لماذا نكتب؟ خاطرة/ مريم الشكيلية

سمانيوز/خاص
سألتني مرة: لماذا تكتبين؟ سيدي المتكئ على ظل الورق سوف أجيبك.
إنني كتبت كل هذه السطور، وكل هذه الأحرف الشاحبة تارة، والنابضة بالحياة تارة أخرى، لأخفي جزءاً مني داخل صندوق الورق.
ذاك الجزء الذي لم يصل إليه الضوء يوماً، فقد كان يقبع في أعماق العتمة، وشيء من الوحدة المترفة..
كنت على الدوام أحرص ألا أكون من الذين يوزعون عواطفهم عبر المجالس المكتظة بالثرثرات، ولا من الذين يتاجرون بمشاعرهم من أجل أن تصوب إليهم الأضواء الخادعة..
وكنت دائماً ما أحاول أن أخرج تلك الشحنات القابلة للانفجار على صفيح الورق، لا على حقول الألسنة الرطبة.
لست من الذين يطفون فوق الهواء بفعل انعدام جاذبية واقعهم.. لطالما كنت من الذين تلتصق جذورهم بضبابية الوقت.
أعلم أن الغالبية الساحقة قد تركت نوافذها مشرعة للضوء والضجيج، ولكنني ما زلت أحكم إغلاق الأبواب أمام شح العواطف اللازوردية، حتى ولو لم تصلني منها سوى القطرات..
أعجبت بزمن الأشياء البسيطة التي كان الناس فيه كزمن زحام بيع أوراق الجرائد على طول الأرصفة، أو كالرسائل التي يوصلها ساعي البريد..
دعني أقول لك إن الرسائل فقدت رونقها وشغف انتظارها، وكذا صدقها، حين أعلن عن موت ساعي البريد..
هل تعلم لما لا ألتقط صوراً بهاتفي؟ لسبب واحد فقط، وهو أنني لا أرغب في أن أجمد اللحظات بوميض ضوء الصورة، وإنما أرغب في أن أعيشها وهي على قيد الحياة.