عام

عاصفة الحزم انتصارات وخذلان وعقاب في عدن..!!

عبدالكريم احمد سعيد

كاتب جنوبي
سطرت المقاومة الجنوبية بكل اطيافها السياسية (الحراكية والسلفية) بطولات رائعة ومواقف شجاعة ومشرفة، حيث تصدت لقوات الرئيس المخلوع صالح، وميليشيات الحوثيين الغازية للجنوب، ولقنتهم دروساً لن ينسوها على مدى التاريخ، بدعم ومساندة صقور الجو لدول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
لقد اختلط الدم الجنوبي بالخليجي، في هذه المعركة المصيرية، وكان هناك دور مميزلدولة الإمارات العربية المتحدة، ليس فقط بالتصدي لقوات الحوثي وصالح بل في محاربة الإرهاب والتطرف المصدر أصلا من صنعاء إلى عدن والجنوب عموماً، لأهداف سياسية أصبحت مفضوحة ومكشوفة للجميع.
الموقف الجنوبي كان مميزاً وحاسماً تجاه العدوان الحوثي، بل أكثر صلابة وصموداً، ليس دفاعاً عن الشرعية اليمنية، كما يحاول البعض تصويره، بل دفاعاً عن النفس والعرض والدين والوطن، في سبيل التخلص من الإحتلال اليمني للجنوب، ونيل الحرية والاستقلال واستعادة كرامة الإنسان الجنوبي المسلوبة من قبل قوى كهنوتية جاهلة ومتخلفة، تديرها عصابات مافيا تمثل القبيلة والعسكرتريات والمتأسلمين الجدد زوراً (ثالوث أسود خبيث) يمتص دماء اليمنيين وينهب ثرواتهم ويعبث بمقدراتهم العلمية والفكرية لعقود من الزمن.
بعد هزيمة القوات الغازية وإخراجها من معظم مناطق الجنوب، كان يحدونا الأمل والتفاؤل معاً بعودة الحياة الطبيعية إلى تلك المناطق المحررة، والاهتمام بها خدمياً، لما قدمته من تضحيات وشهداء، تعويضاً للمعاناة والبؤس والحرمان الذي تجرعه الجنوبيون خلال فترة حكم عفاش السابقة، وما سادها من ظلم واستبداد، نهب الثروات، فساد، تطفيش للكوادر وتجهيل للشعب، إضافة إلى محاولة تدمير الأخلاق والقيم وطمس ثقافة وهوية وتاريخ الجنوب العربي. واعتبار الجنوب فرعاً من الأصل اليمني، تابعاً لعصابة الحكم في صنعاء.
وبطرد قوات الاحتلال العسكرية والأمنية من عدن، ومعظم المناطق الجنوبية العام 2015، تخلص شعبنا من كابوس مرعب كان جاثماً على صدره، منتهجاً مبدأ القوة والعنف والبطش بالجنوبيين منذ انطلاقة الحراك الجنوبي السلمي العام 2007، المطالب برحيل القوات اليمنية من الجنوب وما رافق ذلك من تعتيم إعلامي وتشويه لصورة ثورة الجنوب السلمية التحررية.
وفي ظل الشرعية اليمنية المزدوجة ، يكتشف الجنوبيون بقايا أذناب ومخلفات الاحتلال، اللعنة التي مازالت تلاحقهم حتى اليوم في كل مكان وزمان، يصعب التخلص من هذا الوباء الخبيث بليلة وضحاها، وقد يحتاج إلى وقت طويل للقضاء النهائي على أمراضه المزمنة. بشروق شمس الحرية وبزوغ فجر جديد، ينجلي فيه الظلام القاتم وتنقشع السحب السوداء من على سماء عدن والجنوب عامة.
المؤسف جداً ما نشاهده اليوم من استمرار المعاناة والغبن والظلم الذي لحق بشعب الجنوب باسم الوحدة اليمنية (السيمفونية) التي يعزف عليها بعض القومجيين والواهمين اليمنيين بعواطفهم. بعد إثبات فشلها وقتلها في المهد من قبل عفاش ونظامة البوليسي. ومازالت القضية الجنوبية مغيبة حتى اليوم، بعد المتغيرات الجديدة على الأرض. في ظل صمت عربي ودولي مطبق، وتجاهل متعمد لا يمكن تفسيره إلا بالخذلان والتواطؤ على حساب الشعب الجنوبي، المكبل بقيود مصالح الدول الكبرى ومن يدور في فلكها.
حيث يسود جو قاتم ومخيف يشكو منه أهل الجنوب، والعاصمة عدن على وجه الخصوص. بما آلت إليه الأمور من تدهور دراماتيكي في كل مناحي الحياة، بطريقة مستفزة للعقل البشري ومنافية للقيم والأخلاق. أصبحت تهدد الحياة والمجتمع وتنذر بكارثة إنسانية في تلك المناطق المحررة. وما يرافقها من ضبابية في المشهد السياسي اليمني. ودول الخليج يبدو كأنها لم تستوعب بعد مطالب الجنوبيين السياسية في إطار المشكلة اليمنية المعقدة والمركبة، ويؤدي الاستمرار في تجاهلها إلى مزيد من تفاقم الأزمة وديمومتها.
لقد وصل الأمر إلى معاقبة هذا الشعب العظيم في معاشه وأمنه وخدماته الضرورية، وعقاب جماعي للجنوبيين، بشكل يجعلنا نضع أكثر من علامة استفهام وبخط أحمر.ونعيش القلق والألم معاً على مصير هذه الأمة وما يلحق بها من اذى مادي وتعذيب نفسي. يهدف إلى خلط الاوراق وإثارة فوضى خلاقة، لإرغامها على التنازل عن حقها في الحياة الكريمة خدمة لقوى ظلامية، ترتبط مصالحها بالإرهاب الأسود الذي يتحرك بالريموت كونترول من المركز المقدس في صنعاء، ويسعى إلى زعزعة الأمن والسكينة الاجتماعية في هذه المناطق المحصنة بثقافة أبنائها، وانفتاح شعبها على كل جديد، وتطلعاته الى مستقبل أفضل وآمن وحياة كريمة.
إن ما يتم تنفيذه اليوم من سياسات التعذيب والتجويع للمواطن الجنوبي في العاصمة عدن (حرب الخدمات) هو مخطط خفي تقف خلفه قوى حاقدة على الجنوب، لتنفيذ أهداف سياسية ورغبات شخصية مريضة لمعاقبة الجنوبيين والانتقام منهم، لعشقهم للحرية ورفضهم للتطرف والإرهاب وتصديهم لقوى الشر والعدوان اليمنية(الحوثية –العفاشية).
ويأتي حزب الإصلاح في مقدمة القوى التي تعمل ضد الجنوب !! وتحاول ذر الرماد على العيون، بإيهام دول الخليج في معاداة إيران، وهم في الحقيقة إمتداد للحوثيين وعفاش وتربطهم مصالح مشتركة لتقاسم السلطة في صنعاء والثروة في الجنوب، وهنا يكمن سر خذلان وفشل التحالف العربي من تحقيق انتصارات حقيقية بالمناطق الشمالية (تعز ومأرب) لأكثر من عامين.
إن حزب الإصلاح وعصابات عفاش واذنابهم في الجنوب ، هم من يقف اليوم خلف معاناة شعبنا في المناطق المحررة والعاصمة عدن، من دون خجل أو تأنيب للضمير بما يقترفونه بحق هذا الشعب الذي أبى إلا أن يقول: لا لتكريس الاحتلال للجنوب، وتصدى بقوة وبسالة لوقف المشروع الإيراني التوسعي، بل قطع يده في المنطقة، والذي كان يسعى للسيطرة على مضيق باب المندب وخليج عدن لتهديد الأمن القومي العربي، والتحكم بأهم الممرات المائية الدولية في البحر الأحمر.
لقد حان الوقت لدول التحالف العربي، وعلى وجه الخصوص الخليجية منها للوقوف إلى جانب شعب الجنوب ودعمه مادياً وعسكرياً وأمنياً وسياسياً ومعنوياً، باعتباره الحليف الاستراتيجي الوفي لدول الجوار (الخليج) الذي يمكن ان يراهن عليه في تأمين المنطقة بكل منافذها البحرية، واخراجه من المحنة السياسية والاقتصادية التي يعيشها اليوم، ليلحق بركب دول “مجلس التعاون” الخليجي، بما سيشكله من إضافة جديدة ومهمة لتعزيز وتقوية هذا المجلس في التصدي للمخططات التي تستهدف الأراضي المقدسة في المملكة العربية السعودية، والأمة العربية عموماً، بحكم موقعه المطل على أهم الممرات الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن المشتركة مع المملكة العربية السعودية ودولة عمان.
كما يتميز الجنوبيون عن غيرهم، ليس فقط بالشجاعة والرجولة والإقدام، بل والوضوح والأمانة والوفاء بالوعود، وقد أثبتوا ذلك على أرض الواقع من خلال وقوفهم إلى جانب عاصفة الحزم بكل صدق وإخلاص، وكانوا لها خير سند.
عبدالكريم أحمد سعيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى