تقارير

تغيرت الحكومة ولم يتغير الوضع المأساوي.. ناشطون: تدوير « نفايات الشرعية» لن يرفع المعاناة عن الشعب

سمانيوز / تقرير

مر أكثر من 44 يوماً على تغيير رئيس الحكومة اليمنية الدكتور أحمد عوض بن مبارك، الذي أصر الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي على تغييره، بذريعة تسببه في حدوث أزمات اقتصادية وخدمية ما دفعه إلى تقديم استقالته، وتعيين الأستاذ سالم بن بريك خلفًا له.
منذ ذلك الحين لم يتغير شيء، بل تفاقم الوضع الاقتصادي، غلاء معيشة كارثي، واستمرار تدهور قيمة العملة المحلية الريال اليمني الطبعة الجديدة المتداولة في الجنوب، متجاوزة عتبة الـ 700 ريال مقابل الريال السعودي الواحد. ولم تصرف رواتب مايو 2025م لموظفي الدولة، ما أدى إلى حرمان أغلب الشعب فرحة عيد الأضحى. لا أضحية ولا ملابس جديدة، واقتصرت الفرحة على العليمي وحاشيته بقصر معاشيق بالعاصمة عدن. كما أن وضع كهرباء مدينة عدن لم يتحسن، 7 ساعات انطفاء مقابل ساعتين تشغيل في ظل درجات الحرارة والرطوبة العالية بفصل الصيف في الوقت الراهن.

ويرى مراقبون أن الأزمة المالية والاقتصادية والخدمية في مناطق الشرعية اليمنية أعمق وأكثر استفحالاً من أن تتم معالجتها بتغيير حكومي، ما دامت نفس الأسباب التي أدت إليها قائمة. فالوضع الاقتصادي والمالي يزداد تعقيداً والوضع الاجتماعي والخدمي يزداد سوءاً، والشارع يزداد احتقاناً وغضباً على المجلس الرئاسي والحكومة..

مؤكدين أن استمرار تدهور قيمة الريال اليمني مؤشر واضح على عدم تأثر الوضع المالي والاقتصادي، ومن ورائه الوضع الاجتماعي في مناطق الشرعية اليمنية بالتغيير الذي حدث قبل 44 يوماً على رأس الحكومة المعترف بها دولياً، وذلك بتنحي أحمد عوض بن مبارك من منصب رئيس الوزراء وتعيين سالم صالح بن بريك خلفا له.

ولم يرافق تعيين رئيس وزراء جديد أي تغييرات وزارية أو إدارية أخرى ذات أهمية ما عدا قيام رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بتعيين خمسة نواب وزراء في عدد من الوزارات.

وأشارت أوساط سياسية جنوبية إلى أن تدوير المسؤولين بتلك المناصب تقف خلفه دوافع سياسية لحل أزمات وخلافات داخل هيكل الشرعية اليمنية، الأمر الذي يفسّر عدم تأثيرها على أرض الواقع وفشلها في رفع المعاناة عن كاهل المواطن أو التخفيف منها.

تأخير صرف الرواتب مؤشر خطير يعكس حالة الفشل التي وصلت إليه الدولة:

في السياق، يرى خبراء اقتصاد أن تأخير صرف الرواتب يعطي مؤشراً خطيراً إلى إفلاس الدولة، ويعكس حالة الفشل التي وصلت إليه.
وبحسب مصدر مسئول في البنك المركزي بالعاصمة عدن، أشار إلى أن نفاد السيولة النقدية في البنك أحدثت عجزاً كاملاً في دفع مرتبات موظفي الدولة لشهر مايو 2025م.

وكشف المصدر (الذي فضّل عدم ذكر اسمه) أن البنك استنزف ما تبقى من احتياطياته النقدية خلال محاولات صرف المرتبات المتأخرة منذ عام 2024م والأشهر الأولى من العام الجاري، ما أدى إلى توقف قدرته على الإيفاء بالتزاماته المالية.

وأكد أن البنك يعاني نقصاً حاداً في الموارد المالية، بسبب تحكم جهات مسلحة خارجة عن إطار الدولة في الإيرادات العامة، إضافة إلى غياب الدعم المالي الخارجي منذ أشهر.

ودعا المصدر مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، إلى التدخل العاجل لإنقاذ الوضع المالي وتمكين البنك من صرف المرتبات وضمان إنتظامها.

صراعات بأروقة الشرعية أفرزت هذا الواقع المأساوي:

بحسب محللين، جاءت استقالة الدكتور أحمد عوض بن مبارك لتعبر عن حجم الانسداد داخل مؤسسة الحكومة الشرعية، وتكشف هشاشة التوازنات التي تحكم عملها، ومحاولات البعض الاستفراد بالقرار السياسي وترسيخ سلطته ونفوذه.
مشيرين إلى أن فترة عمل بن مبارك تزامنت مع واقع ميداني لا يخضع للشرعية، من انفلات أمني إلى إدارة موازية للموارد، حيث تُدار السلطة خارج أطر الدولة، من التعيينات إلى السياسات العامة، وصولًا إلى التحكم الكامل بالموارد، وكل ذلك يجري بمعزل عن الرقابة المؤسسية، وعلى سبيل المثال محافظة مأرب اليمنية الغنية تعمل تحت سلطة الإخوان بعيداً عن الشرعية. فيما صب الدكتور رشاد العليمي جل اهتمامه على كيفية استحواذ نجله عبد الحافظ على حقول النفط بمحافظة شبوة.

قرار التعيين أثار تساؤلات حول جدوى هذا التحول في ظل استمرار البيئة السياسية والاقتصادية المختلة داخل هيكل الشرعية اليمنية، وسط تصاعد الأزمات وتعمق الانقسامات داخل مؤسسات الدولة، خاصة في ظل الخلافات المتكررة بين بن مبارك ورئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي،
لم يصاحب هذا التغيير أي إشارات لإصلاحات هيكلية أو تفاهمات سياسية تضمن انتقالًا إيجابياً في الأداء، لا سيما يتمحور الصراع على بسط النفوذ، خاصة وأن هناك أزمات اشتعلت واتسعت دوائرها بين النخب السياسية العليا، وتحديدًا في المجلس الرئاسي.

بات الصراع على تعيين شخصيات مقربة أو موالية، وبدأ فرز الأسماء والترشيحات وفق أجندات جهوية لا علاقة لها بالأزمات التي يكابدها المواطن على أرض الواقع.
فالمشهد يؤكد أن صراعات النخب التي باتت تتحكم في المشهد السياسي هي التي أفرزت هذا الواقع الكارثي، الذي ربما ينعكس سلبًا بكل أبعاده، خاصة وأن بن مبارك كشف في استقالته عن عراقيل جسيمة وضعت أمامه وتحديات، ولم يُمنح أي صلاحيات لتحقيق إصلاحات اقتصادية أو سياسية.
مكاشفة تثير التساؤلات كيف لرئيس وزراء جديد أن يقبل بهذه السهولة والسرعة، في ظل انهيار العملة الوطنية وتدهور الاقتصاد، دون أي ضمانات؟
فيما اعتبر محللون أن تغيير رأس الحكومة، الذي قاده رئيس مجلس القيادة الرئاسي العليمي، يمثل فرصة ذهبية للمجلس الرئاسي للمطالبة بدعم من الأشقاء في التحالف العربي لتعزيز الاقتصاد الوطني ودعم وتحسين قيمة العملة المحلية، ما لم يحدث ذلك فالوضع الاقتصادي والسياسي قد يمر بأسوأ مما كان عليه في عهد حكومة بن مبارك.

ختاماً..
تغيرت الحكومة ولم يتغير الوضع المأساوي، لا يزال المواطن الجنوبي يكابد غلاء المعيشة، يصارع لأجل توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة لأجل البقاء على قيد الحياة فحسب، ويعيش حالة تقشف غير مسبوقة.
ويرى ناشطون أن تغيير رأس الحكومة وإجبار رئيس الوزراء الجديد على قيادة حكومة لم يختر أعضاءها يأتي في إطار تدوير المسؤولين بالمناصب العلياء لحل أزمات الشرعية اليمنية، وليس لرفع المعاناة عن الشعب الذي لم يعد ضمن اهتمامات النخب الحاكمة، عقب غياب مؤشرات الانفراجة وإحالة قضيته إلى الدول المانحة والمنظمات الإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى