الجيش الجنوبي .. ذاكرة المجد وركيزة المستقبل

كتب: رندا العامري
في الأول من سبتمبر من كل عام، يستحضر أبناء الجنوب العربي ذكرى تأسيس الجيش الجنوبي، تلك المؤسسة العسكرية التي وُلدت من رحم الثورة، ونمت في كنف الكرامة، وشكّلت على مدى عقود حجر الزاوية في بناء الدولة الجنوبية وحماية مكتسباتها.
تأسس الجيش الجنوبي عام 1971م ليكون قوة نظامية تحمي الثورة وتؤسس لمرحلة جديدة من السيادة الوطنية. تميز الجيش بانضباطه العالي وعقيدته الوطنية، وسرعان ما أصبح من أقوى الجيوش في المنطقة، ليس فقط في الدفاع عن حدود الدولة، بل في دعم قضايا الأمة العربية، والمشاركة في معارك الشرف والكرامة.
لكن هذا المجد لم يكن بمنأى عن التحديات؛ ففي أعقاب حرب 1994م تعرضت المؤسسة العسكرية الجنوبية للتفكيك، وتم تسريح الآلاف من منتسبيها في محاولة لطمس الهوية الجنوبية وإضعاف إرادتها ومع ذلك، ظل الحلم حيًا في وجدان الشعب، وظلت الذاكرة العسكرية الجنوبية نابضة بالولاء والعزيمة.
عندما اجتاحت مليشيات الحوثي الجنوب عام 2015، نهضت المقاومة الجنوبية من تحت الركام، لتعيد تشكيل نواة الجيش الجنوبي من جديد، بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي خاضت القوات المسلحة الجنوبية معارك شرسة ضد الإرهاب والتطرف، وأثبتت أنها ليست مجرد تشكيلات عسكرية، بل امتداد طبيعي لجيشٍ عريقٍ له جذور راسخة في التاريخ.
اليوم، تلعب القوات المسلحة الجنوبية دورًا محوريًا في حماية الجنوب من التهديدات الداخلية والخارجية، وتُعد ركيزة أساسية في مشروع استعادة الدولة الجنوبية وبناء مؤسساتها على أسس وطنية حديثة.
إن ذكرى تأسيس الجيش الجنوبي ليست مجرد مناسبة احتفالية، بل هي محطة للتأمل في مسيرة نضالية امتدت لأكثر من نصف قرن، ولتجديد العهد مع الأرض والشعب. فالمؤسسة العسكرية الجنوبية اليوم، كما كانت بالأمس، هي عمود الدولة الجنوبية، وهي الضامن الحقيقي للأمن والاستقرار، وصانعة المستقبل الذي يتطلع إليه أبناء الجنوب.
ومع كل ذكرى، يتجدد الإيمان بأن الجيش الجنوبي سيظل حارسا أمينًا للهوية، ودرعا واقيًا للوطن، ورايةً ترفرف بالعزة والكرامة في سماء الجنوب.