آداب و ثقافة

«الأم» في حياة الشاعر أدونيس

[su_label type=”info”]إعداد: صلاح القرني[/su_label][su_spacer size=”10″]
يقول أدونيس الأمُّ في المجتمع العربي هي في مرتبة «الظل»، بالنسبة إلى الأب الذي هو دائمًا في مرتبة «الضوء». كانت أمي، بالنسبة إليَّ، كمثل الطبيعة، أرتبط بها لا بالولادة وحدها، بل بالهواء والفضاء. هي نفسها طبيعة، خصوصًا أنها لا تقرأ ولا تكتب، مظهر ناطق من الطبيعة، شجرةٌ من نوع آخر، أو نبعٌ يتكلم.
كنت في الثالثة عشرة من عمري عندما تركت البيت وانفصلت عنها، لم أعد أراها إلا قليلاً في العُطَل المدرسية، حتى في طفولتي كان أبي هو الذي يدير شؤون «ثقافتي» أو «تربيتي العقلية»، وكانت أمي هي التي تدير شؤون الحياة اليومية، هي في حياتي، منذ البداية، جزءٌ من «الطبيعة»، لا من «الثقافة»، تصبح جزءًا من «الثقافة» عندما تبلغ مرحلة الشيخوخة، وهذا ما أكتشفه اليوم، شيخوخة الأم في المجتمع العربي، القائم على ثقافة الأب، مشكلة ثقافية واجتماعية معًا، وعندما يحدث أن يموت الأب باكرًا، وتبقى الأم بعده فتيَّة، كما حدث لأمي، فذلك يطرح مشكلات إضافية كثيرة ومعقدة. مثلاً، أين تسكن الأم؟ وحدَها، وكيف؟ في بيت أحد أبنائها المتزوجين وله أولاد، وكيف؟ وقد لا تطيق زوجته أو قد لا تطيقها زوجته. وقد يكون لهما أولاد لا يفقهون معنى أن تعيش جدتهم معهم في بيت واحد، وينظرون إليها بوصفها «زائدة» أو في غير مكانها، والأمومة، في حالة الشيخوخة، تتغير هي نفسها. يزداد فيها حسُّ التفرُّد، وحس التملُّك، وحس الحضور.

 
من صحيفة الرياض السعودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى