تقارير

ناشطون: من المستفيد من لملمة شتات عفاش وتبييض سجله الدموي؟

سمانيوز/ تقرير

تقود بعض وسائل الإعلام العربية حراكاً سياسياً، يراه مختصون غير منصف ولا يبحث عن الحقيقة الكاملة لاظهارها بحيادية أمام المشاهد والرأي العام الداخلي والخارجي، هدفه بعث رسائل ملغمة لتاجيج مواقف معينة، وقلب الموازين لخدمة مصالح دول بعينها على حساب أخرى، غير مراعية المواجع المترتبة على ذلك التلميع والانتقائية، بتناول الحسنات القليلة وتجاهل جبال السيئات والجرائم العفاشية.

فالرئيس صالح “عفاش” فشل في توريث السلطة لأولاده، وحالياً يسعى البعض لتحقيق ذلك الحلم العفاشي، وكانت البداية بوثائقي اقتص الحقيقة بطريقة مزاجية، عمل جاهداً على تبييض سجل عفاش الدموي، استغفال الشعب اليمني والجنوبي، وكأن لا أحد يعلم حقيقة عفاش الإجرامية.
لم يتطرق الوثائقي إلى سجل عفاش القديم ما قبل توليه السلطة في العربية اليمنية المعمد بالدم، اغتيالات طالت الرئيسين الحمدي والقشمي كان لعفاش بصمات فيها، وكذا الحروب الظالمة التي شنها على الجنوبيين منذ العام 1994م، ومسلسل الاغتيالات الموثقة ضد كوادر الجنوب العسكرية والأمنية والسياسية.

عفاش ملاك طاهر:

تفاجأ الجمهور العربي عند مشاهدته ذاك الوثائقي عن اللحظات الأخيرة التي عاشها الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح (عفاش)، وكيف تمت عملية تصفيته من قبل مليشيات الحوثي، حلفائه الذين قام باستقدامهم من صعدة إلى صنعاء للتخلص من الرئيس هادي ومن خصومه، ممن تبنوا ثورة الشباب 2011م وركبوا على موجتها، حد وصفه.

تم إظهاره في صورة بطل أسطوري ملائكي طاهر، أتت به الأقدار من باب الصدف ليطهر اليمن من رجس الحوثيين، مستدلين بشهادات نجله “مدين” وعدد من المقربين والموالين لعائلة عفاش.
رسائل مبطنة بعثها الوثائقي تتهم هادي (بالخيانة) بتفكيك الحرس الجمهوري لصالح إسقاط صنعاء بأيدي الحوثيين.
كما تعمد تغييب طارق صالح عن المشهد، ما يشير إلى وجود نوايا مبيتة لإزاحته عن قادم المشهد السياسي والعسكري، كما تم التركيز على تبييض سجل عفاش الدموي وإبرازه في صورة ثائر وطني.

ردود أفعال:

وفي أول رد فعل على الوثائقي، قالت حنان حسين، وهي قائدة الحماية النسائية الخاصة بكنعان عفاش: سقطت قناة “اليمن اليوم” التابعة لعفاش في 2 ديسمبر 2017م، بسبب هروب قائد الحماية عقب قيامه بإخفاء الأسلحة داخل مستودع وإغلاقه بإحكام، وكان ذلك سبباً لهروب بقية الحراسة، الذين كان جميعهم من قبيلة عفاش (سنحان)، مشيرة إلى أن كمية الأسلحة داخل المستودع كانت كبيرة وقد استحوذ عليها الحوثيون بكل سهولة.

قالت: اتصلت بعدد من شيوخ سنحان والمسؤولين باللجنة الدائمة، الذين كنا نعول عليهم وكانت بأيديهم المفاتيح، ولكن لا أحد يرد رغم أنهم كانوا في السابق يفرحون عندما اتصل عليهم (يحبون السولفة معي)، ولكن مع تأزم الموقف أُغلقت جميع الهواتف وبعضها لا يرد. وأضافت ساخرة: رقم الهاتف الذين تتصلون عليه خارج نطاق الرجولة حالياً، خارج نطاق الوفاء والوطنية حالياً.

وتابعت قائلة: بخصوص المتحدثين في الفلم الوثائقي الخاص بعفاش (المعركة الأخيرة)، أغلبهم لم يكونوا موجودين بتلك المعركة، تحديداً الشخص الذي يدعي أنه كان مرافقاً لعفاش (العقيد أبو شوارب)، والشخص الذي بجانبه، أقسم بالله إنني لم أشاهدهم من العام 2015م حتى اغتيال عفاش، أيضاً الأخ صادق الأكوع، لون وجهه وردي كأنه لم يتعرض للشمس لأكثر من 20 سنة.. مشيرة إلى أنه لم يكن ضمن المشاركين في المعركة الأخيرة.

ووجهت تساؤلات للشيخ البرلماني عبد الرحمن معزب قائلة: كيف استطعتم الخروج من صنعاء في ظل إحكام الحوثي سيطرته على جميع منافذها؟! كيف استطاع شيوخ القبائل الموالين لعفاش الخروج من صنعاء؟! هل تم الاستعانة بالبراقع؟

وأكدت الأستاذة حنان أن الخيانة ضد عفاش أتت من قبيلته سنحان. وختمت قائلة: لقد صنعهم من لا شيء وفي نهاية المطاف خانوه، سيظل ذلك عار أسود في وجوههم.

جرائم عفاش لا تسقط بالتقادم:

الإعلامي محسن الخليفي نشر مقطع فيديو يوثق استهداف الأحياء السكنية بالعاصمة عدن بالمدافع والصواريخ، خلال الغزو اليمني على الجنوب في العام 1994م بقيادة عفاش، استعرض خلاله شهادات شهود عيان وبعض الناجين من القصف، مشيراً إلى أن وسائل إعلام عربية في الوقت الراهن تحاول إخفاء تلك الحقائق، التي كانت هي من وثقها ونشرها في حينه، مؤكداً أن الجرائم والمظالم لا تسقط مع تقادم الوقت.

وقال: فلم المعركة الأخيرة أعاد راوية مقتل علي عبد الله صالح إلى الواجهة مجدداً، وتمت رواية القصة على ألسنة شهود من أتباعه، على رأسهم ابنه مدين الذي كان مرافقاً له أثناء تلك المعركة.
واستطرد الخليفي قائلاً: أنا مش واجي أتكلم عن محتوى الفيلم، لأنه ما بيفرق معي، ولكن الذي فارق معي هو ردود أفعال الناس من محاولات التلميع، متناسين كل الماضي.

وأضاف: صحيح أن الوضع اليوم من أسوأ ما يكون جنوباً وشمالاً، ولكن كمواطن من الجنوب من أبناء عدن، لا يمكن أنسى من كان سبباً رئيسياً في كل الذي مضى من مآسٍ وإراقة دماء ومعاناة لانزال نعيشها حتى اللحظة. ولأن بعض الناس يبدو أنهم أصيبوا بالزهايمر فلازم نذكرهم.
واستعرض الخليفي، خلال مقطع الفيديو، الحروب التي شنها صالح ضد الجنوبيين وما خلفته من قتل وتدمير، صور للجرحى وجثث أطفال ونساء وشيوخ وهي متراكمة داخل المستشفيات سقطت بتلك الحروب الظالمة، وتبعات لايزال يكابدها شعب الجنوب حتى اللحظة.

وقال في نهاية مقطع الفيديو: نفهم أن لكل زمان ظروف وأن لكل ظرف تحالفات، وأن السياسة فن الممكن، ولكن بالأخير السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة هو: هل المظالم والجرائم تسقط بالتقادم؟ وهل اللحظات الأخيرة من حياة الشخص ممكن تغفر له كل ماضيه؟ أترك الإجابة لكم.

من المستفيد من لملمة شتات عفاش وتبييض سجله الدموي؟

تساءل ناشطون جنوبيون وعرب عن المستفيد من لملمة شتات عفاش وتبييض سجله الدموي، في هذا التوقيت بالذات؟ وتحديداً عقب بروز خلافات إلى السطح بين أحمد نجل عفاش وابن عمه طارق محمد صالح، حول زعامة حزب المؤتمر الشعبي العام، وتمثيل العائلة في الرئاسي والحكومة الشرعية، وحول صدارة المشهد السياسي والعسكري، عقب تسريبات أشارت إلى أن طارق صالح “خان” عمه (صالح)، تركه يواجه مصيره وحيداً خلال المواجهات المسلحة التي خاضها مع الحوثيين في صنعاء في العام 2017م، عقب أن أعطاه مفاتيح أسراره، وبأنه يسعى في الوقت الراهن إلى تنصيب نفسه كوريث شرعي لآل عفاش.

رواية جديدة:

وكان مدين نجل الرئيس صالح، قد أكد خلال الوثائقي أن والده لم يُقتل داخل منزله كما روجت جماعة الحوثي، بل وقع في كمين حوثي مسلح في قرية الجحشي، وهو في طريقه هارباً من صنعاء صوب حصن عفاش بمنطقة سنحان مسقط رأسه، في حين تم اعتقال آخرين من ضمنهم مدين نفسه.
تأتي هذه الشهادة بعد سنوات من الغموض حول تفاصيل مقتل صالح، الذي اغتيل في ديسمبر 2017 على يد جماعة الحوثي بعد انفضاض تحالفه معهم.

ختاماً..
تسبّب الوثائقي في زلزال إعلامي وتوتر على أكثر من صعيد، فهو لم يكشف عن التفاصيل الدراماتيكية لمقتل صالح فحسب، بل أثار تساؤلات عميقة عن من يكتب التاريخ ومن له صلاحية إعادة صياغته.
أثار الفيلم الوثائقي (علي عبدالله صالح.. المعركة الأخيرة)، الذي عرض مساء السبت 26 يوليو 2025م، ردود فعل واسعة في اليمن والجنوب، وأينما وضع عفاش بصماته الدامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى