مقالات

الكل مقابل الكل

عبدالقادر السعدي

كاتب جنوبي
هذا ما أفادت به الأخبار عن محادثات تبادل الأسرى بين أنصار إيران وشرعية هادي في عمَّان بالأردن ، وفي الأخير أفادت نفس مصادر الخبر الأول بأن الكل لم يبق منه شي وأصبح فص ملح وذاب.
 
المتابع للأحداث يسأل ، ماذا يعني عقد مفاوضات بين طرفين بينهما حرب مشتعلة إلى الآن؟؟
ماذا يعني تبادل أسرى حرب بينهما ولا تزال الحرب مشتعلة بينهما ؟؟
 
لنفترض أنهما إتفقا على تبادل للأسرى بينهما ، وبشرط الكل مقابل الكل ، أين سيذهب كل منهم ؟؟
 
الإجابة عن السؤال الأول تقول بأنَّ عقد أي مفاوضات بين طرفين بينهما حرب وبوساطة أممية يعني الإعتراف بهما بشكل متساوي في مايجب أن يتفقا عليه وفرض أنصار إيران أجنداتهم في كل المفاوضات التي عُقدت معهم يشير إلى أنَّ الطرف الذي يفاوضونه لا يمتلك نفس الإمكانيات التي يملكونها وتؤهلهم بأن يحققوا نصراً عليهم والواقع يؤكد ذلك كونهم منذ أن إستولوا على السلطة بدعم من أورثهم إياها بعد أن تحالف معهم ومكَّنهم من سلاح دولة وجيش وأجهزة أمنية ، حكموا إلى الآن قرابة الأربع سنوات مناطق نفوذهم التاريخية رغم الحرب التي شُنَّت عليهم ولا تزال ، بعكس الطرف الآخر الذي لا وجود له على الأرض التي يجب أن يكون متواجداً فيها ، ووجود رئيس لحكومة شرعيته وبعض وزرائها في عدن التي لم تختر هذه الشرعية ولم تحررها ، فسادها يؤكد فشلها وعدم قدرتها القيام بواجبها في بيئه توجهاتها تختلف عن توجهات هذه الحكومة .
 
أما الإجابة عن السؤال الثاني تقول فشلت مفاوضات تبادل الأسرى بشرط الكل مقابل الكل ، وإذا تراجع الطرفان وحققا إطلاق سراح بعضهم ، أين سيذهب هؤلاء إذا تم إطلاق سراحهم ، ألم يذهبوا إلى الطرف المنتمين إليه ؟؟
وماذا سيفيد ذلك والحرب لاتزال قائمة ومشتعلة ، ألا يعيد نفس الملف من جديد في مفاوضات قادمة وتصبح المفاوضات مثل جمل المعصرة وينتج بدل زيت سمسم أو زيتون قتلى وجرحى وأسرى يقاتلون من أجل المتفاوضين المستفيدين من بقاء هذه الحرب ؟؟
 
قال العلامة محمد متولي الشعراوي رحمة اللَّهِ عليه إذا طالت الحرب بين طرفين متنازعين فأعلم أنَّ كلاهما على باطل ولو كان أحدهما على حق والآخر على باطل لإنتصر صاحب الحق على صاحب الباطل ،
 
وما شهدناه من أحداث عندما حاول أنصار إيران في ألفين وخمسة عشر غزو الجنوب وبدعم قوات من تحالف معهم لتجديد إحتلاله بإسمهم ، يؤكد قول الشيخ محمد متولي الشعراوي ، وإنتصر الجنوبيون بدعم قوات التحالف العربي لأنهم كانوا على حق ومن أراد غزوهم وتجديد إحتلاله لأرضهم كانوا على باطل فأفشلوا المشروع الصفوي المجوسي على أرض الجنوب ، وإستمرت الحرب وإلى الآن بين طرفين كلاهما على باطل .
وقد يسأل أحدنا نفسه وهل قوات التحالف العربي في هذه الحرب على باطل ؟؟ الجواب يقول أنَّه عندما وقفت قوات التحالف العربي مع من هو على حق إنتصرت وحقق لها وله النصر في أقل من شهر ، وعندما وقفت من أجل أن تعيد شرعية رئيس إلى بلدٍ لم تعد له شرعية فيه ، فطرفا الحرب والداعم لأحدهما أصبحوا على باطل ولذا لا تزال الحرب ومنذ أربع سنوات قائمة ولم ولن ينتصر لقوات التحالف العربي ودعمها قوات مايسمَّى بالجيش الوطني المدَّعى زوراً دعمه لشرعية هادي ، كذلك ورغم الإنتصارات التي حققتها قوات العمالقه الجنوبية في هذه الحرب ، إلَّا أن وجود هذه القوات على أرضٍ ليس بأرضها قد يعرضها لأكثر من خطر يؤدي في النهاية إلى هزيمتها وتاريخ من يحاربونه على أرضه شاهدٌ على غدر أسلاف هؤلاء بوحدات الجيش المصري الذي أرسله عبد الناصر لدعم إنقلاب المشير عبد اللَّه السلال رحمة اللَّهِ عليه على نظام أئمة آل حميد الدين في صنعاء ليؤسس الجمهورية العربية اليمنية ، وفي الأخير إنقلبوا عليه ومن حسن حظه كان يومها موجوداً في زيارة للعراق لينجو من مصيرٍ قد يختلف عن النفي في العراق.
 
الحل يا ساده إن شاء اللَّهُ بيد الشعبين والمُجرَبْ لا يُجرَبْ مرة أخرى وفي هذا الحل مخرج لكل الأطراف المشاركة في هذه الحرب ويكفي قتلى وجرحى وأسرى ومفاوضات عقيمة ، وبدلاً عن ذلك يجب إعادة بناء مادمرته الحرب وأمن واستقرار في المنطقة وإحترام حق الأخوة والجوار وتنمية في البلدين لصالح الشعبين في دولتين تحكمهما مؤسسات دستورية ونظام وقانون وعدل يحكم الحاكم فيهما قبل المحكوم ، فهل من متعظ؟؟
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى