الجنوب العربي

التسول في عدن إلى أين؟!

[su_label type=”info”]سمانيوز/عدن/ خاص[/su_label][su_spacer size=”10″] تقرير/ مرام نوشاد.
لا يكاد يخلو شارع أو حارة في مدينة عدن من أيادٍ ممدودة، تطلب الفتات لبطون خاوية أخرجها العوز ربما، وأصبح من النادر أن تخرج من المسجد بعد أي فرض دون مقاطعة أحد المتسولين ولو بحثنا عن حاجاتهم الحقيقية فسوف نجد أن أغلبهم أمتهنوا التسول كمصدر رزق سهل ويصعب على باغي الخير أن يتحقق من مصداقية هؤلاء المتسولين.
قصصاً كثيرة نسمعها عن هوية المتسوّلين ودوافعهم، وحديثاً لا يستند إلى وقائع رسمية، عن أن هناك عصابات منظّمة كتلك التي نشاهدها في الأفلام، تقف وراء أطفال الشوارع، وعمليّات نصب وخداع يلجأ إليها كثيرون منهم لكسب المال، تصل أحياناً إلى الإبتزاز، وربّما العنف، إن سنحت الفرصة والموقف.
البعض ألقت به الظروف الصعبة وقساوة الحياة تحت أقدام المارّة، وأمام أعينهم، ومع إتّساع رقعة الفقر بفعل الحرب إزداد عدد الممتهنين للتسوّل في عدن من مختلف الأعمار، صغاراً وكبارا لا يشكون علّة أو عاهة، بعضهم هانت عليه نفسه وضاعت، والبعض الآخر أنسدّت أمامه أبواب الرزق والكسب.
يستوقفك في الطريق طفلاً، لا يعدم الحيلة في أن يعرض عليك مشكلته بورقة مكتوبة أو جمل مقتضبة، علّمته الصنعة أن تكون كلماته مختصرة وجامعة ومؤثّرة، يستدرّ بها عطف المارة.
أستوقفت إحدى الشابات وكان لدي حديثاً معها عن أسباب ممارسة التسول أو طلب الإعانة!، كان ردها على ما يبدو لي بأنه يحمل الصراحة نوعاً ما.. قالت: أصحب أختي الصغيرة وعمرها 7 سنوات، نحن على هذه الحالة منذ أن كنت أنا طفلة، كانت تصحبني والدتي معها لتمارس التسول من الناس؛ اليوم وعلى حسب قولها أصبحت والدتها عاجزة عن الخروج للشارع، وبإعتقادها جاء دورها للعمل بدلاً من أمها هي وأختها، خصوصاً وأن والدتها هي التي كفلتها بعد أن تم الطلاق بين والديها!، ولا تعلم الأم أين ذهب الأب حتى هي نفسها لم تلتقِ بوالدها منذ سنوات، أما عن المضايقات والمساومات أين تكمن في حياتها اليومية قالت: هناك الكثير من هذه التصرفات التي تحدث لنا من قبل بعض الشباب وبعض كبار السن!!، ولكنها على حد قولها لا تعيرهم أي إهتمام بهذا الجانب، مشيرة بأنها تبادل البعض الكلام في جوانب أخرى، ولكن هدفها الحصول على المال منهم عن طريق المزاح معهم ثم تذهب لممارسة عملها كما تقول بشكل طبيعي “تعودت”.
والتسول ظاهرة لا تنحصر على مدينة عدن، بل نشاهدها في جميع أنحاء العالم مع فارق الكثرة هنا أو هناك!، ويلجأ البعض إلى التسول مضطراً نتيجة الفقر أو المرض، وبسبب الدخل المرتفع أحترف البعض التسول وجعلها مهنته المربحة، وكذلك المال الوفير الذي يجنيه محترفي التسول قد يغري بعض العاطلين والفقراء على التسول ويعزز ذلك ضعف الرادع الأخلاقي والمجتمعي. 
ولعلاج هذه الظاهرة المقلقة يتوجب تجفيف منابع التسول عن طريق محاربة الفقر والبطالة، وخلق فرص عمل، ونشر الوعي الديني، وزرع ثقافة حب العمل، وأيضاً يجب أن تصل المساعدات العينية والنقدية من أموال الزكاة والصدقات لمستحقيها عبر الجمعيات الأهلية وأجهزة الدولة، وأن تنفق الزكاة بأوجهها الصحيحة، كما أن تأهيل المتسولين يعتبر جزءًا مهماً لمحاربة التسول، وتغليظ العقوبات على المتسولين الذين يمتهنون تلك المهنة فإنه الجزء المهم في محاربة هذه الظاهرة وكبح جماحها.
 ويجدر بنا أن نقول ثقافة التسول اليوم، لم تعد تقتصر على أولئك المتسولون الذين نعرفهم و نصادفهم في الشوارع والطرقات، بل أخذت أشكالاً وأنماطاً حديثة، مثل: الرشاوي التي تدفع هنا أو هناك، والإتاوات، وكذا الإسترزاق بإسم الدين أو أعمال الخير أو المتسولون عن طريق الصحافة والإعلام، وكذلك الأسواق السوداء التي راجت بضاعتها، وأختلفت مواردها وصارت متنفساً للكثير من التجار ينمون بها أموالهم بطريقة سريعة على حساب المواطن.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى