استطلاعاتالجنوب العربيالسلايدر الرئيسيقضايا عامة

مع وحدة الضم والفيد. .. «المرأة في الجنوب» كيف كانت وأين أصبحت ؟

سمانيوز-شقائق / استطلاع / نوال باقطيان

احتلت المرأة الجنوبية مكانة عظيمة قبل الوحدة اليمنية عام ١٩٩٠م ولعبت دوراً محورياً في نيل الاستقلال، وحملت على عاتقها مهام إرساء دعائم دولة اليمن الديمقراطية الشعبية ،كما اسهمت بالدفع بعجلة التنمية ، ومنحت كافة حقوقها ،متصدرة بذلك المشهد السياسي والنضالي والثقافي والسياسي ، فتقلدت العديد من المناصب.

لكن على الرغم من هذه المكانة التي تبوأت فيه تعرضت المرأة الجنوبية لأشكال من التمييز ضدها فهمّشت وأُقصيت من جانب الحكومة اليمنية مستندة بأهمية مكانتها ومهامها الأسرية.

وتغولت ظاهرة التمييز ضد المرأة الجنوبية بعد تعرض الجنوب للحرب من قبل المليشيات الحوثية ، واشتدت ممارسات التمييز ضدها وأقصيت وهمّشت من المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي متعللة بظروف الحرب،
متجاهلة بذلك أهمية دور المرأة في المجتمع وجميع الاتفاقيات الدولية التي اعتمدتها الأمم المتحدة لضمان حقوق المرأة ورفع المظالم عنها.
ومن ضمن هذه الاتفاقيات القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٧٩م.

ولمناقشة هذه الظاهرة وضعنا العديد من الأسئلة المتعلقة بذلك الموضوع الحساس على كوكبة من الإعلاميات والناشطات الجنوبيات ..

تقول الأستاذة نادرة عبد القدوس وهي كاتبة صحفية وباحثة ومدرسة للصحفيين / رئيسة مؤسسة بيت الإعلاميات في الجمعية الوطنية :
لقد مرت خمسة عقود على عام المرأة العالمي الذي انبثق عن المؤتمر العالمي للمرأة في المكسيك عام ١٩٧٥م من تاريخ ١٩ يونيو حتى ٢يوليو. وكان أول مؤتمر دولي للمرأة تعقده هيئة الأمم المتحدة ، وقد تم انعقاد المؤتمر لتذكير العالم بأن التمييز ضد المرأة مازال مستمرا ويمارس في كثير من الدول، حتى تلك الدول التي تدعي الديمقراطية. ورغم ذلك وماتلتها من مؤتمرات دولية لحقوق الإنسان وإعلان المواثيق والمعاهدات الدولية بهذا الشأن وفيما يخص المرأة ، إلا أن وضع النساء في العالم خاصة وفي البلدان العربية والأفريقية مازال مزريا، وليس ذلك بغريب ،حيث أن الحروب والصراعات تعتبر من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى تدمير البنية التحتية في المجتمعات وبالتالي تتوقف عجلة التطور ، فتنهار الأوضاع الاقتصادية والمعيشة والاجتماعية وينتشر الفقر والجوع والمرض.

وأشارت عبدالقدوس إلى أن الموروث الثقافي والعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية في كثير من هذه البلدان لعب دوراً كبيراً في تخلف المجتمعات وتعزيز النظرة القاصرة تجاه المرأة.
ونوهت عبدالقدوس بالقول : هذا ما حدث بعد إعلان الحرب على الجنوب من قبل الانقلابيين على اتفاقية الوحدة التي أبرمت بين النظامين السياسيين (جمهورية اليمن الديمقراطية والجمهورية العربية اليمنية عام ١٩٩٠م ) وبعد حرب عام ١٩٩٤م واحتلال الجنوب ،تم تدمير البنية التحتية في كل مجالات الحياة في ج . ي . ش التي شهدت منذ الاستقلال الوطني حتى عام ١٩٩٠م تطورات كبيرة في وضع المرأة الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والثقافي ،حيث كانت تتواجد المرأة في مختلف مجالات العمل ،ونالت حقوقها كاملة في التعليم والعمل والمشاركة السياسية.
وبيّنت عبدالقدوس بالقول : إلا أنه رغم ذلك التطور ، فإن المرأة الجنوبية لم تنل حظها الوافر من الوصول إلى مواقع صنع القرار في كثير من المؤسسات الحكومية ، عدا سلك القضاء حيث وجدت القاضية ووكيل نيابة وفي مجلس الشعب الأعلى، كما تم تعيين السيدة عايدة علي سعيد نائبا لوزير الثقافة عام ١٩٨٤م وكانت تعطى الفرص للرجل أكثر من المرأة في مواقع صنع القرار ، حتى وإن كان يقل عنها في المستوى التعليمي والأكاديمي والكفاءة والخبرة العملية. حيث اشتدت مشهديات التمييز في حياة المرأة الجنوبية بعد الحرب المذكورة آنفا والتي غيرت كثيرا من المفاهيم والأخلاقيات ، والتي مازلنا نعيش آثارها السلبية حتى اليوم ،ومازادها إعلان الحرب الثانية على الجنوب في مارس عام ٢٠١٥ م من قبل مليشيات الحوثي. وأنا شخصيا تعرضت للتمييز في العمل، فرغم شهادتي الجامعية( ماجستير صحافة) والتي نلت عليها درجة امتياز ورغم خبرتي في مجال الصحافة والتي تربو على خمسة عقود إلا أن التمييز طالني وطال زميلاتي اللواتي حملن نفس المؤهل والكفاءة.

وتواصل عبدالقدوس حديثها : لقد واجهنا هذا التمييز بالعمل الدؤوب في مجال المهنة ونثبت وجودنا من خلال إتقان عملنا وتقديم الرسالة الإعلامية كما يجب وكثيرا من موادنا الإعلامية ما تحدث صدى واسعا في المجتمع أفضل مما يقدمه زملاؤنا الصحفيون ،وهذه شهادة للتاريخ ،والبعض منهم لم يتمتع بأخلاقيات المهنة ، ومنهم من لم يكمل دراسته الجامعية وكان يشغل منصبا قياديا في الصحيفة التي نعمل فيها وعندما تم تكليفي بقيادة مؤسسة وصحيفة ١٤ أكتوبر في يناير ٢٠١٥م وجدت عدم القبول من عدد من الشباب من موظفي المؤسسة ،بل وتمت عرقلة العمل بأساليب شتى ،وتم استخدام منصات التواصل الاجتماعي لمحاربة، بضخ الشائعات والأكاذيب زورا وبهتانا والتي طالتني وطالت أفراد اسرتي ، ولكني صمدت وتغاضيت عن كل ذلك رغم وقوف وزير الإعلام معهم وعدم استخدام سلطته في محاسبتهم والمتابعة وتحسين وضع المؤسسة التي كانت تعاني توقف الميزانية التشغيلية لذلك ارتايت تقديم إعفائي من منصبي إلى محافظ عدن اللواء عيدروس الزُبيدي وإصرار على ذلك رغم دعمه لي ومذللا لكثير من الصعوبات ،ولم يكن ذلك قرار ضعف مني ، بل أنه جاء عن قوة وإدراك للمرحلة المزرعة التي كان الجنوب يعيشها. حيث أن البلد الذي يعاني ويلات الحروب والصراعات والفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي ،حتما سيعاني أمراضا اجتماعية شتى ، لذلك نحن كمثقفين وكمنظمات مجتمع مدني يجب علينا التعاضد والتكاثف من أجل استعادة السيطرة على المشاكل والأزمات في المجتمع والتعاون مع المؤسسات الأمنية والعسكرية بالذات لاستتباب الأمن وتقويض عوامل انهيار الأخلاق والقيم الإنسانية ، وهذا يتطلب منا كقوة ناعمة زيادة جرعات التوعية الصحية والدينية والثقافية بين الشباب من الجنسين كما يجب إشراك المؤسسة التربوية والتعليمية في هذا الجانب.
مؤكدة : والأهم من ذلك أننا نؤكد بأنه لم يتم التغيير المنشود في ظل أزمة( اللا دولة ) التي نعيشها اليوم لذلك نحن نطالب وسنظل نطالب باستعادة دولة الجنوب وبناء الدولة المتقدمة الفيدرالية التي ستحمي الإنسان وسترتقي به بسن القوانين واللوائح المنظمة لحياته والحماية لحقوقه.

تمييز نوعي :

فيما تقول الأخت نور علي صمد/ إعلامية : حقيقة لقد كان للمرأة الجنوبية دور فاعل ومؤثر ، لأن للمرأة الجنوبية باع طويل على مجالات الحياة دون استثناء والتي منحها إياها الدستور والقوانين التي كانت سارية المفعول آنذاك.
حيث تبوأت المرأة الجنوبية مناصب قيادية عليا في كل مؤسسات الدولة المختلفة، ولكن العقود الثلاثة الأخيرة همش دور المرأة الجنوبية بدرجة أساسية وأقصيت من المناصب العليا مما أثّر على حياة كثير من القيادات النسوية الفاعلة والمؤثرة في مجتمعنا ،إلا أن قيام المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي استعادت المرأة الجنوبية مكانتها التي افتقدتها. منوهة بالقول : لم أتعرض لأي تمييز ولكن شعرت أن هناك تمييزا نوعيا في مجال عملي فيما يتعلق بتغطية الفعاليات والمناسبات العامة والخاصة ، حيث يتم حصري بمجال فعاليات المرأة والطفل فقط ، ولقد كنت أرى ذلك أمرا طبيعيا نظرا لهيمنة الرجل على صناعة القرار. ومن أجل معالجة هذا التمييز لابد من زيادة نشر الوعي بين أوساط المجتمع بأهمية حقوق المرأة وتبذ العنف والتهميش والإقصاء ضدها.

وتابعت حديثها بالقول : وهذا لن يتأتى إلا من خلال وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمكتوبة ،وعبر منابر الجامعات والمدارس ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر مفاهيم ومبادئ أهمية مشاركة المرأة في كل مجالات الحياة وإعطائها حقوقها كاملة. وأن يكون لصنّاع القرار دور فاعل وإيجابي ومؤثر بدرجة أساسية حتى نستطيع القضاء أشكال التمييز والتهميش ضد المرأة حتى تصبح شريكة فعالة في المجتمع إلى جانب أخيها الرجل في عملية البناء والتنمية.

سياج حماية :

أما الأخت جيهان عبد الحكيم، وهي صحفية ورئيس تحرير راديو لنا تقول : تقوم المرأة في الجنوب بانتزاع حقوقها لأداء واجباتها المجتمعية الاعتيادية بالرغم من تقدم العالم وتوقيع اتفاقية بلادنا المواثيق الدولية لتمكينها السياسي لكنها تقبع في مربع الوجود في الساحة السياسية محاولة فرض نفسها ،فهي لا تتمتع بالتمكين السياسي في مواقع صنع القرار وهذه نتيجة طبيعية كونها لم تصل بعد إلى مرحلة الحصول على حقوقها كافة ،
فالبتالي تعاني المرأة الأمرين للوصول إلى حقها ابتداء من منزلها انطلاقا إلى حقوقها في التمكين السياسي الحقيقي. وبالنسبة لي كمرأة ناشطة في المجال الإعلامي فقد تعرضت لأغلب أنواع التمييز والتعنيف المجتمعي سواء في مواقع التواصل الاجتماعي أو من قبل صنّاع القرار في بعض المواقع الوظيفية كونهم لا ينظرون إلى قدراتي كامرأة مساهمة ومشاركة بشكل فعال في المجتمع وفي وظيفتي. وهنا اتضح أن المرأة في بلادنا حتى وإن انتزعت حقها في التمكين الوظيفي ، وصنع القرار تواجه من لا يستجيب لهذه القرارات انتقاصا منها وهنا تظهر الأهمية القصوى في توعية المجتمع أولاً بدور المرأة في شتى جوانب الحياة حتى يكون وعي المجتمع سياجا يحمي المرأة ويساندها في حصولها على حقوقها دون انتقاص ، ويستجيب لكل جهودها المجتمعية.

وأوضحت جيهان : وقد بدأت بنفسي بإطلاق برامج تهتم بالمرأة ودورها بشكل مباشر وغير مباشر من خلال برامجي الإذاعية التي تناقش المواطنين في كينونة المرأة وأهمية قيامها بدورها في مختلف المجالات وصولا إلى تمكينها الإداري ومجتمعها.

أدوار نمطية :

فيما تقول الأخت حنان الشعيبي / صحفية ورئيسة منظمة رفقا التنموية :
مازالت المرأة إلى الآن لم تمنح جميع حقوقها الإنسانية والمرأة مازالت تعامل كمستضعفة ،يغير من نجاحها بعض الرجال وللأسف قلة من النساء اللواتي لا يمتلكن إدراكا واسعا بأن نجاح المرأة نجاح لهن جميعا. فالمجتمع ينقصه التوعية بأهمية دور المرأة بكل الجوانب الحياتية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وعندها نرى تطور المجتمعات وسرعة عجلة التنمية ونكتشف ميزة هذا المجتمع في دعم وتشجيع المرأة كمربية ومعلمة وسياسة تمتلك رؤية واضحة بنوع البرامج والمشاريع التي يحتاجها المجتمع لينال ازدهاره أسوة بالمجتعات المتقدمة. والمعالجة لهذه الظاهرة هي تظافر الجهود بين المؤسسات الحكومية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني للمشاركة بالتوعية المجتمعية من خلال العديد من الوسائل وتوفير مزيد من الفرص وعدم تأطير أدوارهن بالأدوار النمطية ، لذا مازلنا بحاجة للتوعية والعلم والمعرفة التي لا تنتهي.

حقيبة وزارية :

فيما تقول الأخت سحر هادي / مهندسة :
إن التمييز ضد المرأة موجود للأسف في أغلبية المجتمعات ،وهو مناهض لحقوق المرأة ،ويعمل على منع تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في الجانب العلمي والاقتصادي ،والوصول إلى مراكز صنع القرار وغير ذلك، وأي مجتمع يمارس التمييز على افراده فإن ذلك ينعكس على التنمية والازدهار وتقدم الشعوب ،فإقصاء وتهميش النساء دليل على وجود خلل، وهذا الخلل يتسبب بكثير من المشاكل لذلك نجد انتشار الأمية بنسبة أكبر بين الفتيات ،وغياب المرأة من المناصب القيادية وتهميش المرأة في عملية بناء السلام.
مشيرة إلى أن أغلبية النساء يتعرضن للتهميش والتمييز وازادت حدة هذه الظاهرة نتاجا لمعانتهن مع وتيرة الحرب المتصاعدة لسنوات ،فقد سلبت الحرب حقوقا ،كانت مكتسبة للمرأة في ظل الفساد واللا دولة لا أعتقد أن هناك مراعاة لحقوق النساء، وأكبر دليل على ذلك هو عدم حصولهن على حقيبة وزارية في الحكومة الحالية. فالحديث عن ضرورة وجود المرأة وأن يكن لهن دور في هذه المرحلة شيء مرفوض بحجة الحرب، والتمييز ضد المرأة في مجال العمل مستشر ولكننا نتعامل معه بالصبر انطلاقا من عدم ديمومة هذا الوضع ويزول لا محالة. فوعي المجتمع يحتاج لوقت طويل والعمل على إصلاحه يحتاج لمزيد من الوقت ،وهذا صعب في ظل الظروف الراهنة ،لكننا نأمل دوما بوجود عدالة اجتماعية تتمثل بمشاركة الجميع دون إقصاء أو تهميش.

الشريعة الإسلامية :

وتقول الأخت ابتسام عبد اللطيف / مدير قسم المتابعة الإعلامية :
تحوز المرأة مكانة عظيمة في المجتمع ، وذلك من خلال إعطائها حقوقها في المشاركة سواء في الجانب الأسري أو الاجتماعي أو الثقافي والسياسي ،فهي نصف المجتمع لذا تساهم في الدفع بعجلة التنمية في المجتمع بمشاركتها الفعالة جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل،وهي العنصر الأساسي في المجتمع وعلى ضوء هذه المكانة منح المجتمع حقوقها كاملة بما يتناسب وتعاليم ديننا الحنيف ، وبما يتناسب ووظيفتها البيولوجية،كما عمل المجتمع على تمكينها وظيفيا وسياسيا وثقافيا واجتماعيا إيمانا بقدراتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى