آداب و ثقافة

اوراق في الأدب والثّقَاَفةِ "فضاءٌ لغبار الطّلع"

[su_label type=”info”]سما نيوز/بقلم-عبدالله سعيد الحاوي/خاص[/su_label] تدهشني تلك القدرةُ العجيبةُ التي يمتلكها شاعرنا الكبير ((أدونيس)) والمتمثلة في استحواذه على مفردات اللغة إذ يوظفها ويحركها كما يشاء هو لا كما تشاء هي :- ويدهشني اكثر أن المفردة اللغوية لديه – حتى يبني معمار قصيدته . تنفتح على افق شاسع البعُد من الاحتمالات والدلالات والمعاني وتعتري القارئ إزاؤها أطيافٌ واسعة من الحيرة والتعجب والاستغراب حتى ليشعر أنه يلج غابة كثيفة الاشجار ، متشابكة الأغصان ولا يدري أين أول الطريق وأين آخره ولا يدري أيضاً ما الذي سيجنيه من هذه الغابة وبأنه حصيلة يعود إنْ هو اهتدى إلى الطريق المسلوكة .! وعلى الرغم من بساطة وسهولة الألفاظ والتراكيب التي يستخدمها ((ادونيس)) غير أن القارئ لشعره كأنما يسير في عالمٍ شديد الإنغلاق ومحاط بسياج صُلَبَ من الغموض والتيه ومرر هذا الغموض والتيه إنما يعودان إلى أننا أمام شاعر غير عادي بل أمام شاعر ملأ الأسماع وشغل الأذهان وتُرجمت قصائدةُ إلى معظم لغات العالم علاوةً على أنه قد رُشّح لجائزة نوبل غير مرّة . ولنقف الآن مع عنوان ديوانه (( فضاء لغبار الطلع )) ….. تأملوا معي هذه الألغام : فضاء ، غبار ، … طلع : اليست هي ألفاظً سهلة وبسيطة ؟…. ولكن ما الذي يعنيه ((ادونيس)) بالتحديد في توظيفه لها ؟ هنا ينفتح أفق الشاعر على كثر من الاحتمالات والتغيرات المختلفة بين جموع القراء حيث يفسرها كل قارئ كما يراها وبما انطبع في ذهنه حين قراءته لها ، ولكن المعنى يظل خفيّاً في بطن الشاعر والشاعر هنا هو (( ادونيس)) وما أدراك ما ((ادونيس )) ….! إنه شاعر فذ مقتدر ومتمكن إلى أبعد الحدود من أدواته الشعرية ومن اقتناص لحظة اختمار وتكوّن القصيدة التي تحيؤةُ في حاَلة من الترقب والتهيؤ والوعي . ولكن هل جنوح ((أدونيس )) ونزوعه إلى التفقيد والغموض يعكس جانباً في نفسيته أو وصيته ؟:- ربما غير أني أستطيع البتّه الجزم بذلك إلى درجة اليقين وهكذا سيظل ((أدونيس)) ينسج منواله الشعري على الذي أختطه لنفسيه محيراً الأذهان ومشغلاً العقول بدلالات ألفاظه ومعاني تراكيبه وغرابة أسلوبه …….. او لنفق الآن مع جزء من تقديم للأستاذ ((سيف العمري)) رئيس تحرير مجلة (( دبي الثقافية )) لديوان ((فضاء لغبار الطلع )) :_ ولا شك أن (( أدونيس )) كان يستشعر غربة (( إمراء القيس )) وهو يعيش بين غربتين أدناهما المكان وأصعبهما الزمان ، وتبلغ الغربة أقصاها حتى يخاطبنا من اقصى الأرض بقصيدة (( شانفهاي)) في حفل يبدأ ولا ينتهي ويسهر هو على قبر المعنى !…. فهل تراهُ وجد أنً الكلمات لم تعد أجساداً قادرة ً على احتمال روح الشعر ؟! فلتغلب معاً صفحات هذا الإصدار الموسوع بكل حروفه وحركاته ببصمة رائد الشعر العربي المعاصر لنبحث عن الأسئلة التي تغلّف طلاسم المعنى فربما نقترب من سماء ((أدونيس )) التي قال عنها متسائلاً :
مَنْ قال الشاعر لا يدخل السماء
إلاًّ محروساً بالجحيم
كما نقتطف بعض مما جاء في كلمة التلميذ …، لأستاذ (( نواف يونس )) الذي يضع نفسه هنا أمام ((أدونيس )) موضع يقول الأستاذ (( نواف )) : إنه منذ أكثر من نصف قرن وهو لا يزال يمارس مزيداً من الحضور المتميّز في المشهد الثقافي العربي سواءً على مستوى الإبداع الشعري أو الفكري …. إن أجمل ما في (( أدونيس)) ذلك الحس النقدي الذي طال مفهوم وأبعاد وجوهر الحداثة الشعرية العربية والتي لا يجوز لها من وجهة نظره أن تختزل الحركات العلمية والفنية والاجتماعية والدينية على مر العصور بالخروج من أوزان (( الخليل بن احمد الفراهيدي )) وحسب ، مصراّ على أن نمارس الوعي الحاضر بالكتابة وبالتالي التأسيس لعالم أفضل من خلال إنسان أكثر انخراطاً في الحريّة بإرادته ، إنه ((ادونيس )) الباحث الدائم عن نفسه بالكثير من الصدق والشفافية من خلال توصيف وتوليد واستنباط رؤى مستقبلية تكون قادرةً على إعادة ترتيب الأوليات وتوفير قوة دفع تمكّن الحركة الشعرية العربية من قيامها بدورها التنويري إنسانياً قبل أن تستكمل دورها والإنصات إلى نبض مرحلة البحث عن مضمون التراث كون الواقع يتطلب عصرية النظام المعرفي والجمالي من أجل التحويل إلى الوعي الفاعل وليس الوعي الزائف الذي يكرس السائد ويعمل على استمراريته…. الخ .
وللتعريف بديوان (( فضاء لغبار الطلع )) فإنه صدر في شهر سبتمبر عام 2010 م ضمن سلسلة الكتب الدورية التي تصدرها مجلة (( دبي الثقافية )) تحت عنوان (( كتاب دبي الثقافية )) ولنقرأ فيها مقاطع من بعض قصائد (( ادونيس )) التي ضمتها دفتا ديوانه – يقول ((أدونيس )) :-
لا تزال الشمسُ فتيّة فوق بحر العرب
والأرجح أنها لا تهرم
لكن هل هذا مدحٌ أم هجاء ؟!
هنا امس ….
بدت لي أشعةُ كأنها شفاةٌ
يَلَّذ لها أن تظل في حوازٍ مع الزبد
لماذا إذاً
عندما حاولتُ أن أرجّن شعاعاً
تمرّد علي الأفق .
حلم الليل بيت
هيهات أن ينتهي الفجرُ من بنائه
هو ذا نمل الليل
بحر وراؤه خبر الفجر
مرة فاجأت الفجر
يغسل ولم تنفيذ الحاجةُ إليه .!
عَلّمهُ الشعْرُ
أن الموت خلاف لما يُظن
هو الواضحُ
وإن الحياة هي الغامضة !
هو العابرُ الزائل كما تقولين أيتها السماء
فلماذا إذاً تهمين به ؟!
على خاصرة ذرّة تتنزّه في حديقة المادّة
ألقي رأسهُ
وأخذ يقرأ ألف ليلة وليلة !
تلك قراءتي ايها الكرام وهي وقفةٌ مع ديوان ((فضاء لغبار الطلع)) وأرجو أن اقف مطولاً مع هذا الديوان في فرصة قائمة إن شاء المولى .
لا بد من صنعاء ..!
لابد من صنعاء وإن طال السفر ….
كثيراً ما يتردد هذا الشطر من بيت شعري للإمام الشافعي ولكن كثيرين يجهلون عجز هذا الشطر ((أي تكملته)) وهي
وأقصد القاضي إلى الهجرة دبر
وعليه تكون قراءة البيت كاملاً على هذا النحو :-
لابد من صنعاء وإن طال السفر
وأقصد القاضي إلى الهجرة دُبر
ويعني الإمام الشافعي بالقاضي الإمام العالم والمحدث الحافظ ((إسحاق بن ابراهيم الدبري )) أما هجرة دُبر فهي إحدى قُرى سنحان بصنعاء
الورقة الاخيرةُ : كلمات لها وقعٌ ومعنى
السذاجة وحسن النية تكون مهلكة احياناً !.
إن كلمة ((الوردة )) تحمل جرثومة قصيدة من حيث الألوان والرائحة والجمال .!
(( الناقد الغربي (( كروتشة ))
((شيخ النقاد الغربيين ))
في حضرة الموت الحي
هل افقأ عين الشمس
حتى تبكي
هل أسيل لعاب بأحلامك
حتى يتدفق
هل أهز الأشجار
حتى تنوح
هل أنفخ الريح
حتى تتحول صمتاً
وراء الجنازة.
هل أَقْلبْ الأرض مثلك
حتى تستوي الأشياء
من حقي أن أبالغ
لأنك شاعرٌ
فأنا أمجّد فيك الإنسان
والورق الأخضر
والعالم الجديد …..؟
الشاعر الراحل (( عبدالرحمن فخري ))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى