هضبة ووادي حضرموت.. أوضاع ضبابية لا تطمئن

سمانيوز / تقرير
جدد ناشطون جنوبيون التأكيد على أن محافظة حضرموت تواجه تحديات ثلاثية الأبعاد، تزداد مخاطرها يوماً بعد يوم: (1- المنطقة العسكرية الأولى، 2- تنظيمات الإرهاب “القاعدة وداعش” الممولان من الإخوان المسلمين ومن مليشيات الحوثي، 3- مليشيات بن حبريش القبلية الخارجة عن النطاقين الاجتماعي والرسمي القانوني).
متسائلين: أين كانت كل هذه المصائب مخبأة؟ وكيف الخلاص منها؟.. مشيرين إلى أن وجود وتنامي تلك التحديات، يهدد وحدة وتماسك النسيج الاجتماعي والسياسي الحضرمي، وقد يفرغ مدن حضرموت من أمنها واستقرارها وسكينتها العامة، لتحل محلها الاضطرابات والقلق والتوتر، والخوف على الحياة والممتلكات العامة والخاصة مستقبلاً، في حال السكوت عليها. لاسيما وأطراف يمنية وإقليمية تحسد الحضارم على أمن واستقرار مناطقهم، المستمد من الوعي الحضرمي المسالم الحضاري والثقافي البناء المتوارث منذ مئات السنين.
اللعب بالنار في حضرموت:
ورقة التنظيمات الإرهابية المتطرفة (القاعدة وداعش والحوثي)، وكذا تسليح مليشيات قبلية، يراها مراقبون خطيرة، كاللعب بالنار، قد تحرق الأيدي التي تحركها، مستشهدين بالنهاية المخزية لـ(عفاش).. متسائلين: كيف عادت بعض التنظيمات الإرهابية إلى وادي وصحراء حضرموت عقب طردهم في العام 2016م؟! من أطلق سراحهم؟ ومن فك قيود تلك الوحوش البشرية فاقدة الفكر الفطري الرباني السليم؟ أو إن صح التعبير، من كان يحتفظ بتلك الأدوات لوقت الحاجة؟
أعاد إلى أجسادها ومعنوياتها المهزومة أنفاسها، وشد من أزرها، آواها ودعمها بكل ما يلزم، واليوم أعطاها الضوء الأخضر لتتحرك مجدداً، لتعود إلى حضرموت عبر نافذة الوادي والصحراء، عقب أن كبدتها القوات المسلحة الجنوبية خسائر كبيرة في محافظة أبين؟
لماذا أعيدت إلى صدارة المشهد الحضرمي في هذا التوقيت بالذات؟ لتعود معها طائرات الدرون الأمريكية، وليعاد إلصاق تهمة الإرهاب الخبيث بالحضارم خاصة وبشعب الجنوب عامة؟
تنظيمات الإرهاب الدولي المستورد إلى الجنوب (القاعدة وداعش)، تضاف إليها مليشيات الشيخ القبلي عمرو بن حبريش العليي، ورغم كونها مجرد أدوات إلا أن (التلاعب بها خطير كاللعب بالنار). باتت كوابيس مثيرة للقلق، تؤرق مضاجع أهالي حضرموت المسالمين. خلقت أوضاعاً ضبابية لا تطمئن، قد تخرج عن نطاق الأيادي التي تحركها، فتتسع رقعة خطورتها فيحدث ما لا يحمد عقباه.
التخفي ونقل الصراع من الساحل إلى الوادي:
مسلسل أزمات ظاهرة وخفية تساق إلى الجنوب، تأخذ أشكالاً مختلفة، أخطرها ما يحدث في محافظة حضرموت، رغم أن ما يحدث في العاصمة عدن من سياسة إفقار وتجويع وحرمان من الكهرباء والرواتب، يرقى إلى جرائم حرب ضد الإنسانية. ما يشير إلى أن الأزمات التي تدار في الجنوب مفتعلة مدروسة، يتم تفصيلها وقياسها بدقة لتعطى كل محافظة ما يناسبها من النكبات.
أزمات تلو أزمات تتراكم على كاهل شعب الجنوب، مع تضييع متعمد لمفاتيح الحل، بهدف إيصاله إلى مرحلة الإحباط واليأس والقبول بخيارات كان يرفضها في الماضي. ولكن شعب الجنوب لا يقهر، ويوشك أن يخلد قصة صمود أسطوري.
في السياق، أفادت مصادر إعلامية محلية في مدينة سيئون، مقربة من جهات أمنية، بأن تحركات غير اعتيادية تُرصد منذ أيام لعناصر يُشتبه بانتمائها لتنظيم القاعدة، في مناطق متفرقة من وادي حضرموت، خصوصًا في أطراف مدينة سيئون ومديريتي القطن وشبام.
وذكرت المصادر، أن تلك العناصر تُجري لقاءات ليلية في مناطق ريفية، وفي منازل شخصيات اجتماعية ومسؤولين محليين، وسط تزايد واضح في عدد الأفراد المنتمين إلى التنظيمين الإرهابيين القاعدة وداعش، خلال الأسابيع الأخيرة.
وأشارت المصادر إلى أن منشورات وُزعت مؤخرًا في بعض مناطق الوادي، تضمنت تهديدات صريحة لمسؤولين محليين، وصفتهم بـ”الطواغيت”، وتوعدتهم بتنفيذ “أحكام شرعية” صادرة عن ما يسمى بـ”المحاكم الشرعية” التابعة للتنظيم، محذّرة الأهالي من التعامل مع من شملتهم تلك التهديدات.
وبحسب إفادة أحد العسكريين في سيئون، فإن دوي انفجار سُمع فجر الجمعة الماضية شمال المدينة، يُرجح أنه ناتج عن استهداف بطائرة مسيّرة لموقع في الجبال، في وقت تتحدث فيه مصادر ميدانية عن تمركز مجموعة من العناصر المسلحة، يُقدّر عددها بأكثر من أربعين شخصًا، في المزارع الواقعة بين منطقة صليلة ومحيط مطار سيئون، بينهم أفراد من محافظات يمنية مختلفة.
وتشير هذه التطورات، وفقًا للمصادر، إلى احتمال تنفيذ مخطط منسّق يهدف إلى إعادة انتشار التنظيمات الإرهابية في وادي حضرموت، وسط تساؤلات محلية عن أسباب تراجع نشاط الطائرات المسيّرة، التي كانت ترصد تحركات تلك الجماعات خلال الفترات الماضية.
عتاد «العسكرية الأولى» يسقط بأيدي عناصر قبلية وإرهابية:
من جهة أخرى، لا يزال الشيخ القبلي المعزول عمرو بن حبريش العليي، يحشد ويعسكر الهضبة الحضرمية، تحت مسمى (قوات حماية حضرموت)، شكّل ألوية عسكرية، وعين قيادات عسكرية لها، ونصب نفسه القائد الأعلى لقوات حماية حضرموت. لعبة خطيرة تدار بدعم قطري تركي، ووسط تماهي وتراخي الشرعية اليمنية والرباعية الدولية.
فيما توقع خبراء عسكريون قيام عناصر المنطقة العسكرية الأولى بالانسحاب التدريجي بالأسلحة الشخصية فقط، مع ترك المواقع والعتاد الثقيل ليستولي عليها عناصر تنظيمي القاعدة وداعش، إلى جانب عناصر موالية للشيخ بن حبريش، على غرار ما فعل عفاش في أبين وزنجبار خاصة في العام 2011م.
سيناريو خطير، انتشار عشوائي للسلاح، قد يدخل محافظة حضرموت فصلاً جديداً يشهد موجة صراع دموي أكثر تعقيداً. تتسع رقعة العمليات الإرهابية، مفخخات وأحزمة ناسفة، وسقوط معسكرات، تتأثر من تبعاته جميع محافظات الجنوب، أهمها العاصمة عدن بقطع الوقود عن الكهرباء.
النسيج الحضرمي أمام 3 خيارات:
الكاتب السياسي الأستاذ عبدالله عمر باوزير، طرح مداخلة في نقاش عام على منصة “إكس”، سرد خلالها جملة من التساؤلات الجوهرية، والحلول المقترحة حول مستقبل حضرموت وموقعها بين ثلاثة خيارات كبرى: الوحدة، التشطير، والحضرمة.. داعيًا إلى مقاربة واعية ومسؤولة لهذه القضايا الحساسة، بعيدًا عن العاطفة والانقسام.
قائلاً: إن حضرموت اليوم تعيش حالة من “الضبابية السياسية والمجتمعية”، نتيجة تراكمات صراعات قومية وأممية وقبلية، أفقدت المجتمع القدرة على تحديد رؤيته الجامعة.. مشيرًا إلى أن التساؤل حول ما هو الأفضل لحضرموت هل: الوحدة أم التشطير أم الاستقلال؟ خيارات باتت مطروحة في ظل بيئة إقليمية ودولية متغيرة.
ختاماً..
فيما أفل نجم (مجلس حضرموت الوطني)، أو تم الاحتفاظ به لوقت الحاجه، يرى محللون وخبراء عسكريون أن الوضع بمحافظة حضرموت ضبابي غير مفهوم. صراع خفي بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي على مدن الساحل،
إلى جانب عسكرة الهضبة ومطالب بالحكم الذاتي الذي يقوده الشيخ القبلي عمرو بن حبريش العليي، والغموض الذي يشهده وادي وصحراء حضرموت، في ظل عودة ظهور وتمدد رقعة الإرهاب (القاعدة وداعش)، وما تنوي المنطقة العسكرية الأولى القيام به. مفاجآت غير مرغوبة وغير متوقعة قد تحدث قريباً، بحسب توقعات محللين وخبراء عسكريين.
