لوبينيون: إذا فاز ترامب بنوبل للسلام سيكون مدينًا لأمير قطر

سمانيوز/وكالات
في مشهد سياسي تتداخل فيه الأزمات والوساطات، برز أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني كشريك لا غنى عنه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إدارة ملفات الصراعات الدولية، من غزة إلى إيران، مرورًا بإفريقيا الوسطى.
ففي الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لتحقيق إنجازات دبلوماسية وسط حرائق مشتعلة في الشرق الأوسط، تضع الدوحة كامل جهازها الدبلوماسي في خدمة إدارة ترامب، محاولة استثمار نافذة التهدئة بين إيران وإسرائيل للوصول إلى هدنة شاملة في غزة.
وسيط “نزيه” وفاعل في ملفات دولية معقّدة
مصدر دبلوماسي قطري رفيع قال لصحيفة لوبينيون الفرنسية الأحد 29 يونيو 2025: “نحن وسطاء نزيهون للقوى الغربية الكبرى. طورنا خبرة كبيرة في حل النزاعات والمساهمة في تحرير الرهائن”.
ولم يكن هذا الدور جديدًا على الدوحة، فقد لعبت دورًا بارزًا في اتفاق الولايات المتحدة مع حركة طالبان عام 2020، كما رعت عملية المصالحة بين النظام التشادي وجماعات المعارضة المسلحة، في اتفاق سياسي ما زال ساريًا حتى اليوم، حسب مقربين من الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي.
من رواندا والكونغو لغزة
في مارس الماضي، جمعت الدوحة بين الرئيس الرواندي بول كاجامي ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، وهما “الخصمان اللدودان”، في لقاء نوعي مهّد الطريق لتوقيع اتفاق سلام في واشنطن يوم 27 يونيو الجاري، شمل أيضًا تفاهمات اقتصادية حول المعادن النادرة في الكونغو الديمقراطية لصالح الولايات المتحدة.
كما شاركت قطر بفعالية في جهود تهدئة التوتر بين إيران وإسرائيل، بعد أن وجهت طهران ضربة رمزية إلى قاعدة العديد الجوية الأمريكية داخل أراضيها – التي تضم قوات أمريكية – في خطوة هدفت لاحتواء التصعيد دون خسائر بشرية.
وبحسب الصحيفة فإن العلاقات بين الدوحة وطهران تستند إلى مصالح استراتيجية متبادلة، أبرزها الشراكة في أكبر حقل غاز طبيعي في العالم.
سباق نفوذ
أشارت إلى أنه مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، دخلت الدوحة في سباق مع دول أخرى على النفوذ لدى الإدارة الأمريكية الجديدة. ويقول الدكتور حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسطي في جنيف: “نجحت الدبلوماسية القطرية في تقديم نتائج ملموسة. قطر تقوم بالوساطة وفريق ترامب يحصد النتائج… هناك توزيع أدوار واضح”.
ويرى محللون أن هذا النجاح لم يكن وليد اللحظة، إذ أن الاستثمارات القطرية الضخمة في المؤسسات الأمريكية – بما في ذلك تمويل جامعات ومراكز بحثية ودعم عسكري – ساعدت في كسب دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
كما يشكّل الصندوق السيادي القطري البالغ 524 مليار دولار أداة ضغط قوية بيد الدوحة، تتيح لها التأثير في مفاصل السياسة الدولية وشراء النفوذ الناعم في ملفات السلام والوساطة.
قطر والدبلوماسية الواقعية
بحسب “لوبينيون” بعيدًا عن مواقفها السابقة خلال موجة “الربيع العربي”، تظهر قطر اليوم تحولًا إستراتيجيًا في سياستها الخارجية، حيث لم تعد تتحمس لدعم تيارات الإسلام السياسي كما في السابق.
ويوضح عبيدي أن “الدبلوماسيين القطريين باتوا يميّزون بين الحالات، ويختارون الانخراط حسب السياق المحلي والمكاسب السياسية المحتملة، وليس بناءً على اعتبارات أيديولوجية فقط”.
غزة في قلب الجهود
تركّز قطر حاليًا معظم جهودها على ملف قطاع غزة، حيث تعمل على إقناع قيادة حماس – التي يقيم بعض أفرادها في الدوحة – بقبول تهدئة شاملة، في وقت يحاول فيه ترامب الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتقديم تنازلات.
ورغم الانتقادات العلنية من بعض المسؤولين الإسرائيليين لدور قطر، إلا أن تل أبيب لا تزال تعتمد على الوساطة القطرية خلف الكواليس، ما دفع الأمير تميم إلى التلويح بسحب وساطته في أبريل الماضي إن استمرت الضغوط والاتهامات.
يبدو أن قطر، ورغم الثمن السياسي المرتفع الذي تدفعه، تبقى اللاعب المركزي في جهود التهدئة بالمنطقة، وإن تحققت تهدئة أو تسوية فعلية، فسيكون الإنجاز دبلوماسيًا منسوبًا إلى الأمير تميم وفريقه، لكن من المرجح أن يسارع الرئيس ترامب إلى نَسب النصر لنفسه في حملته السياسية والدبلوماسية. وأخيرا إذا نجح الملياردير ألأمريكي في الحصول على جائزة نوبل للسلام، فسيكون مدينًا بجميل كبير لأمير قطر.