استطلاعاتالجنوب العربي

ما الطرق التي تساعد المرأة العاملة في التخفيف من ضغط العمل؟

سمانيوز-شقائق / استطلاع /دنيا حسين فرحان

يبدو أن المرأة تواجه تحدياً كبيراً في الموازنة بين ظروف العمل وظروف الأسرة ، حيث لا تزال المرأة في معظم بلدان العالم هي المسؤولة عن أداء غالبية المهام المنزلية ومهام الرعاية ، إلا أن المحافظة على التوازن بين العمل في الخارج ورعاية الأطفال والأسرة ليس بالأمر الهيّن ، لذلك عليها القيام بعدة طرق لخلق التوازن بين العمل والأسرة وحياتها الشخصية.

دوافع عدة لعمل المرأة :

تقول الدكتورة آلاء مراد :

 إن المرأة في البلدان خاصة في الجنوب حاليا والتي تعاني تحديداً من ضائقة اقتصادية أصبحت مضطرة إلى العمل بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فأصبحت المرأة عاملة خارج المنزل وداخله على عكس والدتها وجدتها.. ما أدى إلى حدوث صراع لديها بين أدوارها المتعددة. لكن على الأم أن تعلم أن دورها إنتاجي قيمي وفكري. 

وتضيف : بعض السيدات أصبحن يبحثن عن العمل من أجل إيجاد الهوية على حد تعبيرهن، فلا تكون الحاجة المادية بالضرورة هي الدافع لها للعمل، كما لا يمكن حصر دور التربية بالأم فقط، فدور الأب في التربية وقضاء وقت جيد مع الأطفال يعود بالنفع عليهم.

لأن الموضوع مرتبط بتصور المرأة عن العمل وأهدافها ومدى قدراتها التنظيمية. فالدراسات النفسية تقول إن الأهمية تكمن في نوعية الساعات التي يقضيها الأبوان مع الأطفال وليس عددها، فالوقت يجب أن يكون غنياً بالمحتوى. وهذا يعتمد كذلك على عمر الأبناء ومدى تنظيم الأهل للوقت النوعي مع الأطفال.

ومن المهم أن لا يشكل عملها عقبة أو مشكلة في حياة الأسرة. فإن كان عملها بوابة لضياع الأسرة والمباهاة وتشتت الأسرة فسيصبح مؤذياً، كما أن امتلاك الأم للمهارات التنظيمية يساعدها في علاقتها بالعمل والمنزل والأطفال”. بحسب ما تقول الدكتورة آلاء.

لا أعتقد أن النساء خلقن لهذا الشقاء :

فيما تقول فتحية علي عاملة في قطاع حكومي :

تعبت من الركض طوال الوقت للتنسيق بين عملي ورعاية أطفالي، على الرغم من أن ساعات عملي منطقية ، لكن أركض يومياً لتجهيز أمور المنزل والأطفال، لا أعتقد أن النساء خلقن لهذا الشقاء. 

وأما منى وهي أم عاملة منذ عشر سنوات تقول : 

أعتقد أن أهم وظيفة خلقت لها المرأة هي الأمومة ، لكنها أصبحت هامشية، لأنه تم إقناعنا أن دور الأم وحده غير كافٍ وأن النظام العالمي الرأسمالي أقنع المرأة أن الوظيفة ليست إنتاج البشر. وهذا الدور غير كافٍ ويقلل من شأنك، وبالتالي تترك أطفالها لساعات طويلة، وترسلهم إلى دور الرعاية وتذهب إلى سوق العمل، كي تجني المال لتستمر عجلة الاقتصاد بالدوران.

أرى في وظيفتي دوراً لمساعدة الآخرين :

ميس، طبيبة وأم لطفلتين تقول :

 إن قدرة الإنسان على التنظيم عندما يتعرض للضغط تكون مرتفعة، ومن الأمور التي تساعدني على التوازن بين العمل في الخارج وبين مهامي المنزلية ورعاية بناتي هو التحضير المسبق كتحضير وجبات الطعام الملابس والمهام المنزلية الأخرى.

وتضيف الطبيبة ميس :

 العمل للمرأة شيء أساسي، حيث أشعر بشعور رائع بأني قادرة على الإنتاج وأشعر بالرضا وبدون عملي تغدو هويتي ناقصة، خاصة عملي كطبيبة، وأعتبر أني أقدّم نموذجاً جيداً لابنتي، كي تتبعني في السعي لطموحي. 

 أنا لا أقلل من شعور الأم التي لا تعمل، ولا أرى أن دور الطبيبة يسمو على دور الأم، لكني أرى في وظيفتي دوراً لمساعدة الآخرين. أعتبر أن الأمومة بحد ذاتها هي وظيفة، وتعد نعمة من الله، وأعتبر أن دوري كطبيبة يساعد الأمهات الأخريات وأطفالهن.

الدولة انتهكت دور الأم عندما لم تمنحها حقوقها :

وبالعودة للخبيرة الاقتصادية الدكتورة جنات فتقول : 

إن الأم هي التي تنتج العنصر البشري، الأم تستثمر في أبنائها، لابد إذاً لهذا الاستثمار أن يكون له عائد عليها. هل يعقل أن هذه الأم التي تستثمر في أبنائها لا يوجد لها عائد مالي. وبالتالي المجتمع انتهك دور الأم.

 الدولة انتهكت دور الأم عندما لم تمنحها حقوقها. فمن حق المرأة أن تحافظ الدولة على استثمارها، وأصبح العرف هو الطاغي، وأصبحت المرأة تفكر بأولويات مثل الإيجار والدراسة والدواء والطعام فطمس دورها كأم. 

أنا اخترت أن أترك العمل منذ سنوات كي أقضي وقتاً مع أطفالي :

أصبحت الأم تشعر أنها مجبورة على العمل لإثبات أنها تقدم الكثير أمام زوجها والمجتمع. 

تقول لانا وهي أم غير عاملة : يأتيني إحساس بالتقليل من الشأن لأنني أمٌ “فقط”، نتيجة ضغط المجتمع، خصوصاً عندما يسألني أحدهم أنت أمٌ فقط؟، حيث أصبحت بعض الأمهات يشعرن أنهن مجبرات على العمل لإثبات أنفسهن أمام المجتمع وأمام الزوج. أنا اخترت أن أترك العمل منذ سنوات كي أقضي وقتاً مع أطفالي، أحب أن أشرف على كل شيء يقوم به أبنائي، وفكرة أن يعودوا من المدرسة ولا يجدونني في استقبالهم بالنسبة لي غير واردة، لا أحب أن يأخذ أحد مكاني أو دوري، وهذا الدور يعجبني.

السوشال ميديا قتلت شخصية الأم :

أما هناء وهي أم لخمسة أطفال فتقول عن تجربتها : عشان الولد يتباهى بأمه، لازم تكون تشتغل بمكان معين وهذا بسبب السوشيال ميديا ، وهذا يؤثر على العلاقات الأسرية. أول مرة لجأت للعمل كان بسبب الدافع المادي البحت كي أعيل أطفالي لضعف دخل زوجي وتعثره عن العمل في كثير من الأحيان، وكانت تجربة جديدة خارج إطار المنزل وإطار الزوجية.

وتضيف هناء : أصبحت أجد نفسي كأنثى خارج المنزل، فلم يعد هدفي مادياً فقط وإنما الخروج من المنزل ، وأن أجد احتراماً لنفسي في مكان غير البيت والأولاد. وتمكنت من إعالة أسرتي. ما أندم عليه كثيراً هو أني أصبحت ضحية اتكاليةِ زوجي. 

وتنبهت لهذا الأمر عندما أصبحت أعمل لوقت طويل بظروف صعبة بالإضافة إلى غيابي الطويل عن أطفالي، لدرجة أن مدرسة أبنائي استدعتني بعد بكاء وشكوى أطفالي من كثرة تغيبي.

وعطفاً على ما ذكرته السيدة هناء، تذكر جمعية علم النفس البريطانية أن انخفاض الشعور بالذنب لدى الآباء يؤدي إلى إعطاء الأولوية للعمل فيما يؤدي ارتفاع الشعور بالذنب لدى الأمهات بالتقليل من التركيز على حياتهن المهنية بجانب أسرهن بينما يسهل على الآباء التركيز فقط على حياتهم المهنية.

السعي للإنجاز :

ونختم بنصيحة المتخصصة في العلاج النفسي والصحة النفسية الدكتورة آلاء مراد ، والتي تقول :

 علينا الوعي بفكرة الأمومة والتربية، فهي مفاهيم شاسعة تقوم على بناء السلام والأمان والقيم والاستقرار والنضج، ويجب ألا نغفل أن الإنسان يعرّف بنفسه وليس بلقبه في العمل أو وظيفته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى