تريم تحت النار.. وثورتها تُسقط أقنعة السلطة والمكونات الكرتونية

سمانيوز/تقرير/السميفع
في مشهد يُعيد للأذهان ممارسات القمع الاحتلالي، نفذت قوات المنطقة العسكرية الأولى فجر أمس الخميس اقتحامًا عسكريًا واسع النطاق لموقع اعتصام سلمي في مدينة تريم بوادي حضرموت، مستخدمةً ترسانة من الأسلحة والمدرعات، وسط إدانات شعبية جنوبية وغياب رسمي يُثير التساؤلات.
ووفق مصادر محلية وشهادات ميدانية، شاركت في العملية أكثر من 80 طقمًا عسكريًا وعشرات المدرعات المجهزة بأسلحة متطورة، داهمت بها الاعتصام الذي يقوده ناشطون وثوار من أبناء تريم، كانوا قد نصبوا خيامهم منذ أيام للمطالبة بتحسين الخدمات، وصرف المرتبات، ووضع حد للنهب المنظم الذي تتعرض له ثروات حضرموت.
لكن التوقيت اللافت للهجوم، الذي جرى في ساعات الفجر الأولى، أثار موجة غضب واسعة، إذ يرى مراقبون أن توقيت العملية “الليلية” لم يكن اعتباطيًا، بل محاولة استباقية لتفادي التصعيد الشعبي الذي كان متوقعًا في حال التحرك نهارًا، خصوصًا في مدينة مشهورة بتاريخها المقاوم.
قوة غاشمة في مواجهة صدور عارية
الاقتحام العنيف، الذي رافقته أصوات الأعيرة النارية والانفجارات، لم يُقابل بفرار المعتصمين، بل بصمود نادر دفع البعض إلى وصف ما جرى بـ”الأسطورة التريمية”. فقد واجه شباب المدينة ورجالها وحرائرها جحافل العسكر بصدور عارية، مؤكدين على تمسكهم بحقوقهم المدنية والسياسية، ومطالبين برحيل القوات التي يعتبرها الجنوبيون “قوات احتلال يمنية تحمي مصالح المتنفذين في صنعاء”.
ورغم خطورة المشهد، التزمت السلطة المحلية في حضرموت الصمت، ولم تصدر حتى لحظة كتابة هذا التقرير أي موقف رسمي بشأن القمع المفرط الذي طال أبناء تريم، ما اعتبره نشطاء “دليلًا على التواطؤ أو على الأقل العجز الكامل عن أداء الدور السيادي تجاه حماية أبناء المحافظة”.
صوت تريم ليس وحيدًا.. وصرخة حضرموت تتجدّد
هذه الأحداث أعادت إلى السطح مجددًا المطالب الشعبية برحيل قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي وصحراء حضرموت، وهي مطالب تصاعدية عبر عدد من المليونيات الشعبية التي احتشدت في سيئون والمكلا، ورفعت شعار استعادة وادي حضرموت من الاحتلال اليمني وأذرعه الأمنية.
وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن ما جرى في تريم لا يمكن عزله عن السياق العام الذي تشهده حضرموت، باعتبارها ساحة صراع بين مشروع جنوبي يطالب بالسيادة، وآخر يمني يسعى إلى الاحتفاظ بالنفوذ عبر أدوات عسكرية، تُمثل المنطقة الأولى إحدى أبرز أذرعها.
الاحتلال يحمي مصالحه
الخطاب الجنوبي الرسمي وغير الرسمي طالما وصف المنطقة الأولى بأنها “مسمار جحا” اليمني في حضرموت، وأن بقائها لا علاقة له بالأمن أو محاربة الإرهاب، بل بحماية مصالح القوى اليمنية النافذة التي تنهب ثروات المحافظة في وضح النهار، بينما يُترك أهلها لمصيرهم في مواجهة الفقر وانعدام الخدمات.
وتساءل ناشطون: كيف لقوات تزعم مواجهة الحوثي أن تُسلّط سلاحها على صدور المعتصمين في تريم، بينما تترك جبهاتها الحقيقية خاوية؟ ولماذا تتحرك فقط لقمع الاحتجاجات الشعبية بينما تغيب عن حماية مدنها و مواطنيها من اعتداءات المليشيات الحوثية؟
تريم عنوان صمود.. وصدى النضال يتمدد
مشهد تريم اليوم ليس مجرد تفصيل عابر في مشهد حضرمي متوتر، بل هو صرخة في وجه القمع المنظم، وإعادة إحياء لروح النضال الجنوبي الذي لم يخفت رغم المحاولات الحثيثة لاحتوائه وتفتيته عبر أدوات سياسية “كرتونية” لم تنبس ببنت شفة أمام ما جرى، رغم ادعائها تمثيل حضرموت.
في المقابل، عبّر الكثير من أبناء حضرموت عن تضامنهم مع تريم، مطالبين بموقف واضح من القوى الجنوبية، وبدعم ميداني وسياسي يليق بثبات المدينة وصمودها، وسط تأكيد أن ما بعد تريم لن يكون كما قبلها، وأن النضال الحضرمي دخل مرحلة أكثر حدة ووضوحًا.