140 مشاركًا!… الوفد الذي كاد يغيّر مناخ البرازيل

كتب:
هشام صويلح
لو لم نكن نعرف اليمن، لاعتقدنا أنه دولة عظمى اكتشفت للتوّ مفاعل اندماج نووي، فأوفدت 140 شخصًا لتوثيق هذا الإنجاز في مؤتمر المناخ. لكننا نعرفه جيدًا، فتتكشف لنا الحقيقة المُرّة: بلد يعاني من انقطاع الكهرباء، ومع ذلك يضيء المؤتمرات العالمية بحضوره الضخم، وكأن المشهد استُلهم من المجاميع في المسلسلات التاريخية، حيث يحتاج إلى عشرات الشخصيات ليبدو عظيماً… حتى لو كان النص ضعيفًا.
يكاد مستوى السخرية في هذا المشهد يتجاوز نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. فبينما تسعى دول كبرى لخفض انبعاثاتها، يبتكر اليمن أسلوبًا مختلفًا لزيادة الانبعاثات البشرية عبر رحلات الطيران الدولية. واستمرارًا على هذا المنوال، قد نجد أنفسنا بحاجة ماسة إلى مشروع لخفض انبعاثات السفر قبل أن نبدأ في معالجة انبعاثات الكربون.
تخيلوا للحظة أن صحفياً سأل: “كم خبيرًا مناخيًا بين أفراد الوفد؟”
سرعان ما اكتشفنا أن القائمة تشمل:الأصدقاء، ومرافقي الأصدقاء، وهواة السفر، ومحبي التنقل بشغف، وأشخاصاً يجهلون الفرق بين “الانبعاثات” و”النبع الساخن”.
الرؤية الوطنية NDC 3.0؟ عنوان براق يحمل بين طياته عشرات الصفحات المزينة بالصور الرسمية. لكن لنكن صريحين: أكبر مشروع مناخي حقيقي شهدته البلاد خلال الأعوام الماضية هو برنامج سفر الوفود السنوي. تكامل، استدامة، تمكين… وتذاكر ذهاب وإياب.
واللافت أن بعض الدول الغنية اكتفت بإرسال 25 ممثلاً فقط. لكن اليمن، بطموحه المناخي الفريد، أرسل هذا الحشد الضخم! ولعل الخطة كانت تقضي بتناقص العدد تدريجيًا بفعل التغير المناخي في البرازيل.
وبإنصاف: وجود هذا العدد الهائل يثبت شيئًا واحدًا لا غبار عليه: نحن صامدون… في القمم والمؤتمرات، ضعفاء فقط في مواجهة تغيّر المناخ الفعلي.
وفي بلد يعاني من إصلاح شبكة صرف صحي واحدة، يتحول السؤال إلى سخرية لاذعة: هل ذهب الوفد لحل أزمة المناخ… أم ليكون ظاهرة مناخية بحد ذاتها؟
خلاصة القول: قبل الحديث عن “الانتقال من الهشاشة إلى الصمود”، يجدر بنا — ببساطة — الانتقال من هذا الحضور الضخم إلى رقم معقول. عندها فقط، قد ندرك أن خفض “انبعاثات الوفود” قد يكون الخطوة الأولى الجادة نحو خفض الانبعاثات البيئية في اليمن، وبدء صمود حقيقي… على الأرض لا على الورق.
