تقاريرقضايا عامة

الزواج السياحي.. «فتيات يواجهن مصيراً مجهولاً عابراً للحدود» هل حاجة أرباب الأسر للمال تدفعهم لتزويج بناتهم من أجانب أم أنه النصيب؟

سمانيوز-شقائق / تقرير/ فتحية علي

تزايدت في الآونة الأخيرة زواج الفتيات الجنوبيات من شباب أجانب، في الغالب يحملون الجنسية (العمانية). وبحسب المتداول تقوم نساء دلالات بالبحث بطريقة عشوائية عن الفتيات الجميلات أو ذات مواصفات مطلوبة معينة في البيوت أو الجامعات والمدارس، وأحياناً بالأماكن العامة يتصيدن الضحايا، خصوصًا ممن ينتمين إلى الأسر الفقيرة ممن هن بحاجة ماسة إلى المال.
يقدمن إغراءات مالية ويفرشن الطريق أمام الضحايا بالورود، ويوهمهن أن السعادة باتت بين أيديهن وبأيديهن، وسوف ينتشلن أسرهن من الفقر وينتقلن إلى عالم الراحة والرفاهية، وتوديع الفقر والديون والبؤس والشقاء إلى غير رجعة.
بالفعل حصلت زيجات من أجانب لا يعرف نسبهم ولا سيرتهم الذاتية، وغير معروفين آباؤهم وأسرهم، ما غير (شاب) لا أحد يعلم شيئا عن خلفيته وانتمائه العائلي.
“يمن ديلي نيوز” نشر السبت الماضي 25 مايو 2024م تحقيقاً صحفياً تحت عنوان (خَطٌابات يبعن الوهم)، سلط الضوء على ضحايا زواج يمنيات وجنوبيات من عمانيين وعن تفشي هذه الظاهرة خارج نطاق القانون.

وتناول التحقيق قضايا الزواج المختلط ليمنيات من عمانيين، وقعن ضحايا لوهم السعادة الموعودة على لسان خطابات (دلالات)، يعملن على صيد الفتيات ذات مواصفات جمالية معينة تعاني أسرهن الفقر والحاجة إلى المال.
وبحث التحقيق في تفاصيل هذه الظاهرة وتناولها من جميع جوانبها وزواياها المختلفة، وبحث في أسباب ودوافع قبول الأسر لهذا النوع من الزواج.

الناشطة المجتمعية في مدينة عدن عبير علي أوضحت عدداً من الأسباب التي أدت إلى ذلك قائلة: إن الأوضاع التي تشهدها البلاد جراء الحرب وما أنتجته من معاناة لكثير من الأسر في اليمن والجنوب، أجبر بعض الأهالي على تزويج بناتهم من جنسيات عربية، حيث يستلمون مبلغ مالي كبير (المهر)، وهم لا يدركون المصير الذي ينتظر بناتهم..
مشيرة إلى أن السبب يكمن في تفشي الفقر في أوساط المجتمع، في ظل الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، وعزوف كثير من الشباب من أبناء البلد عن الزواج بسبب غلاء المهور.
وكشفت أن بعض الأسر اليمنية والجنوبية تُساهم في انتشار هذه الظاهرة، من خلالِ تهاونها في بناتها ودفعهن إلى الزواج من عمانيين دون مراعاة للمخاطر التي تُحيط بهذه الزيجات.

من جهتها الناشطة بصار محسن من محافظة المهرة قالت: إن حالات زواج الفتيات المهريات بعمانيين لا تختلف كثيراً عن باقي الزيجات، غالباً ما يكون عبر خطابات، وتكون الفتاة من الأسر الأكثر فقراً وتقنعهن أنها ستسافر وتعيش حياة حلوة وتتم الموافقة بالإغراء بالمال.
وقالت إن البعض لا يتبع الإجراءات القانونية لعقد الزواج، مما يترتب عليه في أغلب الأحيان ضياع حقوق الزوجة، ولا يوجد قانون يعاقب الزوج إذا طلق لأن الزواج ليس موثقاً بطريقة رسمية.

من جهته المحامي هادي وردان حمل الآباء مسؤولية تدمير حياة بناتهم، بسبب جشعهم وطمعهم في المال، وقال إنه يجعلهم يتجاهلون الجانب الرسمي والقانوني، فتصبح بناتهم ضحايا هذا الغباء.
وأضاف: هذه الظاهرة سبق وأن انتشرت في تسعينيات القرن الماضي بسبب زواج يمنيات بسعوديين، كان يصل بها إلى منطقة حرض الحدودية ويرميها ويسافر إلى بلده ما دفع بعضهن للانتحار، ووصلت هذه القضية حينها إلى مجلس النواب بما عرف بالزواج السياحي.

زواج عن بعد

وبحسب موقع 4 مايو، كشفت تقارير صحفية عن تزايد ظاهرة زواج يمنيات من مواطني دول خليجية دون حضور العريس إلى اليمن، حيث يتم إبرام عقود الزواج عبر خطابات تُنظم من قبل بعض النساء في محافظات يمنية مختلفة.
وتشير المعلومات إلى أن هذه الظاهرة تُشكل خطراً على النسيج الاجتماعي للمجتمع اليمني والجنوبي، حيث إن هذه الزيجات في الغالب لا تدوم أكثر من عام، يقوم بعدها الزوج الخليجي بتطليق الزوجة وإرسالها إلى أهلها.
وبحسب الموقع، أفاد عاملون في منفذ شحن الحدودي الرابط بين المهرة الجنوبية وسلطنة عمان أن عشرات الفتيات يمررن شهرياً من المنفذ في طريقهن إلى عمان ودول خليجية أخرى، تحت يافطة زواجهن من مواطنين بدول خليجية.

وتقوم بعض النساء بدور الخطابة، تتواصل مع الزوج الخليجي الذي يُرسل وكالة شرعية لأحد الأشخاص، غالباً ما يكون مأذوناً متخصصاً في هذه القضايا، ليقوم بإبرام عقد زواج يتم على إثره إرسال الزوجة إلى الزوج الخليجي في مقر إقامته، بطريقة أشبه بالطرود التي ترسل عبر البريد.

وبحسب مصادر خاصة، فإن الكثير من الفتيات تعود بعد فترة قصيرة لا تتجاوز الشهرين بعد أن يتركها زوجها الخليجي.
ويتم الزواج – وفقاً للمصادر – في أحد الفنادق ولا تعرف الفتاة أسرة زوجها، وبعد شهر أو شهرين يترك لها مبلغ مالي وورقة طلاقها ويغادر لتضطر الفتاة إلى العودة منكسرة إلى اليمن.
ويحذر خبراء حقوقيون من مخاطر هذه الظاهرة على المجتمع اليمني والجنوبي، حيث إنها تُهدد النسيج الاجتماعي، وتُشكل عبئاً على الأسر اليمنية والجنوبية.
وتشير الإحصائيات إلى أن هذه الزيجات لا تُحقق الاستقرار للفتيات اليمنيات، حيث يتم تطليقهن بعد فترة قصيرة ويصبح مستقبلهن على المحك.
ويطالب نشطاء حقوقيون ومدافعون عن حقوق المرأة بضرورة تدخل الجهات الحكومية والقانونية لوقف هذه الظاهرة ومعاقبة المتورطين فيها.
كما يُؤكدون على أهمية توعية المجتمع بمخاطر هذه الزيجات وحماية الفتيات من الاستغلال.

الفتاة أمانة يجب صيانتها وصون مستقبلها

ختامًا.. في الغالب لا تعلم الفتاة أين تكمن مصلحتها الآنية والمستقبلية، خصوصًا ممن لا يتجاوزن سن العشرين عاماً، ويتعين على ولي أمرها تغليب مصلحة ابنته على المصالح المادية، كونها أمانة في عنقه وسوف يسأل عنها يوم القيامة، كما أن النتائج السلبية الناجمة عن التفريط في الفتاة ستنعكس على جميع أفراد الأسرة عاجلاً أو آجلاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى