آراء جنوبية

مواطن يعاقب مواطناً…

أحمد بن شوبه

ناشط اعلامي بارز
في ظل الظروف الراهنة التي فرضتها السياسات الفاشلة ولوبيات الفساد العميقة ضاق المواطن ذرعا ونفذ صبره فخرجت المظاهرات المنددة والغاضبة على ما وصل اليه الحال من تفاقم الازمة الاقتصادية والمعيشية للمواطنين(الغلابا) فما من صوت يمكن ان يُسمع ساكني البروج العاجية و آكلي( الجاتو) الا صخب الاحتجاجات والمظاهرات بعد ان اعطت الحكومة لشعبها (أذن من طين واخرى من عجين) ولم تلتفت الى مناشدات وتحليلات الخبراء الاقتصاديين الذين كانوا يحذرون من حلول كارثة اقتصادية تمس المواطن في احتياجاته الضرورية
والاحتجاج السلمي اسلوب عالمي راقٍ للتعبير عن رفض امر ما او المطالبة به بطريقة لاتتعارض مع الدين والقانون ولاتُعرّض مصلحة الاخرين للضرر
لكن للاسف في دول العالم الثالث وبالاخص الدول العربية فإن مفهوم الاحتجاج له اسلوب اخر وطريقة اخرى
فنرى مثلا في كثير من المظاهرات والاحتجاجات اعتداء على مصالح وحقوق مواطنين اخرين قد يكونوا هم ايضا صوتهم من صوت المحتجين وسواء كانت تلك المصالح والحقوق عامة او خاصة فهي في المحصلة ملك للشعب ولايعقل ان يتسبب المواطن في تعطيل او تخريب مصالحه العامة والخاصة بل هذا العنف والسلوك قد يضر المحتج نفسه ويعرض حياته للخطر من قبل قوات الامن عندما تخرج هذه الاحتجاجات عن السيطرة
انا لست ضد ان يعبر المواطن عن حالة الكبت والقهر التي يعانيها بسبب الازمات الاقتصادية المتتالية التي تسبب فيها غالبا الحكومات الفاشلة والفاسدة
لكني ضد ان يعاقب المواطن مواطنا مثله ويتمثل ذلك بقطع الطرق الرئيسية والفرعية مما يلحق الضرر بالمواطنين ومصالحهم وكذا اشعال الاطارات مما يسبب انبعاث الادخنة السامة منها خاصة في الطرقات وامام منازل ومحال المواطنين وهذا يُلحق بالمواطنين اضرارا صحية لاحصر لها
الى غير ذلك من السلوكيات الخاطئة التي تُخرج الاحتجاج من كونه اسلوب حضاري لتحصيل المصالح واعادة الحقوق الى كونه شغب و(بلطجة) وتعدٍ على الممتلكات العامة والخاصة وتعطيل مصالح الناس وهذا للاسف هو السائد والمُشاهد
لماذا لانرى في كثير من دول العالم ما نراه في دولنا خاصة في الاحتجاجات والمظاهرات كثيرا ما اشاهد احتجاجات ومسيرات في اوروبا او امريكا او في دول اخرى تسير وتجري ضمن القانون المُتبع لا اعتداءات ولاعنف ولاقطع طرق الا فيما ندر وفي كثير من الاحيان تؤتي هذه الاحتجاجات السلمية ثمارها دون صخب او عنف وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على تشرّب هذه المجتمعات لثقافة الاحتجاج بينما السائد عندنا وللاسف ثقافة (البلطجة) والقفز على النظام والقانون
وثقافة الاحتجاج تقول لنا ان اردت ان تحتج على شيء ما فتوجه الى الجهة المسؤولة عن هذا الامر لكي تُسمعها صوتك مثلا اذا اردت ان تحتج على سوء خدمة الكهرباء فإنك تتوجه مباشرة الى مبنى الكهرباء للاحتجاج امامه
ونحن نرى في امريكا مثلا عندما يحتج الشعب الامريكي على قرار من قرارت رئيسه نرى مئات الالاف من المحتجين امام البيت الابيض وليسوا في الشوراع يشعلوا الاطارات ويحطموا المحال التجارية اطلاقا لانه شعب واعٍ لما يقوم به ويعلم انه يحتج ليُصلح لا ليُخرّب
فليتنا في دولنا العربية تكون لدينا هذه الثقافة في التعامل مع ازماتنا حُكّاما ومحكومين خاصة ان الاسلام يدعو الى اخذ الحقوق وإعطائها دون ضرر ولا ضرار
بقلم: احمد بن شوبه
..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى