مقالات

عالم واحد للتكافل المتبادل وعلاقات الشمال والجنوب.

فهمي محمد محسن (الصمصام)

من متابعة بعض الباحثين بخصوص الجنوب العالمي والشمال وخصصتها لليمن على وجه الخصوص.
ان الدرسات الجوهورية والرسالة التي يحملها هذا التقرير هي أن من الواجب على الجنوب ، إذا أراد أن يتقدم ، أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم ،ويتوكل على الله  وليعتمد على نفسه بالدرجة الأساس.
وإذا أريد للتخلف أن يقهر فإن من الواجب على محافظات الجنوب إن تعبىء قدرات مواطنيها ومواردها لتحقيق نمو متصاعد وعادل ومستمر .
كها أن من الواجب عليهم أن تعمل معاً لتضاعف كن أثر جهودها الداخلية من خلال التضامن والتعاون والاعتماد الجماعي على الذات.
ولكن لا ينبغي أن تحجب هذه الرسالة تلك الحقيقة القائلة بأن إمكانية التطور في الجنوب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتحسن علاقاته مع الشمال.
إن الجنوب بحاجة إلى الشمال كسوق لصادراته ، وكمجهز لاستيراداته الأساسية لأغرض الإستهلاك والإنتاج ، وكمصدر للتقانة ورأس المال.
يضاف إلى هذا أن الجنوب يتطلب مزيداً من التعاون مع الشمال من اجل جهوده لتحقيق اعتماده الذاتي.
فالاعتماد الجماعي على الذات ليس الاكتفاء الذاتي الاقتصادي ؛ إنه يعني اختيار الخروج من العلاقات الاقتصادية مع الشمال .
ثم إن الابتكار العلمي والتقاني – الذي نشأ في أغلبه في الشمال — يتيح إمكانات خارقة للتقدم البشري ؛ كما أن انتشار العلاقات على وجه البسيطة هو مصدر للحيوية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
فالمسألة بالنسبة للجنوب ليست هي قطع روابطه مع الشمال ، بل كيف تتطور هذه الروابط من حال إلى حال .
إن العلاقة يجب أن تتبدل من الاستغلال الى المنفعة المشتركة ، ومن التبعية إلى المشاركة .
 
إننا نعقتقد إن هذا هدف قابل للتحقيق لأن الشمال هو كذلك بحاجة الى الجنوب.
ولا يمكن ترسيخ رفاهية الشمال واستقرار اليمن والجنوب العربي مالم يزل الفقر في الجنوب.
ثمة عوامل متعددة جعلت هذا الأمر يتزايد وضوحاً في العقد الأخير .
إن التوترات الاجتماعية تتصاعد في حدتها في كثير من أنحاء الجنوب ، وهي تقارب الانفجار في بعض المحافظات على رغم مساحاتها الشاسعة.
.
والاتجاهات الجارية في التغير السكاني جعلت الشباب يؤلفون نسبة متزايدة في السكان ، في الوقت الذي أدت التحسينات في التعليم ووسائل الاتصالات الى تعاظم مطامحهم وآمالهم .
وحين يعمل الركود الاقتصادي على إحباط هذه الآمال يترعرع الحقد ويحدث التوتر.
وينضم إلى الشباب الذين جفاهم المجتمع رجال مضهم الحقد وقد تقطعت بهم أسباب العيش.
 
في البداية يكون هذف الساخطين محصوراً بحكوماتهم ، ولكن الاضطراب المتعاظم لا ينحصر دائماً بين الحدود مع دول الجوار أو داخل الجنوب.
إن التوتر والنزاع في الجنوب لم تحدثهما عوامل اقتصادية فقط. ولكن ثمة مايثبت إن عدم توافر الفرصة الاقتصادية ، لا سيما للشباب من الناس ، هو من العناصر المتزايدة الأثر في الاضطراب العارم السائد في الجنوب ، ومن شأن هذا العنصر أن يعزز الضغوط التي تسببها عوامل أخرى.
لايستطيع الشمال أن يأمل بأن يظل محصناً ضد الهياج الاجتماعي والسياسي الجاري في الجنوب ؛ هذا الهياج سيفيض لا محالة على جهات أخرى بطرق مختلفة.
من الأدلة على ذالك ما نشهده من تدفق متواصل للاجئين والنازحين من المحافظات الجنوبية الى الخارج وكذالك اللاجئين الافارقة الى الشمال على الرغم من صغرمساحةالشمال وعدد سكانها المتزايد طلباً لحياة أفضل ، فيدخلونها سواء بصورة مشروعة أوغير مشروعة .
لا يمكن أن تقوم قائمة للسلام الحقيقي على وجه البسيطة بأسرها أو أن يكون الرخاء مستقرأ ومكفول البقاء في الشمال إلا إذا استطاع الجنوب أن يسارع نموه ويتغلب على التخلف ويبني حياة أفضل لسكانه واستثمار جزرة وسواحلة وشواطئة وارضة الخصبة ومياهه الجوفية النقية وجبالة وكل الاثار الموجودة فيه ومناخة الخلاب الىخ..
.
إن استئناف التنمية في الجنوب مهم كذلك في مجال آخر من المجالات التي يعني بها العالم المتطور عناية كبرى ، ألا وهو مجال حمايةالبيئةالعالمية والمياةالجوفية .
فالفقر مؤثر رئيسي في تردي مواطن الارض ، كما أن حالة البيئة في الجنوب ذات أهمية حاسمة لعافية الحالة البيئية في الوطن العربي .
لذا فإن تشجيع التنمية المتواصلة في الجنوب هو في مصلحة الشمال أيضاً كما هو واضح ، وهذا أمر يتزايد الاعتراف به الآن من ((اللوبي)) البيئي المتنفذ في الشمال.
إن الإفراط في أستقلال مواطن سخرها الله عزوجل في الارض ومصادر المياة ، الناشىء عن الضغط السكاني، ما هو إلاً نتيجة مباشرة للفقر وما يحدث من حياة غير آمنة.
اما احتواء الانفجار السكاني في الجنوب — وهو أمر يحظى باهتمام متزايد من الرأي العام في الشمال — فينبغي التواصل إليه من خلال التنمية في الجنوب ، ومن خلال توزيع أكثر عدلاً للدخل.
ومع أن إجراءات تخطيط الأسرة ضرورية جداً فإنها تكون أكثر فعالية كلما استقر الأمن الاقتصادي وتحسن مستوى المعيشة.
أما الفقر فيجب إزالته ، وعندئذً فقط سيكون من الممكن خلق الظروف التي يجد فيها الناس خيراً في أسر أصغر حجماً .
هذه الاعتبارات تضيف وزناً إلى الحجة الأخلاقية المنادية بمجهود مشترك بين الشمال والجنوب لقهر الفقر والتخلف .
إن عالماً تعيش فيه نسبة كبيرة من الناس ومخلاوقات الله دون مايكفي من طعام ومياة في حين تتلذذ القلة بشهوة الاستهلاك الفائض عند الحاجة ؛ عالماً يقوم فيه التبذير الشنيع جنباً إلى جنب مع الحرمان المتفشي ؛ عالماً ليس لدى أغلبية الناس في إلا سيطرة قليلة على مستقبلهم وهم يعيشون تحت استبداد الفاسدين وما تصدره مراكز القوة في العالم الصناعي من قرارات وما يصدر عنها من اتجاهات وعمليات– مثل هذا العالم لايمكن أن يكون مقبولاً من الناحية الأخلاقية .
والحق أن هناك جزءاً كبيراً من الرأي العام في الشمال يرى أن مثل هذا الحال لا يمكن الدفاع عنه.
لذا فإن أسس بناء اجماع وطن جديد حول التنمية هي أسس موجودة ؛ السياسية منها والاقتصادية والبيئية والاخلاقية .
إن التكافل المتبادل في العالم المعاصر ، والحقيقة التي لا مفر منها الناطقة بلحق بأننا نشترك في موطن عالمي هش ، واهمية الجنوب في العلاقات الاقليمية والدولية الاقتصادية والسياسية والأمنية — كل هذا يجعل من النمو والتنمية في الجنوب شرطاً لتوسع متواصل في الاقتصاد العالمي ككل ، وللحفاظ على البيئة ، وشروطاً لسلامة الأجيال الحاضرة والمستقبل أولاً وقبل كل شيئ .
إن الجنوب يحتاج من أجل النمو فيه إلى وضع دولي مؤيد لجهوده.
وهذا يستدعي إعادة هيكلة جذرية للعلاقات الاقتصادية بين الوطن العربي الغني والدول الفغيرة وللطريقة التي يدار بها النظام الدولي ويعمل بواسطتها .
سيتعرض هذا الرسالة الحاضرة لعلاقات الشمال والجنوب وللنظام الدولي.
ثم يلخص الرسالة رؤية ما لنطام عالمي في المستقبل من شأنه ، كما نعقتقد ، أن يأخذ بيد التنمية في الجنوب ويكون لمصلحة المجموعة العالمية ككل .
بعد ذلك يفتح الدراسة نوع التغيرات التي يمكنها ، من وجهة نظر الجنوب ، أن تسهم في بناء نظام دولي يدار على نحو أكثر عقلانية ويكون توجهه نحو شؤون التنمية .
وأخيراً يشير الفصل إلى نوع الجهود والعمليات والوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق تلك التغيرات.
 
أحبك يا وطني
ماحييت
تسقط السلطة الخفية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى