آداب و ثقافة

«أحلام في مهب الريح» خاطرة : ريم درويش

سمانيوز/خاص

كان من المفترض أن نكون على هذه البسيطة بُناة، منشغلين بتعميرها وتوسيع أرجائها، نزينها بالأمن والسلام والخيرات، ونجعلها واحة للحياة المنتجة والصانعة، حيث يزدهر الإبداع، وتتفتح المواهب، وتتحقق معاني الإنسانية السامية. لكن شاء القدر، أو ربما عبثت أيدينا الآثمة، فتغيرت ملامح الحياة التي قدر لنا أن نكون فيها، وتحولت من جنة معمرة إلى صحراء مقفرة، ومن نور وضّاء إلى ظلام دامس. وكأننا استبدلنا أدوات البناء بمعاول الهدم، فباتت الحياة يكسوها الخراب والتدمير، وتلفها ألوان اليأس والقنوط.

لقد طمست معالم الحق، وأُهدِرت كرامة الإنسان، وسُلِبت حقوقه المشروعة، وجعلوه عاجزًا عن تسيير أمور حياته، كأنهم قيدوه بأغلال الظلم والقهر. حتى الحلم بات عصيًا على شخص يتوق إلى الزواج ليؤسس أسرةً مستقرة، أو يتعلم ليصبح فردًا فاعلًا في مجتمعه، أو يسافر ليفتح آفاقًا جديدة، أو يأكل ليحافظ على رمق الحياة.

فأي حياة هذه التي أصبحت حلمًا مستحيلًا؟ وأي مصير هذا الذي أحللنا أنفسنا فيه؟ لقد تحولنا إلى وحوش ضارية، ننهش لحم بعضنا البعض، ونتنازع على السلطة والنفوذ، وندمر كل ما هو جميل وبناء. كأننا نسينا أننا بشر، وأننا خُلِقنا لنعيش بسلام ومحبة، لا لنتقاتل ونتناحر. لقد حولنا الحياة إلى جحيم لا يُطاق، وأصبحنا نعيش في كابوس لا نهاية له. فمتى نستفيق من هذه الغفلة؟ ومتى نعود إلى رشدنا؟ ومتى ندرك أننا جميعًا شركاء في هذه الرحلة، وأن مصيرنا واحد؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى