قالت ان الوحدة المشؤومة فرضت التمييز والنظرة الدونية تجاه المرأة.. نادرة عبد القدوس : المرأة لم تنل الفرصة الكافية، وننشد الأنصاف في دولة الجنوب القادمة

سمانيوز – شقائق / حاورتها : نوال باقطيان
نادرة عبد القدوس صحفية وكاتبة وناشطة اجتماعية مخضرمة من الرعيل الأول، ابنة عدن حيث ولدت في في السابع عشر من أغسطس عام ١٩٥٥م في مدينة كريتر
كانت انطلاقاتها في عالم الصحافة بعد نشرها لمقال قصير في صحيفة ١٤ اكتوبر الذي نال إعجاب الصحفيين ولفتت موهبتها الصحفية الكتاب الصحفيين فاحاطوها برعايتهم وتشجيعهم لها ،فكانت أول فتاة جنوبية تدرس الصحافة في روسيا.
وفور إكمالها الدراسة ، واصلت مسيرتها الصحفية التي قد كانت بدأتها أثناء تنفيذها الخدمة الوطنية في صحيفتي ١٤ اكتوبر. والعمال ، وخلال فترة وجيزة استطاعت أن تجد لها مكانة بارزة في بلاط صاحبة الصحافة لموهبتها المميزة الصحفية وإصرارها في الاستمرار في عملها الصحفي
تقلدت عدة مناصب منها مدير قسم الأرشيف ومن ثم قسم الثقافة وبعدها رئيس تحرير ملحق روافد الثقافية،
واخيرا رئيس تحرير صحيفة ١٤ اكتوبر لعام ، ناشطة اجتماعية ونقابية ذات مواقف ثابتة ، كلماتها لا تحيد عن المواقف الوطنية الجنوبية.
وعلى الرغم من سنوات عملها الباذخة في الصحافة ، إلا أنها ام رؤوم ليس فقط لأبنائها وللأجيال المختلفة من الصحفيين والصحفيات التي لا تتوانى عن إسداء النصح وتقديم المعلومات
ولتسليط الضوء على مسيرتها الصحفية المترعة بالعطاء التقت صحيفة «شقائق» الخاصة بشؤون المرأة في الجنوب.
تحدثت الأستاذة نادرة عبد القدوس عن بدايتها في عالم الصحافة، حيث كان قبل إتمامها الثانوية العامة في العاصمة الجنوبية عدن، عام ١٩٧٤م وفي عام ١٩٧٥م، بعد نجاحها في الثانوية، التحقت بالخدمة الوطنية، حتى اغسطس عام ١٩٧٦م، في صحيفة ١٤ أكتوبر والجزء الأخير من الخدمة الوطنية أكملته في صحيفة صوت العمال.
وتتابع عبد القدوس قائلة : أكملت خدمتي الوطنية في صحيفة صوت العمال بعد أن وجدت منحة لدراسة الصحافة في دولة روسيا آنذاك ، وذلك عبر الاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية والذي كان من ضمن شروط الحصول على المنحة أن تكون خدمتي الوطنية في صحيفة صوت العمال”. موضحة على الرغم من أنه لم يتبقَ من إكمالي للخدمة الوطنية سوى أربعة أشهر إلا أنني استطعت اكمالها في صحيفة صوت العمال والحصول على المنحة ، وذلك بتشجيع ومساندة من الأستاذ سالم عمر حسن، رحمه الله، رئيس تحرير صحيفة ١٤ اكتوبر، آنذاك الذي لم يقف ضد رغبتي وشجعني على تحقيق حلمي.
وتتابع عبدالقدوس : وفي أغسطس من عام ١٩٧٦م، سافرت إلى موسكو عاصمة روسيا لألتحق بجامعة موسكو وإكمال دراستي الجامعية هناك ، كنت أول فتاة على مستوى جمهورية اليمن الديمقراطية وعلى مستوى اليمن الشمالي تلتحق في كلية الصحافة في جامعة موسكو، حيث التحقنا بالسنة التحضيرية ،والذي كان عن عام لتعلم اللغة الروسية ، ثم بعد عام من التحضيرية وحصولي على درجة امتياز، ثم اختياري للالتحاق في كلية الصحافة في جامعة الدولة في موسكو. وخلال دراستي في الخمس السنوات التخصصية في قسم الصحافة المقروءة، كنت أطبق مادرسته في مدينتي عدن في صحيفتي ١٤ أكتوبر وصوت العمال، كما طبقت في إحدى السنوات في صحيفة (ترود) الروسية وتعني (العمل) وهي صحيفة تصدر عن اتحاد نقابات العمال السوفييتي. وبعد كل تطبيق عملي، نرفع تقرير عنه مرفقة معه الصحف التي عملنا بها”.
وتضيف : بعد اكمالي دراستي هناك بالحصول على شهادة الماجستير بتقدير امتياز، عدت إلى مدينتي عدن وعملت في صحيفة صوت العمال لمدة خمسة أعوام، ثم انتقلت عام ١٩٨٧م إلى معهد الإعلام وعملت هناك كمدرسة صحافة ومكثت هناك أفضل خمسة أعوام، ثم عدت إلى مدرستي الأولى، عام ١٩٩١ م صحيفة ١٤ أكتوبر. وفي يناير عام ٢٠١٥م صدر قرار وزاري بتكليفي برئاسة مجلس الإدارة لمؤسسة ١٤ اكتوبر ورئاسة التحرير لصحيفة ١٤ أكتوبر. تقلدت هذا المنصب لمدة عام وعشرة أشهر، بعدها قدمت إعفائي، إذ عانيت خلال تلك الفترة العديد من الصعوبات التي أعاقت استمرارية صدور الصحيفة، بسبب عدم توفر الميزانية التشغيلية، جراء الحرب الحوثعفاشية على عدن وبسبب، أيضاً، عدم تفهم بعض العمال والموظفين لتلك الظروف الصعبة وعدم قدرتهم على الصبر على الشدائد”.
وعن الصعوبات التي واجهتها، ترى عبد القدوس، أن خلال الدولة الديمقراطية وعهد ما قبل الوحدة، لم تواجه المرأة أي صعوبات تحول دون تحقيق طموحاتها، بل على العكس كانت الدولة والمنظمات الجماهيرية يقدمون كل مساندة ودعم للمرأة.
وهنا تشير الأستاذة نادرة قائلة : في تلك المرحلة السياسية، أجريت لقاءات صحفية بالعديد من القيادات، أمثال علي شايع، انيس حسن يحي، صالح شايف. وكان المناضل النقابي سلطان الدوش، رئيس اتحاد عام النقابات، وقف كأب، إلى جانبي ويذلل العديد من الصعوبات. مردفة بالقول : لكن بعد حرب عام ١٩٩٤م واجهت العديد من الصعوبات، بعد تولي قيادة جديدة لصحيفة ١٤ أكتوبر ، حيث تم تحويلي إلى قسم الأرشيف، لأنني كنت ضد القوات المحتلة الغازية لمدينتي عدن، ولم اتوان عن نشر المقالات المعبرة عن رأيي في تلك الحرب الغاشمة وفي الوحدة وأجريت اللقاءات الصحفية مع الجرحى القادمين من الجبهات القتالية وخاصة من جبهة (دوفس).
موضحة : “لذلك تعرضت بعد ذلك لكافة أنواع المضايقات من قيادة المؤسسة، من سب وشتم وقطع راتبي لعدة أشهر، ثم بعد مغادرته الصحيفة، ترأست القسم الثقافي في الصحيفة ومن ثم أصبحت مسؤولة تحرير ملحق (روافد) الثقافي، لمدة ثمانية أشهر وقد توقف بعدها لشحة الإمكانيات الورقية، مشيرة إلى ثراء المواضيع الثقافية التي كانت تصلها من معظم المدن العربية ، وغير العربية التي كان يكتبها زملاؤها وصديقاتها الإعلاميون في الأردن وفلسطين والسويد وامريكا.
وتؤكد عبد القدوس : ولا أبالغ أنه خلال الثمانية أشهر كانت أعداد روافد تنفذ من الأسواق، وتصل مكالمات إلى رئيس تحرير صحيفة ١٤ أكتوبر ، من عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية الجنوبية تشيد بتميز الملحق عن غيره من الملاحق التي كانت تصدر عن المؤسسة.
وعن الصعوبات التي واجهتها أثناء رئاستها صحيفة ١٤ أكتوبر.
تقول عبد القدوس : بعد صدور قرار تعييني من قبل وزيرة الإعلام، نادية السقاف، ذهبت إلى الصحيفة واجتمعت بالموظفين وطلبت تعاونهم، لكن البعض رفض العمل معي لشحة الإمكانيات المادية، فقد كانت تمر البلاد، آنذاك، بظروف عصيبة، منها استقالة الحكومة ومن ثم انقلاب الحوثيين على السلطة. وفي أثناء حرب ٢٠١٥ م على عدن اتخذت مليشيات الحوثي، مؤسسة ١٤ أكتوبر، ثكنة عسكرية وعاثوا بالمقر فسادا ، لكن بعد أن وضعت الحرب أوزارها، قدم لنا الأخ نايف البكري، محافظ عدن الأسبق، ستة ملايين ، وذلك للنهوض بمقر الصحيفة واستئناف العمل، بعد زيارته التفقدية لمقر الصحيفة قبل الترميم وبعدها ذهل من حجم الإنجاز الذي حققناه في وقت قصير وتمكننا من إعادة إصدار الصحيفة، إلا أنها توقفت بعد فترة وجيزة لنفاذ المواد التشغيلية وكانت الظروف السياسية متغيرة بين الحين والآخر إلى أن تم تعيين محافظ جديد لعدن وهو الشهيد جعفر محمد سعد الذي وعد بدعمنا، إلا أن يد الغدر والخيانة لم تمهله واستشهد بعدها في عملية اغتيال غادرة، فقدنا خلالها خيرة رجال عدن، ثم بعد تعيين اللواء عيدروس الزُبيدي، محافظاً لعدن، قام بزيارة المؤسسة والمطابع الصحفية والتجارية وفي مكتبي تم الاتفاق على منحي المواد التشغيلية لإعادة إصدار الصحيفة وأجهزة حاسوب للإخراج الصحفي ، ولم يستطع تقديم أكثر من ذلك لشحة إمكانيات المحافظة، آنذاك. وبالفعل تحقق بعض النجاح وتمكنا من استمرارية العمل، حتى حين، نظراً لنفاذ الإمكانيات، مرة أخرى. لذلك اغلقت المطبعة، من قبل العمال الذين رفضوا العمل، فتحدتث مع اللواء عيدروس الزُبيدي لإيجاد حل، لكنه لم يستطع إيجاد أي حل ، وذلك لظروف البلاد، آنذاك ووضعه الصعب. ولقد تعرض خلال تلك الفترة للعديد من محاولات الاغتيال الفاشلة. اكتفيت بتسديد رواتب الموظفين، كافة، دون استثناء، بعدها قدمت طلب إلغاء تكليفي من المنصب، نظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
وعن نظرة التمييز تجاه المرأة الجنوبية ومحدودية فرص رئاسة المؤسسات الإعلامية، أجابت عبد القدوس :
بعد الوحدة المشؤومة تغيرت نظرة المجتمع إلى النساء ومورست سياسة التمييز ضد المرأة، مع النظرة الدونية تجاهها، فشهدنا انحساراً كبيراً لدور المرأة وانكفاء العديد من العناصر النسائية، الأدبية والفنية والإعلامية، على ذواتهن وفضلن البقاء في بيوتهن. إلى الآن لم تنل المرأة حقها في تكافؤ الفرص، كما يجب. وانا اقولها حقيقة هناك كوادر نسائية قادرة على رئاسة الصحف والمؤسسات الإعلامية وغير الإعلامية.
إن المرأة تمتلك، كشقيقها الرجل الإمكانية والقدرة على العمل والقيادة والعطاء، بل أحياناً تتفوق المرأة على زميلها الرجل في البذل والاجتهاد والإخلاص في العمل. وإن شاء الله نستطيع تغيير الواقع في المستقبل”، في ظل وجود دولة النظام والقانون والعدالة الاجتماعية المنشودة في الجنوب”.
وعن الأشخاص الذين ساندوها في حياتها العملية وصفت عبد القدوس والدها بالرجل الأول في حياتها، قائلة : “والدي هو من ساندني، على يديه تعلمت مبادئ القراءة والكتابة، منذ الصغر ، فعندما كنت طفلة، في الثامنة من عمري، لاحظ والدي شغفي بعالم القراءة، فأشبع هذا الشغف باصطحابي إلى مكتبة (لِك)، حالياً (مسواط) للاشتراك واستعارة الكتب، فكان هو من يختار لي الكتب وما يتناسب مع سني ولكن عندما كبرت قليلاً، كنت اختار كتبي بنفسي، وبعد بلوغي سن المراهقة، أنكببتُ على قراءة الكتب الأدبية والتاريخية”.
وفي معرض إجابتها على سؤالي عن عدد التكريمات وجهات التكريم، خلال مسيرة حياتها الحافلة، قالت عبد القدوس : “لقد كُرمت محلياً وعربياً ودولياً وحصلت على العديد من الشهادات التقديرية. ويعد أول تكريم لي، عندما كنت طالبة في كلية الصحافة في روسيا وذلك بعد مشاركتي باللغة الروسية، في ندوة علمية عن التلوث البيئي ، وكنت العربية الوحيدة، بين الطلاب العرب التي شاركت في تلك الندوة”. مضيفة : “وكان آخر تكريم لي، منذ عامين من قبل منتدى الباهيصمي ،كما تكرمت من قبل المجلس الانتقالي بمناسبة عيد الأم وعيد المرأة العالمي”.
وعن أعمالها في المجالات الأخرى ومساهامتها في الصحف الخارجية اوضحت : “منذ ١٩٩٥م بعد احالتي إلى قسم الأرشيف، ارتأيت خوض بعض الأنشطة الاجتماعية، فشكلنا فريقا تطوعيا، يُعنى بمخاطر الألغام ، وذلك كان بدعم من المنظمة السويدية لرعاية الأطفال وكان الفريق يضم مختلف التخصصات من تربويين وصحفيين وأطباء، بسبب انتشار الألغام والمتفجرات، فكنا نقوم بالتوعية في القرى ومحافظات الجنوب، بمخاطر المتفجرات والألغام. وشاركت من خلال الجمعية بالعديد من المؤتمرات في جنيف والإمارات وكينيا وتايلند وسوريا في مؤتمرات دولية تدعو إليها الحملة الدولية لمكافحة الألغام والمتفجرات وحصلت على العديد من الشهادات التقديرية. واستمر الفريق إلى عام ١٩٩٨م، إذ قمنا بتأسيس جمعية، امتداداً لعمل الفريق، فكانت الأستاذة عيشة سعيد، رئيسة الجمعية وشغلت أنا منصب الأمين العام لها وبقيت في الجمعية حتى عام ٢٠٠٦، إذ انسحبت من الجمعية وذلك لانشغالي بتأسيس مؤسسة بيت الإعلاميات، بمعية زميلات المهنة وصديقات العمر وهن أفراح صالح محمد وذكرى جوهر والطاف محمد عبدالله(الله يرحمها) ونسرين علي وبركة خميس وزهرة رحمة الله والدكتورة إيمان ناصر الله يرحمها. وتعد المؤسسة أول هيئة في الجنوب تُعنى بالإعلاميات، فيما يخص بتدريبهن وتأهيلهن. واستمرت المؤسسة إلى عام ٢٠١٣م، لتتوقف عن النشاط”.
متابعة : كما كنت مراسلة لدى جريدتي الشرق الأوسط و(الجديدة) حتى عام ١٩٩٨م. بعدها أصبحت مراسلة لمجلة (زهرة الخليج) و(سيدتي) وأجريت العديد من اللقاءات مع شخصيات أدبية وسياسية وفنية وغيرها، أبرزها لقاء مع المحامية راقية حميدان والشاعر عبدالله البردوني والقرشي عبدالرحيم سلام، كما كانت لدي زاوية في موقع إلكتروني اسمه (شفاف الشرق الأوسط) لصاحبه الإعلامي اللبناني “بيير عقل” عام ٢٠٠٤م، تحت عنوان (الزاوية العدنية) وكانت عبارة عن مقالات تنتقد الوضع القائم آنذاك وتسلط الضوء على مكتسبات الجنوب التي اندثرت وعلى موروثنا الثقافي والفني في حفلات الاعراس العدنية واليافعية واللحجية وفي عام ٢٠٠٦م توقفت عن مراسلة الصحف والمجلات العربية، نظراً لانشغالي بملحق روافد الثقافي وفي إعداد كتاب يتحدث عن مسيرة الصحفية ماهية نجيب، حيث صدرت الطبعة الأولى عام ٢٠٠٥م، في عدن، وبعد التنقيح وإضافة معلومات جديدة وصور، قمت بإصدار الطبعة الثانية من الكتاب في مصر في نوفمبر ٢٠١٦م.
وفي ختام اللقاء وجهت عبد القدوس كلمة أخيرة للصحفيين والصحفيات، حيث أسدت لهم العديد من النصائح، منها، عدم الاستعجال في الوصول إلى المناصب القيادية والتأني ومتابعة الجديد في عالم الصحافة والانفتاح على الناس والتواضع وأخذ المعلومة من مصادرها والتمحيص فيها لمعرفة الحقيقة. موضحة : لقد خضنا العديد من التجارب وتتلمذنا على أساتذة لا يحملون سوى الخبرة، ومازلنا إلى الآن، نتعلم ولا نطمح إلى مناصب قيادية. ولا نبخل في تقديم خبراتنا إلى الصحفيين الشباب”.