مقالات

هل اليمن يتجه إلى المجهول؟

علي البجيري

سفير جنوبي
لا يختلف إثنان حول وجود تداعيات داخلية وخارجية للأزمة اليمنية، بينما من الصعب على المرء ان يستنتج إتجاه مسارات تلك الازمة، لاسيما في ظل غياب الأفق الوطنية للحل وغياب تلك الشخصيات السياسية ذات القدرة المؤثرة على المشهد السياسي .
فمنذ بداية الحرب وانطلاق ” عاصفة الحزم ” وكل دولة من الدول المشاركة فيها لها حساباتها وفقا لمصالحها وإستراتيجيتها، هذه حقيقة علينا ان نسلم بها، وهي حق من حقوق الدول المشاركة في التحالف العربي. وعلينا ان ندرك بانه لا احد سيأتي إلى هذا البلد المنكوب لوجه الله أو حبا في سواد جبالها وسعة بحارها وسواحلها ومساحتها المتناثرة من المهرة إلى صعدة.
صحيح ان الهدف هو الوقوف ضد التدخل الايراني ومنع تمدده على الساحة اليمنية والإقليمية والحد من ان يصبح خطر جدي على ”الامن القومي العربي” . وهنا تتداخل المصلحة اليمنية مع مصالح دول التحالف العربي، وهو تداخل مشروع لا بد من ان الإعتراف به. وهنا نلمس قساوة الطبيعة والبيئة اليمنية وتركيبتها القبلية والإجتماعية التي بحد ذاتها تشكل ضمان لاستقلالية الاراضي اليمنية ومانعا لاية طموحات خارجية.
يقول الملك عبد العزيز بن سعود، متحدثا مع عبد الرحمن القصيبي عن الحرب اليمنية – السعودية عام 1934 شارحا لماذا أمر بسحب قواته من الحديدة قائلا: (( هذه بلاد جبلية قبلية لايستطيع أحد السيطرة عليها، كل من حاول عبر التاريخ فشل، وكانت الدولة العثمانية أخر الغزاة الفاشلين، لا أريد أن أتورط في اليمن وأورط معي شعبي )). ” كتاب د. غازي القصيبي حياة في الادارة” .
لذا فان الحالة اليمنية اليوم هي نفسها الحالة ايام الملك عبد العزيز بن سعود، فقرار وقف الحرب وإحلال السلام ليس بيد أبناء اليمن بقدر ما تتداخل فيه العديد من العوامل اهمها مصالح الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الامريكية، فهي وخزينتها اكثر المستفيدين، تليها الدول الأوروبية المصنعة للاسلحة.
نحن الشعب اليمني بقواه السياسية والعسكرية والقبلية مجرد راقصون في الحلبة على انغام موسيقى يعزفها لنا (المايستروا ) من خارج الحلبة، وهذا يندرج في فنون السياسة والمصالح.
يخطئ من يعتقد ان هناك حلولا تلوح في الافق.
لا شمال ولا جنوب متعافئ علينا ان نعرف هذه الحقيقة. الوطن متجه وبقوة إلى مزيد من المخاضات بما فيها إعادة الأوضاع الى ما قبل قيام الوحدة الفاشلة. هذه حقيقة ماثلة أمام اعيننا،
علينا قراءة الواقع بشكل صادق دون الإفراط في التمنيات والاحلام.
ما نراه إن بوادر دويلات قد ظهرت في الوطن، دولة في صنعاء، دولة في عدن، واخرى في مأرب، ضف الى إمكانية وجود دولة في تعز واخرى في حضرموت، مضاف اليهم جميعا دولة الشرعية التي تقبع في الفنادق وقصور المملكة.. اذا فان المشهد يوحي بان لا وجود لليمن الذي نتغنى به قديما وحاضرا.
ادعوكم جميعا فيما اذا اردتوا أن تقتلوا الأفعى، فعليكم برأسها، ورأس الأفعى يحوم اليوم في صنعاء، ولكن هيهات من المخرج الذي يمتلك السهم القادر على قتل الافعى، لولا انه حتى الان لايريد ان يطلقه باتجاهها، ما يمنعه من ذلك هي تلك الاموال التي تتدفق بالمليارات إلى خزائنه، والتي تدير عجلة محركات مصانعه بأعلى المعدلات.
ما علينا إلا ان نقول اللهم أرحم اليمن، بمختلف مسمياته وكما شئتم، الملكي، او الجمهوري، او الديمقراطي. الله يرحم الشمال ويرحم الجنوب، اما الوحدة فقد سبقتهما ورحلت من الواقع ومن القلوب، غير ماسوف عليها. فاليمن بجميع تقسيماته الجغرافية ومكوناته السياسية لا محالة ذاهب الى المجهول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى