى العاصمة عدن بحثاً عن خدمة طبية أفضل إلا أنها تظل الرقم الصعب صامدة شامخة شموخ جبال ردفان.
وللخوض في تفاصيل أكثر عن هذه المحافظة الباسلة التي شاءت الأقدار أن تقع في النطاق الجغرافي الواقع على خطوط التماس مع الأعداء وأن يكون لأبنائها النصيب الأكبر من فاتورة النضال والتضحيات وكانت أهلاً لها ومفتاح النصر الجنوبي.
ولمعرفة الكثير عنها أجرت صحيفة «سمانيوز» استطلاعاً صحفياً تقصت خلاله واقع حالها السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي والخدماتي وخرجت بالحصيلة التالية :
فقدت الضالع ثلث أبنائها في سبيل عزة وكرامة الجنوب :
حيث كان الناشط الإعلامي الأستاذ صالح ناجي رئيس تحرير صحيفة وموقع النقابي الجنوبي فاتحة استطلاعنا والذي قال :
أشكركم أخي عبدالله على اهتمام صحيفتكم سمانيوز بمحافظة الضالع تلك المحافظة التي فقدت ثلث أبنائها في سبيل عزة وكرامة الوطن والمواطن الجنوبي، والمعروف عن الضالع بأنها المحافظة التي لم تهدأ ولم تستكين ولم يكن في قاموس أبنائها الخنوع والاستسلام منذ اجتياح الجنوب من قبل جحافل الجيش اليمني المحتل في عام 1994م، بل احتضنت الحركات الثورية الجنوبية لما بعد الاجتياح ، حركة موج التي تشكّلت مابعد حرب 1994م بقيادة عبدالرحمن الجفري وتعد حركة جنوبية ذات طابع سلمي ،واتذكر بأنها سميت بحركة الكاستات ،ثم تبعتها حركة تقرير المصير (حتم) والتي تشكلت على يد الرئيس القائد (عيدروس الزُبيدي) في عام 1996م وتعد أول حركة جنوبية تتبنى الكفاح المسلح أسلوباً لتحرير الجنوب، وبعد هذا تشكلت اللجان الشعبية وكثير من الحركات الثورية الجنوبية التحررية.
وتابع الأستاذ صالح قائلاً : أما بخصوص واقع المحافظة سياسياً نستطيع أن نقول بأنها المحافظة التي لا تقبل تيارات سياسية مناهضة للقضية الجنوبية ضف إلى أنها لم تقبل يوماً الأحزاب السياسية ذات الانتماء اليمني ، وعلى صعيد متصل فإن الجانب العسكري هو الآخر القى بظلاله على الجانب السياسي فيكفي المحافظة فخراً بأنها كانت السباقة في تمريغ أنوف الروافض اليمنيين وبذلك فإن انتصارها أعطى دفعة كبيرة لبقية محافظات الجنوب العربي المحتل للتخلص من هيمنة المحتلين اليمنيين.
ومازالت المحافظة تخوض حرباً ضروسا مع اولئك الهمجيين وللعلم فإن الضالع وحدها مازالت تحتل أراضي شمالية حتى اللحظة تقدر بمئات الكيلو مترات،
وأما عن حالها الأمني فللأسف فإن هناك خللاً بسبب تعقيدات الحرب مع الحوثيين الروافض وانشغال أبنائها في جبهات القتال وبذلك فإننا نسمع هنا وهناك أحداثا أمنية نتيجة للفراغ الأمني الكبير في المحافظة وغياب الدولة وتعود بعض الأسباب إلى أن المحتل اليمني يدفع ببعض الإرهابيين ويدعمهم لإحداث فجوات أمنية، أما الجوانب الاقتصادية والخدماتية فهي أسوأ حالا من بقية محافظات الجنوب ولا ندري من هي القوى التي تقود العملية المنظمة والممنهجة في ممارسة سلوكيات مشينة تجاه هذه المحافظة التي تدفع ثمن الفاتورة الأعلى على مستوى الجنوب.
رضع أبناؤها حليب الحرية والفداء منذ نعومة أظافرهم :
فيما الإعلامي والناشط السياسي الجنوبي يحيى أحمد يقول : لقد أثبتت الضالع على مر السنين مدى صلابتها وشجاعة واستبسال وفدائية رجالها المغاوير الذين رضعوا حليب الحرية منذ نعومة أظافرهم وما حدث في العام 2015، خير دليل على ذلك عندما تمكنت المقاومة الجنوبية من كسر عنجهية المليشيات الحوثية الإرهابية وحلفائها العفافيش وكانت أول محافظة جنوبية تتحرر من رجس المليشيات، حيث كان الانتصار عظيماً رغم شحة الإمكانيات واستمرت الضالع تقدم قوافل من الشهداء والجرحى في سبيل الانتصار للدين والوطن حتى يومنا هذا بالرغم من انقطاع المرتبات التي استمرت لأشهر طويلة وإلى يومنا هذا، إلا أن المقاومين صامدين بالجبهات وباتوا صمام أمان أفشل كل المؤآمرات، وأما من الناحية الجغرافية نجد أن الضالع تمثل البوابة الشمالية للدولة الجنوبية وكان لها دور بارز ومهم في التصدي لكافة الهجمات الحوثية ودحرها وكانت الضالع حائط الصد الذي انتحرت على جدرانه كافة القوى المعادية فحين خططت وهمت المليشيات الحوثية لاقتحام الجنوب، كانت تدرك أن المعركة الصعبة ستكون في الضالع لذلك عززت كل قوتها وآلياتها للسيطرة على المحافظة العنيدة التي صمدت وكبدتهم خسائر فادحة ولقنتهم دروساً لن ينسوها وبالفعل أفشلت المطامع الحوثية الإيرانية في الجنوب العربي وكما يعلم الجميع أن انتصار الضالع كان له الدور الأسمى في الانتصارات التي تحققت في باقي محافظات الجنوب.
مؤآمرات لاستهداف وتغييب القضية الجنوبية العادلة :
وتابع الأستاذ يحيى حديثه قائلاً :
هناك الكثير من المؤآمرات سواء كانت داخلية أو خارجية حاولت مراراً استهداف و تغييب القضية الجنوبية العادلة إلا أن الجنوبيين كانوا يقظين وعند مستوى المسؤولية في كافة المنعطفات التاريخية التي مر بها الجنوب ويوماً بعد يوم أثبتوا مدى قوتهم في ردع كل المؤآمرات التي تم إحباطها كما حدث في أبين، حيث كان للمقاومين من أبناء الضالع دور كبير في القضاء على الجماعات الإرهابية المتطرفة والتضحية والمخاطرة بأرواحهم في سبيل تطهير الأرض الجنوبية من بؤر الإرهاب، ولقد أشاد بها وشهد عليها العالم إنجازات ونجاحات أمنية قل مثيلها وعلى الرغم من كل التضحيات التي قدمتها هذه المحافظة الباسلة إلا أن أهلها يعانون الأمرين على كل المستويات الحياتية والمعيشية فالخدمات تكاد تكون معدومة إضافة إلى انتشار العديد من الأمراض والأوبئة الخطرة التي تهدد حياة السكان ، وهناك غياب تام للمرافق الخدمية والصحية وتفشي البطالة بين أوساط الشباب وتدني مستوى التعليم إضافة إلى الإهمال الذي يعاني منه جرحى الحرب وأسرهم وكذلك أسر الشهداء يعيشون أوضاعاً مأساوية غاية في الصعوبة،، الضالع تدفع الثمن باهظاً وتئن من ويلات الحروب والمعاناة الإنسانية دون أن يلتفت إليها أحد، وصدق القائل ” الضالع تزحف فوق الأساطير” فالضالع ستظل دوماً وأبداً قاهرة المستحيلات عصية على الكسر،
في الأخير أتذكر مقابلة لقيادي حوثي مع قناة المسيرة عندما سأله المذيع قائلاً : لماذا لا تأخذون الولاعات وتستخدموها في حرق آليات الأعداء في جبهة الضالع مثلما تفعلون في بقية الجبهات؟ رد عليه القيادي الحوثي بالقول وهل جهنم بحاجة إلى ولعات؟
الضالع شرارة الجنوب الأولى وقلعة ثواره :
وكان القيادي بالانتقالي الجنوبي الأستاذ مثنى علي حسين المريسي خاتمة استطلاعنا حيث قال : لا أحد ينكر أن محافظة الضالع هي قلعة وحاضنة الثوار الجنوبيين قاطبة من عدن ولحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة، وهي شرارة الجنوب الأولى التي انطلق منها الثوّار الجنوبيون لمقارعة الاحتلال البريطاني واليوم نراها قلعة الثوار لمقارعة الاحتلال اليمني وسد الجنوب المنيع في وجوه الطامعين، كانت ولا تزال مصنعا للمناضلين الأحرار وسوف تظل صامدة رغم كل مايعانيه ويكابده كل أبنائها من مشقة العيش وانعدام شبه كلي لمقومات الحياة الكريمة، حصار وقطع رواتب وشحة إمكانيات وأزمات مفتعلة في شتى مناحي الحياة المعيشية والأمنية والعسكرية ولكنها لا ولن تخضع ولن تركع للمحتلين وستظل قلعة الثوّار الجنوبيين ومقبرة للاحتلال البريطاني واليمني، كما أنها تظل حاضنة للتصالح والتسامح الجنوبي ولأبناء الجنوب عامة وسوف تظل أرض تواصل ومحبة وسلام للجنوبيين ونار حارقة تحت أقدام الغزاة المعتدين، كما أنها طاردة و محاربة لكل الأفكار المناطقية أو الجهوية العنصرية القذرة ولا تقبلها ولا تتعاطى معها إطلاقاً.