آداب و ثقافة

امهلوني خاطرة: عمر محمد العمودي

سمانيوز/خاص

أمهلوني قليلًا من الوقت
فقط ما يكفي لأحصي فضائلكم الكثيرة
وأرتّب كلمات لا تسيء لقامتكم
أحتاج إلى عبارات لائقة
فأنا أنوي أن أشكركم جميعًا، دون استثناء
الرئيس والنائب
الوزير والوكيل
السيد والذيل
كل الأعضاء الموقّرين
من يقودون ومن يُقادون
من يصرخون ومن يهمسون
من يركعون ومن يلعقون
كلّ باسمه، وبمقامه

القليل من الوقت يا سادة
والوقت كلّه بين أيديكم
تجزئونه كما تشاؤون
لحرصكم على أن تصل حصة السوط إليكم جميعًا
تتقاسمونه بالعدل بينكم
ما أكرمكم..

سأشكركم على الهواء الذي يمرّ مشفّرًا
على الماء الذي يغسلني مرة في الأسبوع
على كلّ ما علمتموني إياه من فضائل؛
الصبر الطويل
الاستغفار دومًا بعد الشتائم
التكفير عن خطايا لم أرتكبها
سأشكركم على الشجر الكثير
على البحر المقيّد في مكانه
وعلى العرق الذي لا يجف.
سأشكركم على الراحة التي وهبتمونا إياها
بفضلكم نتخلّص من الغازات بسهولة
نتخلّص من السموم، والدماء الزائدة
من الأعضاء التي لا لزوم لبقائها في أجسادنا
من الأجنّة في الطرق الوعرة، حين تُجبر على اختصار طريقها إلى العدم
ومن الهوية التي أثقلتنا حد الغرق

لدي قائمة طويلة من النِعم التي لا تُعد
سأذكّركم بها واحدة واحدة
وسأشكركم عليها واحدة واحدة
فقط أمهلوني قليلًا من الوقت
ولو كان عُمرًا
أو أبدًا
أو ما يكفي لتناموا مطمئنين كما تنام العصافير الطيبة
ثم تستيقظون فجأة على انهمار المطر
وتصرخون: ما هذا البلل؟
وأنا من الأعلى
أشكركم جميعًا
وأغرقكم بشكري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى