أخبار دولية

الناتو يقر خطة تاريخية لزيادة الإنفاق الدفاعي حتى 2035

الحلف يعتزم تخصيص 5% من الناتج المحلي للردع العسكري ومواجهة التهديد الروسي

سمانيوز/متابعات

أعلن قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الأربعاء، في ختام قمتهم بمدينة لاهاي الهولندية، عن تبنّي خطة تاريخية وطموحة لزيادة الإنفاق الدفاعي للحلف إلى مستويات غير مسبوقة، في إطار أكبر برنامج لإعادة التسلح منذ نهاية الحرب الباردة، استعدادًا لاحتمالات تصاعد التهديدات الروسية ضد أراضي الحلفاء.

وصرّح الأمين العام الجديد للناتو، مارك روته، بأنّ القرار يُمثّل “قفزة نوعية، طموحة وتاريخية، وأساسية لضمان مستقبلنا”، مضيفًا أن هذه الخطوة تأتي كرد مباشر على المتغيرات الأمنية المتسارعة، خصوصًا مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتزايد احتمالات المواجهة المباشرة مع موسكو.

ووفقًا للخطة الجديدة، سيلتزم أعضاء الحلف الـ32 بزيادة الإنفاق الدفاعي ليبلغ 5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة بحلول عام 2035. وتشمل هذه النسبة 3.5% مخصصة للإنفاق العسكري المباشر، بالإضافة إلى 1.5% أخرى للنفقات ذات الصلة، بما في ذلك تطوير البنية التحتية ذات الاستخدام المزدوج (مدني/عسكري).

ويُعد هذا التعهّد تصعيدًا حادًا مقارنةً بالتزام الحلف السابق، الذي كان يقضي بإنفاق 2% فقط من الناتج المحلي على الدفاع، وهو هدف لم يتحقق بالكامل إلا في عام 2024، رغم إقراره منذ أكثر من عقد.

وتعكس الخطة الجديدة استجابة واضحة لضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي كرّر في السنوات الأخيرة مطالباته بزيادة ميزانيات الدفاع لدى الحلفاء الأوروبيين، معتبرًا أن العبء يقع بشكل غير متكافئ على الولايات المتحدة.

وتتضمن الاستراتيجية الدفاعية الجديدة مضاعفة قدرات الدفاع الجوي خمس مرات، وشراء آلاف الدبابات والمركبات المدرعة، إلى جانب إنتاج ملايين القذائف المدفعية، وهو ما يُمثّل تحوّلًا نوعيًا في استعدادات الحلف للردع والمواجهة.

غير أن الخطة قوبلت بتحفظات واعتراضات في بعض الدول الأوروبية. فبينما أعلنت ألمانيا، ثاني أكبر اقتصاد في الناتو، أنها ستسعى إلى بلوغ الهدف الجديد بحلول 2029، أعربت إسبانيا عن رفضها الصريح، ووصفت التوجه بـ”غير المعقول” و”ذو آثار عكسية”، بحسب تصريحات لمسؤولين إسبان قبيل القمة.

وفي هذا السياق، كشف المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن زيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة 1% تعني ضخ ما يقارب 45 مليار يورو إضافي في القطاع العسكري، ما يضع أمام الدول الأعضاء تحديات مالية ولوجستية ضخمة، من ضمنها توظيف عشرات الآلاف من الجنود، وتوسيع قدرات التصنيع الدفاعي الوطني.

ومع ذلك، أصرّ الأمين العام للناتو على أن “إسبانيا ستضطر في النهاية إلى السعي لتحقيق هدف الإنفاق الأعلى”، مشيرًا إلى التزامات مدريد بتحقيق الجاهزية العسكرية المطلوبة ولو بطرق مختلفة.

ويرى مراقبون أن هذا التحول في استراتيجية الناتو يُمثّل بداية مرحلة جديدة من التنافس العسكري واسع النطاق في أوروبا، تعيد للأذهان سباق التسلح في حقبة الحرب الباردة، لكن هذه المرة في ظل نظام عالمي أكثر تشظيًا، وتهديدات أكثر تعقيدًا.

ويؤكد قادة الحلف أن الالتزام الجديد لا يهدف فقط إلى مواجهة روسيا، بل أيضًا إلى مواجهة “كل التحديات الأمنية المتوقعة في العقود المقبلة”، بما فيها الأمن السيبراني، والفضائي، والهجمات غير التقليدية، مؤكدين أن “السلام الدائم لا يتحقق إلا من موقع القوة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى