قيادة مختلفة ونهج متجدد

كتب:
جسار فاروق مكاوي
في المشهد السياسي الجنوبي، حيث الأزمات المفتعلة ومحاولات التشتيت المتعمدة، تأتي تحركات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، كمؤشر على رؤية جديدة وإرادة سياسية صلبة ترفض الجمود وتقترب أكثر من الشارع الجنوبي، مستوعبة همومه وتطلعاته.
عودة الرئيس الزبيدي من الخارج لم تكن مجرد حدث عابر، بل مثّلت مرحلة جديدة في التعاطي مع الملفات الشائكة التي تعاني منها عدن والجنوب عموماً، بدءًا من القضايا الخدمية والمعيشية وصولًا إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية المتراكمة بفعل التحديات الداخلية والخارجية. وما يميّز هذه التحركات أنها جاءت مباشرة، بلا حواجز ولا وسطاء، فتمت مواجهة الأزمات في صلبها، مع إفساح المجال للحوار المباشر مع جميع الأطراف، في مشهد سياسي قلّما شهدناه في السنوات الأخيرة.
اللقاء الرمضاني الذي جمع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي بشخصيات من مختلف الأطياف السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإعلامية، كان انعكاسًا لهذا النهج الجديد، حيث بدا واضحًا أن هناك رغبة جادة في خلق بيئة تشاركية، تتجاوز القيود البيروقراطية المعتادة، وتُقرّب القيادة من واقع الناس وهمومهم. ومما زاد من أهمية هذه اللقاءات، هو حضور الوزراء والمسؤولين التنفيذيين إلى جانب رئيس المجلس، في إشارة إلى أن التغيير لا بد أن يكون شاملاً، وأن المصارحة والمكاشفة هي الأدوات الأكثر نجاعة في مواجهة التحديات.
إن هذا الأسلوب الجديد في التعاطي مع القضايا اليومية يحمل دلالات سياسية عميقة، فهو رسالة واضحة بأن الجنوب يمتلك قيادة مختلفة، ترفض العزلة، وتؤمن بأن الحلول تأتي من الميدان وليس من المكاتب المغلقة. ورغم أن هناك من قد يبدي امتعاضه، إلا أن الواقع يفرض نفسه: لقد بات من الصعب على المهووسين بتشويه صورة الجنوب ومؤسساته أن يواصلوا مشروعهم القائم على تعطيل أي تقدم سياسي أو تنموي.
الجنوب اليوم أمام لحظة مفصلية، تتطلب من الجميع الانخراط بوعي ومسؤولية في مسار البناء وتعزيز الاستقرار، فالتحديات كثيرة، والرهان على الفشل هو ما يسعى إليه أعداء الجنوب. لكن التجربة تُثبت أن أي مشروع سياسي يتمتع بشرعية شعبية، وقادر على اتخاذ خطوات عملية، هو الأكثر قدرة على الاستمرار وتحقيق أهدافه، مهما كانت العقبات.
بهذا النهج المتجدد، يضع المجلس الانتقالي الجنوبي أسساً لمرحلة سياسية مختلفة، يكون فيها القرب من الناس أولوية، والمكاشفة نهجًا، والعمل المشترك خيارًا لا بديل عنه.