الجنوب العربيحوارات

التنمُّر المدرسي.. سلوك عدواني يغزو المدارس

سمانيوز-شقائق / استطلاع / حنان فضل

بدأ التنمر في بداية السبعينيات، فقد كان الاهتمام بالتنمر المدرسي على اعتباره مشكلة اجتماعية، نفسية، كما أنه بالأساس مشكلة مدرسية – تربوية، ويحدث عادة أمام جماعة من الأقران، سواء في فناء المدرسة أو في أي مكان آخر بالمدرسة، وعلى الرغم من أنه قديماً إلا أنه تمت معادلة التنمر بالتحرش البدني، وفقاً لدراسة سابقة نشرت على موقع «مؤمنون بلا حدود». 

ويقول المختص النفسي المدير في منظمة حقوق الطفل ماغنوس لوفتسون “قد يستغرق الطفل وقتاً طويلاً ليخبرنا بذلك. أو أنه يخبرنا بالكثير، لكنه لا يبوح بالأشياء التي تشعره بالخجل كتعرُّضه للتحرش الجنسي مثلاً”. وفق ما نقلت أفتونبلادت.

ومن العلامات التي ينتبه لها الأهل عادة : ألم مفاجئ في المعدة أو صعوبة في النوم، أو شعور الطفل بالحزن أو ظهور كدمة على جسده، وهي أمور تدفعهم إلى التفكير هل يتعرض طفلي للتنمر؟

حيث يقول لوفتسون، المختص بأبحاث التنمر “رد الفعل الشائع هو أنك كوالد تغضب وتحزن وتفكّر في أسوأ الأمور. لكن بدلاً من ترك العواطف تتولى الأمور، ينبغي للمرء أن يتوقف وينظر فيما إذا كانت هناك أشياء أخرى في حياة الطفل تؤثر على سلوكه”.

ويضيف “يمكن أن يكون بدء الدراسة تغييراً صعباً بالنسبة للأطفال عموماً. فقد يكره الطفل أن يذهب إلى المدرسة وقد تكون لديه مشكلة في النوم، في كثير من الأحيان تصيبه نفس أعراض التنمر، لذلك من المهم أن نحاول بطرق مختلفة معرفة ما يحدث.

خلل في التربية : 

تقول الأستاذة حنان فارع،تربوية ونائب رئيس لجنة التربية والتعليم العام الفني بالجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي : التنمر في الغالب مسبباته أسرية كوجود خلل في التربية الأسرية للطفل والذي يجعله يتخذ من السلوك العدواني طريقة للتعبير عن حالته والتنفيس عما يصيبه من حالة نفسية، فالمشاكل الأسرية بين الوالدين والشجار أمام الأبناء حيث يصل الشجار بين الأزواج إلى استخدام العنف الجسدي واللفظي وكل ذلك يحدث أمام مرأى ومسمع أبنائهم، وهو ما يسبب أذى نفسي لهم ينعكس على سلوكهم وطرق تعاملهم مع الآخرين وبالذات أقرانهم الأقل منهم بالقوة البدنية، كما أن التربية الخاطئة للأبناء تلعب دورا كبيرا في الميول العدوانية، إذ تقابل الأسرة أي تصرف خاطئ من الأبناء باستخدام العنف الجسدي أي الضرب المبرح والصراخ بصوت مرتفع والتلفظ بألفاظ مسيئة مما يولد لدى الأطفال نوع من الخوف والرهبة، والكثير من الأسر لا يتعاملون مع أبنائهم بطريقة الحوار والتفاهم لحل أي مشكلة وتصرف خاطئ، وبالتالي تنعكس هذه التصرفات على الأبناء وعلى سلوكهم

بعد البيت والأسرة. 

تعتبر المدرسة هي المتنفس الوحيد للطلاب، فأي سلوك عدواني وتنمر الطالب على زملائه هو بمثابة تنبيه بوجود خلل في تربيتهم، ويتوجب حينها التصرف السليم من إدارة المدرسة لمعالجة مشكلة الطالب المتنمر.

ونلاحظ في الآونة الأخيرة ازدياد عدد الطلاب المشاغبين داخل المدارس ممن يستخدموا أساليب العنف الجسدي واللفظي ضد زملائهم، وتقف المدارس عاجزة عن معالجة هذه الحالات لعدم وجود اختصاصين نفسيين يمكنهم معالجة هذه الحالات بطريقة علمية صحيحة، والتواصل مع الأسرة لشرح وتوضيح حالة أبنائهم والتعاون معهم لمساعدتهم على العلاج.

كما قلت من سابق تعتبر المدرسة المتنفس الوحيد للطلاب لإفراغ طاقاتهم الكامنة، وبالمقابل الطالب لايجد في المدرسة الأنشطة الرياضية والفنية والعلمية التي من خلالها يستطيع إفراغ طاقاته وما يمر به من حالات الغضب والاكتئاب والحزن، ويجد أمامه أقرانه من الطلاب ليسقط حالته النفسية عليهم كوسيلة للفت الانتباه له والتنفيس عن حالته.

فالمناخ المدرسي غير مهيأ لعلاج حالات التنمر المستمرة، وقد تكون البيئة المدرسية سببا آخر لتفشي حالات التنمر بين الطلاب، وبالتالي تكرار هذا السلوك العدواني يوضح أن متنمر اليوم هو مشروع مجرم في المستقبل.

أحد أشكال العنف : 

وتقول الأستاذة سوسن مزهر عبدالحليم مدير عام الإدارة العامة للغذاء في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل :

التنمر هو أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة. وقد يأخذ التنمر أشكالًا متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المُتنمّر عليه بدنيا أو لفظيا، أو عزل طفلٍ ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ. وأسباب ظهور التنمر في المدارس هو التغيرات التي حدثت في المجتمعات الإنسانية والمرتبطة بظهور العنف والتمييز بكل أنواعه واختلال العلاقات الأسرية في المجتمع وتأثير الإعلام على المراهقين في المراحل المتوسطة والثانوية وكثرة المهاجرين الفقراء الذين يسكنون الأحياء الفقيرة وعدم قدرة أهل هؤلاء الطلبة المتنمرين على التعامل مع أبنائهم وإيقاف مايقومون به من التنمر على الآخرين وتحطيم نفسياتهم.

وتواصل : إن التنمر يعتبر شكلا من أشكال الإساءة سواء اللفظي أو الجسدي موجه من فرد على فرد آخر وذلك لأنه يرى أنه أفضل منه من الناحية البدنية أو الشخصية، والشخص الذي يقوم بالتنمر يعاني من بعض المشكلات النفسية والسلوكية بحيث أنه يعكس مشاكله النفسية الداخلية التي يشعر بها وإحساسه بتأنيب ضمير وعدم الرضا عن نفسه فيقوم بالتعبير عن مافي داخله بشكل خاطئ موجها مافي داخل على الآخر

يؤثر على الطالب : 

فيما تتحدث الأستاذة راندا عبدالعزيز الذبحاني؛ معلمة رياضيات في مدرسة الصديق :

في بداية حديثي أحب أن اتكلم بكل شفافية حيث إني معلمة في مدرسة وأشاهد مثل هذه العادات السيئة المنتشرة بين الطلاب وأهمها ظاهرة التنمر بين الطلاب وإذا اخذنا هذا الموضوع فمن المهم أخذه من عدة أشكال للتنمر. فهناك التنمر اليدوي ويكون من طالب قوي على طلاب أقل منه قوة والذي بالتالي يؤثر على الطالب المتنمر وسلوكه وهذا دليل على أنه يعاني من طاقة مفرطة لا يستطيع التعبير عنها في مجتمعه الأسري، فعندما يحضر للمدرسة يحاول إخراج طاقته على زملائه الضعفاء وهذا سلوك غير سوي.

وهناك تنمر لفظي وذلك بإطلاق ألفاظ لا يصح قولها داخل المدرسة وبين زملائه أو ألفاظ تقلل من شأن زملائهم كقوله ( فاشل وغبي وبليد وملابسه متسخة أو ممزقة أو يتيم أو فقير ) كل هذه الألفاظ تدخل ضمن إطار التنمر وتقلل من شأن المتنمر عليه، وأيضا الشخص المتنمر. هنا يأتي واجب المدرسة والاختصاصي الاجتماعي من خلال أخذ الطلاب المتنمرين والجلوس معهم أو حتى إدراجهم ضمن دورات تثقيفية لمعرفة معنى التنمر ومخاطره ومدى انعكاسه على المتنمر والمتنمر عليه على حد سواء، ومن جانب آخر الجلوس مع أولياء أمور الطلاب وإيضاح مخاطر هذه التصرفات الخاطئة. 

ظاهرة اجتماعية سيئة : 

فيما تضيف أفراح الحميقاني ناشطة مجتمعية : 

التنمر هو ظاهرة اجتماعية سيئة وانتشارها بين أوساط التلاميذ كسلوك مؤذ يوجه التلميذ لزميله التلميذ، ويعتقد أن له كامل الحق في التنمر على زميله ويبدأ بنوع من الإيذاء اللفظي ويتطور مع الزمن إلى إيذاء بدني ويتنامى شعور القوة والفخر في حياة من يمارس التنمر ليصبح نمط حياة وسلوك اعتيادي لديه وهذا السلوك يضر بالمجتمع ويعمل على خلخلة القيم الاجتماعية الإيجابية، وسيادة القيم السيئة كالتنمر لذا لابد من كبح هذه الظواهر المنتشرة بين أوساط التلاميذ داخل مجتمع المدرسة، لأن المدرسة هي أحد مؤسسات التنشئة الاجتماعية بعد الأسرة، فالتنمر يؤدي إلى مشاكل نفسية ومعاناة في حياة المتنمر به، بينما من يمارس التنمر يضل طريقه في المجتمع السوي ويكون شخصا بلا إنسانية وغير مبال بمشاعر الآخرين ولا يستطيع تمييز الخير من الشر.

لا يتقبل الآخرين : 

وتواصل الأستاذة ندى الصلاحي رئيس مؤسسة إنسان التنموية محافظة أبين :

التنمّر في المدارس من الظواهر الخطيرة التي تُهدّد سلامة الطلاب وسير عملية التدريس بشكل صحيح وسليم، إذ تؤثر هذه الظاهرة على نفسية الطلاب وتمنعهم من الدراسة وتحقيق التفوق الدراسي، ومن إقامة صداقات وثيقة ومتينة فيما بينهم، ويعود التنمر لعدة أسباب . منها أسباب أسرية حيث تهتم الأسرة بأمور الحياة المعيشية وتغض الطرف عن نوع التنمر الذي يظهر على مستوى الطفل وأسرته أو يكون بسبب التربية الخاطئة في المدارس أو الألعاب الإلكترونية التي تتسم بالعنف والهجوم والقتال . 

كل هذه الأسباب تولد طفلا سيكولوجيته متنمرة تجاه الآخرين، ودور المجتمع هو التوعية بخطورة التنمر وآثاره السلبية على المجتمع لأنه بالتنمر يجعل الشخص لا يتقبل الآخرين ولا يتعايش معهم ويخلق العنف بينهم، وكما يحثنا ديننا الإسلامي على التحلي بالصفات الحسنة ولا تتنابزوا بالألقاب.

فيما تشير الأستاذة فيروز علي محمد إلى أن التنمر فعل سلبي وعدواني وهو جدا منتشر بين الطلاب، للأسف سواء كان لفظيا أو جسديا، أنصح أولياء الأمور دائما بتربية أطفالهم على حب وتقبل الناس بمختلف أشكالهم وألوانهم وجنسياتهم ورفض أي شكل من أشكال التنمر، وأن يعملوا على تقوية شخصياتهم ويعززوا ثقتهم بأنفسهم لمواجهة أي تنمر قد يتعرضوا له لكي لا يؤثر فيهم سلباً، وإخبار عائلتهم في حالة تعرضهم للتنمر أو الباحث الاجتماعي في المدرسة لتقديم المساعدة لهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى