مصر.. رد إعلامي على مزاعم “عسكرة الاقتصاد والتعليم” ومساعي “هدم الدولة”

سمانيوز/متابعات
انتقدت وسائل إعلام مصرية دراسة بحثية قدمها مركز “كارنيغي” عن “الجمهورية الثانية” في مصر، باعتبارها قدمت “مقاربات للأوضاع المصرية من زوايا ضيقة”، وتحاول “تشويه” الوضع في البلاد.
وقال الكاتب باسم عادل، في مقالة مطولة نشرتها جريدة الدستور، إن دراسة “الجمهورية الثانية: إعادة تشكيل مصر فى عهد عبد الفتاح السيسي”، لا يمكن التعامل معها كمجرد رأي مقابل رأي، بل كخطاب يحمل فرضيات كبرى ويؤسس- إن قبلناه كما هو- لنظرة مشوّهة إلى الدولة المصرية، تنكر إنجازاتها وتتجاهل مبررات قراراتها وتختزل تحدياتها في أوصاف سطحية ومصطلحات مشحونة.
واعتبر الكاتب أن الدراسة “لا تنصف السياق ولا تعترف بتعقيدات المرحلة بل تفضل إلباس الأحداث لباسا نظريا يناسب الخطاب المسبق، حتى لو ابتعد عن الواقع المعيشي”.
وانتقد “عادل” تكرار استخدام كاتب الدراسة، لمصطلحات مثل “الوصاية العسكرية” أو “قمع الحياة السياسية” أو “تفكيك العقد الاجتماعي”، معتبرا أنها “عبارات تفتقر في كثير من الأحيان إلى التوازن وتُحيل المتلقي إلى قوالب جاهزة أكثر من إحالتها إلى تفكير تحليلي مفتوح”.
وقال إن الباحث يبدو “كطرف في خطاب سياسي مضاد أكثر من كونه مراقبا علميا محايدا”، ما يستدعي “أهمية إعادة قراءة هذه الدراسة لا من باب رفض النقد أو تحصين السلطة ضد المراجعة، بل من باب فضح القصور المنهجي وبيان التناقض بين أدوات التحليل وشروط الإنصاف المعرفي”، وفق قوله.
ورأى الكاتب أن مركز “كارنيغي” يستخدم الأبحاث “كتعبير ناعم عن رؤية سياسية منحازة”، مضيفا أنه “لا يتوانى عن إصدار تقارير تحفل بالتأويلات السلبية والتعميمات الجائرة حين يتعلق الأمر بدول مثل مصر، تحاول إعادة بناء ذاتها بعد سنوات من الاضطراب”.
وشدد “عادل” على أن دراسة “الجمهورية الثانية: إعادة تشكيل مصر فى عهد عبدالفتاح السيسي” لا تعكس جوهر الرسالة التي تأسس عليها المركز، بل تناقضها صراحة وتتحول من محاولة للفهم إلى وسيلة ضغط، ومن خطاب نقدي إلى خطاب إدانة مقنع، ومن منبر للحوار إلى أداة لهدم الثقة بين الشعوب ومؤسساتها.
وذكر أن الباحث “ادعى” أن الجمهورية الثانية عمدت إلى تفكيك المجال السياسى وتفريغ الساحة من الفعل الحزبي الحقيقي واستبدال الأحزاب بكيانات موالية تدار أمنيا، قائلا ردا على ذلك، إنه “رغم رواج هذا الطرح في الخطابات الإعلامية المعارضة، فإنه يتجاهل بُعدين حاسمين فى فهم المسألة السياسية في مصر: أولهما السياق التاريخي لضعف الحياة الحزبية، وثانيهما تعقيد البيئة الانتقالية التي ولدت منها الجمهورية الثانية”.
وردا على ما جاء في الدراسة بأنه “لا شيء مجانا”، ما إلى تفاقم الفقر وتآكل الطبقة الوسطى، قال إن “هذا الحكم رغم ما فيه من إثارة يعكس انتقائية تحليلية تُغفل السياق الاقتصادي العالمي والمحلي، وتتجاهل حجم التشوهات الهيكلية التي ورثتها الدولة، وتُقلل من شأن الجهود المبذولة في برامج الحماية الاجتماعية والتحول التنموي”.
وأضاف أن “مصر خرجت من حقبة ما بعد 2011 بحالة شبه انهيار مالي، وعجز مزمن فى الميزانية ودعم غير موجه أرهق الاقتصاد دون أن يُفضى إلى عدالة حقيقية، ومن هنا، جاء التحول نحو الدعم النقدي المشروط”.
وأشار إلى مشاريع الإسكان الاجتماعي، وتطوير الريف المصري من خلال مبادرة حياة كريمة، قائلا إنه “لا يمكن القفز عليها حين نتحدث عن العدالة الاجتماعية، فهي برامج غير مسبوقة فى تغطيتها الجغرافية والاجتماعية، وتمثل تحولا من العدالة الخطابية إلى العدالة المؤسسية القابلة للقياس”.
وعلق الكاتب، على ما زعمته الدراسة من “هيمنة عسكرية على الاقتصاد”، قائلا إن مشاركة القوات المسلحة في بعض القطاعات، خاصة التحتية منها، لا ينبغي اختزالها في إطار الهيمنة، بل تفهم ضمن دور الدولة في مرحلة بناء عاجلة تفتقر فيها السوق المحلية إلى شركات قادرة على إنجاز مشروعات كبرى بوتيرة سريعة.
وذكر أن “الدراسة تتجاهل أن هذه المشروعات، من طرق وموانئ وأنفاق، تعود فى النهاية إلى ملكية الدولة والشعب، وليست امتيازا حصريا لكيان مغلق”.
وأشار إلى ما زعمته الدراسة من “عسكرة التعليم والإدارة”، “كمحاولة لصياغة جيل إداري منضبط يخضع للسلطة ولا يمتلك استقلالا سياسيا”، قائلا إنها “قراءة تعبر عن تحامل مفاهيمي يخلط بين الانضباط الإداري اللازم في فترات إعادة البناء وبين القسر العقائدي المرتبط بالأنظمة الشمولية”.
وشدد على أن دمج ثقافة الانضباط والمسؤولية في برامج تدريب الكوادر الحكومية، “لا يعنى إطلاقا عسكرة العقل، بل يمثل محاولة لتحديث الإدارة الحكومية وتحقيق كفاءة الأداء، وهي مقاربة معمول بها في عدد من دول العالم المتقدم”.
المصدر: صحيفة الدستور