مقالات

هل العداء الإسرائيلي الإيراني حقيقي

أحمد بن شوبه

نظرية المؤامرة أثارت الكثير من الجدل في منطقة الشرق الأوسط في ظل الوضع المضطرب الذي تعيشه المنطقة والذي يغلي على صفيح ساخن بالأحداث والتطورات .. ففكرة المؤامرة في الثقافة السياسية العربية كانت حاضرة وبقوة وآمن بها الكثيرون فيما ترفض شريحة واسعة ايضا ربط الكثير من الاحداث بهذه النظرية وفي اعتقادي أن المؤامرة لايمكن إنكار وجودها في أي حدث كما لايمكن أيضا النظر الى الأحداث من زاوية المؤامرات .. فالأمر يعود الى المعطيات والنتائج والتحليلات
والجدل حول نظرية المؤامرة في الذهن الجمعي العربي كبير ومتشعب .. ولكن ما حداني للحديث عن ذلك هي الأحداث المتسارعة الأخيرة في المنطقة بدءا من الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي مع إيران .. وليس انتهاء بالضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل على الحدود السورية مع الأراضي المحتلة هذه الأحداث ومن خلال متابعة وسائل التواصل الاجتماعي اظهرت ميلآ الى نظرية المؤامرة حتى من بعض النخب السياسية والإعلامية العربية وان ما يجري بين إيران واسرائيل مجرد تبادل أدوار لتنفيذ أجندات استراتيجية ولايوجد هناك عداء حقيقي بينهما وانا اعتقد أن مثل هذا التحليل غير دقيق ولايبنى على دلائل ومعطيات حقيقية وقوية لماذا ؟؟؟
كما هو معروف اأن إسرائيل حليفة للولايات المتحدة الأمريكية .. والأخيرة ملتزمة بأمن إسرائيل ودعمها .. وأي علاقة سرية وغير عدائية بين إسرائيل وإيران يعني بالضرورة أن تكون هذه العلاقة أيضا بين إيران والولايات المتحدة .. لكن الوقائع تدل على وجود عداء حقيقي .. لكن ماهي هذه الوقائع :
أولآ : إيران واسرائيل كلاهما يحملان مشروعآ توسعيآ في المنطقة والتي باعتقادي لاتقبل القسمة على اثنين أو على ثلاثة اذا ما اضفنا تركيا .. نعم قد تلتقي المصالح الإيرانية والإسرائيلية في بعض الأحيان لكنها قطعا تتصادم كثيرآ .. وهو في الحقيقة تصادم مشاريع .. فالتوسع والتمدد الإيراني كما يقلق العرب فهو يقلق أيضا إسرائيل ويهدد مشروعها في الهيمنة على المنطقة .. وهذا سبب كافٍ لإظهار هذا التحرك العسكري الكثيف من إسرائيل في تكرار ضرب أهداف إيرانية في الداخل السوري ..
 
ثانيآ : الولايات المتحدة بارعة بامتياز في صنع الأعداء الاستراتيجيين واحتوائهم في نفس الوقت وذلك لابتزاز الحلفاء .. خذ مثلآ روسيا تبتز بها الولايات المتحدة حلفاءها الأوربيين أو كوريا الشمالية والصين وقضية بحر الصين الجنوبي بالنسبة لابتزاز كوريا الجنوبية واليابان الحليفين للولايات المتحدة .. وهناك إيران أيضا لابتزاز دول الخليج وبالنسبة لمنطقتنا فإن الولايات المتحدة كما اسرائيل في حالة عداء حقيقي مع إيران وتستطيع عسكريا إسقاط النظام الإيراني .. لكن كما ذكرنا فإن الولايات المتحدة تستخدمه كفزاعة وبعبع في المنطقة لابتزاز دول الخليج ماليآ عبر صفقات السلاح الضخمة وتستخدمه أيضا إسرائيل للتقرب من بعض الدول العربية خاصة الخليجية بحجة العداء المشترك لهذا النظام
وفي نفس الوقت نجد سياسة الاحتواء الامريكي لإيران واضحة فبدلآ من إسقاطه النظام الإيراني تقوم الولايات المتحدة باحتوائه وإضعافه من خلال العقوبات التي انهكت الاقتصاد الإيراني بشكل كبير .. وأدت الى ارتفاع الأسعار والبطالة برغم عقد الاتفاق النووي في عهد أوباما .. إلا أن الايرانيين لم يلمسوا أي تغير حتى جاء قرار ترمب بالانسحاب من الاتفاق وفرض عقوبات جديدة وشديدة على إيران وهو ما سيزيد من تعقيد الوضع داخليآ من خلال زيادة الانهيار الاقتصادي وانعدام التنمية وإحجام الشركات الأجنبية وخاصة الأوروبية عن الاستثمار في السوق الإيرانية خوفآ من أن تطالها بطريقة أو أخرى يد العقوبات الأمريكية ..
 
إذاً في ظل هذه المعطيات وغيرها لايمكن الحديث عن علاقة أو اتفاق بين هذه الدول الثلاث أمريكا وإسرائيل وإيران
وإنما يمكن الحديث كما أشرت سابقا عن استخدام إيران واحتوائها بمعنى عدم إسقاطها .. وفي نفس الوقت عدم السماح لها بالنهوض بحيث تهدد المصالح والمشاريع الأمريكية والإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط ..
وفي غياب المشروع العربي الموحد ستظل هذه المشاريع تتصارع للهيمنة على هذه البقعة الهامة من العالم ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى