الجنوب هو لُب الصراع..!

كتب: سهيل الجرادي
لطالما كان الجنوب بثرواته وموقعه الاستراتيجي هو الجائزة الكبرى والهدف الأوحد للعديد من الأطراف المتحاربة ومنذ اندلاع الصراعات المتعددة في البلاد تنكشف الحقائق على الأرض أن كل البنادق بمختلف انتماءاتها المعلنة وغير المعلنة تتجه صوب الجنوب وأن كل التوافقات التي تتم في الكواليس بين ما يعرف ب”قوى الشمال” تنتهي بضرورة إخضاع هذه المنطقة الحيوية.
إن الفرضية التي باتت شبه مؤكدة في الشارع الجنوبي والمتابع السياسي هي أن الحروب كلها على الجنوب والهدف الجنوب فلا تقتصر هذه الحروب على المواجهات العسكرية المباشرة بل تشمل أيضاً الحرب الاقتصادية والخدمية والإعلامية التي تهدف إلى إضعاف النسيج الجنوبي وتمزيق صفوفه.
من الملاحظ أن جميع الأطراف الشمالية الفاعلة سواء كانت أحزاباً تقليدية أو قيادات عسكرية وأمنية أو حتى المجموعات الإرهابية المتطرفة تتفق على هدف استراتيجي واحد وهو “منع قيام دولة جنوبية” ذات سيادة أو السيطرة على مواردها وموانئها.
لقد أثبتت التجارب المتكررة بدءاً من حرب صيف 1994 وصولاً إلى التطورات الأخيرة أن التباينات العقائدية والسياسية بين هذه القوى تذوب وتتلاشى عندما يتعلق الأمر بمحاولة فرض الوصاية على الجنوب هذا التوافق الضمني يترجم مسعى للأهداف:
– استمرار العبث بالموارد الجنوبية خاصة النفط والغاز واستخدام عائداتها لتمويل الصراعات في الشمال بينما يعيش الجنوب في شح خدمي وغياب تام للتنمية.
– إدامة الفوضى الأمنية من خلال استخدام عناصر متطرفة أو مجاميع مسلحة تهدف إلى زعزعة استقرار المحافظات الجنوبية وتقديمها للعالم كمنطقة غير قابلة للحكم الذاتي.
– تخوين القيادات الجنوبية وتشويه صورتها والعمل على إدخال النزاعات البينية بين مكونات الجنوب في محاولة لإلهاء الجنوبيين عن هدفهم الأساسي وهو استعادة دولتهم.
الجنوب الآن في مواجهة التحدي الوجودي
أمام هذه المعادلة المعقدة يجد الجنوبيون أنفسهم في مواجهة تحد وجودي إن إصرار الجنوب على استعادة دولته يتطلب تجاوز الخلافات البينية وإعادة ترتيب الأولويات فالعدو الحقيقي الذي اتفق على الإضرار بالجنوب يتطلب توحيد الصفوف لمواجهته.
ان جوهر الأزمة الذي يكمن في سعي قوى الشمال بأطيافها المختلفة لاستنزاف الجنوب والسيطرة على مقدراته مما يؤكد على أن السلام والاستقرار لن يتحقق في المنطقة إلا بمعالجة قضية شعب الجنوب باسترجاع دولتهم كامل السيادة.
