هروب مئات الحريديم من إسرائيل إلى أمريكا

سمانيوز/وكالات
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن تسجيل ظاهرة متصاعدة لهجرة جماعية يقوم بها مئات اليهود المتدينين المعروفين بـ”الحريديم” من إسرائيل إلى الولايات المتحدة، مستخدمين مسارًا غير تقليدي يمر عبر الأراضي المصرية، وتحديدًا من معبر طابا إلى مطار شرم الشيخ، في تحدٍّ مباشر لتحذيرات صادرة عن جهاز الأمن القومي الإسرائيلي بشأن خطورة هذا الطريق.
وقالت إذاعة “AMS” العبرية المتخصصة في شؤون الحريديم، إن مئات اليهود المتشددين بدأوا باستخدام هذا المسار البديل للسفر نحو الولايات المتحدة بعد أن أُغلق المجال الجوي الإسرائيلي نتيجة التصعيد العسكري مع إيران. وأوضحت أن هؤلاء يسلكون طريقًا بريًا من القدس وبني براك إلى مدينة إيلات، ومنها إلى معبر طابا الحدودي، قبل أن يستقلوا رحلات من شرم الشيخ إلى نيويورك مرورًا بأوروبا أو تركيا.
ورغم التحذيرات الرسمية التي صدرت مؤخرًا عن مقر الأمن القومي الإسرائيلي (NSH) بعدم السفر إلى سيناء أو استخدام مطار شرم الشيخ، فإن الأعداد المتزايدة من الحريديم تشير إلى تزايد الاعتماد على هذا المسار. فقد أبلغ سائقون محليون إذاعة “AMS” أن رحلاتهم إلى إيلات، التي كانت شهرية في السابق، أصبحت تُسيَّر عدة مرات يوميًا، مع تزايد الطلب من الحريديم العالقين أو الراغبين بالمغادرة.
وبحسب تقرير الإذاعة، فإن هذه الظاهرة لم تعد مجرد تحركات فردية، بل أصبحت تحظى بتنظيم شبه رسمي داخل المجتمع الحريدي، حيث جرى تداول تعليمات مفصلة عبر شبكاتهم الدينية حول كيفية التنقل الآمن، بما في ذلك جدول لمواقيت الصلاة، ومسارات المرور، وحتى خطوط اتصال طارئة من القدس لمساعدة العالقين في الخارج.
وقالت الإذاعة إن بعض شركات السياحة الخاصة تقدّم عروضًا تتراوح بين 400 دولار لتوفير السائق والمساعدة في شراء التذاكر، وتصل إلى 3000 دولار مقابل خدمات شاملة تبدأ من نقل المسافر من القدس وحتى صعوده الطائرة في شرم الشيخ.
ونقلت “AMS” عن أحد الركاب على متن طائرة تابعة لشركة “إيزي جيت” المتجهة من مصر إلى أوروبا، قوله: “تشعر وكأنك في رحلة حج دينية للحاخام يشائيل، فمعظم الركاب من الحريديم، وتحديدًا في مطار شرم الشيخ.”
في السياق ذاته، أكدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أن عشرات الحريديم والإسرائيليين اتجهوا إلى أوروبا عبر سيناء ومطار شرم الشيخ رغم تحذيرات الأمن القومي الإسرائيلي من هذا المسار، محذّرة من تنامي الظاهرة في ظل استمرار التوترات الإقليمية.
وأشارت الصحيفة إلى مفارقة لافتة، فبينما يسعى نحو 100 ألف إسرائيلي للعودة من الخارج إلى ديارهم في ظل الإغلاق الجوي، تتزايد حالات الهروب من إسرائيل باتجاه معاكس عبر مصر، بما يعكس حالة من الخوف الشديد داخل المجتمع الإسرائيلي، لاسيما مع تكرار التهديدات الإيرانية والتصعيد العسكري المتبادل.
ويبدو أن المسار البديل عبر سيناء لم يعد خيارًا استثنائيًا، بل تحوّل إلى ملاذ مؤقت لعشرات العائلات الحريدية، رغم ما يحمله من مخاطر أمنية. وبحسب تقارير إذاعة “AMS”، فإن الحاخام “كارلين” ذاته استخدم هذا الطريق في عودته إلى إسرائيل من قبرص، بعد أن علِق هناك عقب مشاركته في مناسبة دينية في أوكرانيا.
الظاهرة الجديدة تعكس، بحسب مراقبين، حجم القلق الذي يعصف بجزء من المجتمع الإسرائيلي المتدين، وتضع علامات استفهام حول قدرة الدولة على توفير الشعور بالأمان الداخلي، حتى في الأوساط الدينية التي كانت دومًا أكثر ارتباطًا بالبقاء في أرض الميعاد، لتختار الآن “شرم الشيخ” نقطة عبور نحو المهجر الأمريكي.