تقارير

المهاجرون الأفارقة.. ازدياد أعدادهم يثير الجدل والمخاوف والتساؤلات

سمانيوز/تقرير / حنان فضل

فعلاً، أصبح موضوع المهاجرين يثير الجدل والتساؤلات، في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها البلاد؛ لماذا الهجرة إلى بلاد غير قادرة على توفير أبسط الحقوق لأبنائها، وتعيش حرباً نفسية قاتلة بسبب الوضع الحالي الذي وصلته إليه.
ازدادت أعدادهم بشكل كبير، ولا توجد إلى يومنا هذا حلول جذرية لإخراج المهاجرين الأفارقة من محافظات الجنوب عامة والعاصمة عدن خاصة.

في عتق.. ماذا حدث؟

نفذت السلطات الأمنية في مدينة عتق بمحافظة شبوة، حملة واسعة لترحيل المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، وذلك استجابة لمطالب الأهالي وتلبية للاعتبارات الأمنية.
وتشمل الحملة تحذيرات لمالكي المنازل بعدم تأجير العقارات لهم، فيما تستمر فرق الأمن في تجميع أعداد من المهاجرين الإثيوبيين تمهيدًا لإبعادهم عن مركز العاصمة عتق.

ينتشرون بسرعة كبيرة

قال الدكتور جمال أبوبكر عباد، محلل أكاديمي وسياسي: إن الأفارقة المتواجدين اليوم في مدن الجنوب، وخصوصاً في عدن، يثيرون تساؤلات كثيرة حول وجودهم. ما نلاحظه اليوم بشكل واضح لا يوجد بينهم كبار سن، ولا معاقين، ولا أطفال، كما هو الحال في الهجرات العادية التي تهرب من الدول التي بها صراعات عرقية أو حروب أهلية لغرض النزوح إلى الدول المجاورة، بينما ما نراه اليوم في هذا النوع من النزوح الأفريقي أن أغلب هؤلاء من الشباب وأعمارهم متقاربة وبنية جسدية واحدة تقريباً، مما يجعلها قادرة على العمل والمنافسة في الكثير من الأعمال الحرة بالبلاد، رغم شدة الوضع الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة في البلاد بشكل عام.

إلا أنهم يتحركون بصمت وينتشرون بسرعة كبيرة في مدينة عدن والجنوب، ناهيك عن الاستحواذ والمنافسة على الأعمال التي كان يعمل فيها كثير من أبناء عدن والجنوب، في ظل وضع معيشي صعب وغاية في التعقيد ولم يعد يتحمله المواطن الجنوبي، مما يشكل خطراً على المجتمع في الجنوب من الناحية الاقتصادية والاجتماعية. ولذلك، لابد من حلول جذرية من السلطة المحلية قبل أن يتفاقم الوضع.

يجب على الجهات المختصة أن تتحقق من هذا التواجد الكثيف، وأن يكون هناك وضوح وشفافية حول من يدخل ومن يقيم، من الجهات الأمنية ذات الاختصاص، وأن تتحمل المسؤولية الكاملة عن وضع هذه الفئة من الأفارقة.

مهاجرون يثيرون التساؤلات

قال الأستاذ ضياء المحورق: تعود أزمة هجرة الأفارقة الأحباش منذ بدايات العام 2000م، ولكنها كانت بأعداد بسيطة جداً لم تكن تتم ملاحظتها نهائياً، وبعدها كانت تتزايد بشكل ملحوظ منذ العام 2010م بأعداد كبيرة تدريجياً.
فقد كانت تأتي عبر البحر، ومناطق نزولها كانت المخا وباب المندب وشواطئ شقرة إلى أحور. وكان تواجدها في الأراضي اليمنية كمنطقة عبور فقط، لأن وجهتها الأساسية هي المملكة العربية السعودية، فكان أغلبهم عند وصولهم إلى الأراضي السعودية عبر التهريب يقومون بالعمل في مجال الزراعة والرعي عند قبائل البدو السعودية، والذين كانوا يعتبرون عمالة رخيصة، وتقوم بأعمال شاقة نتيجة لتحمل بنيتهم الجسدية تلك الأعمال.

واستمر هذا التدفق حتى عام 2015 عند اندلاع الحرب اليمنية الداخلية، وتدخل قوات التحالف العربي في هذه الحرب، ما أدى إلى إغلاق الحدود بشكل كامل أشد من قبل أيام الحروب الستة مع الحوثة. وهنا انتقلت هجرة الأحباش لمنحى آخر، حيث إن استمرار هجرتهم إلى اليمن لم تتوقف أبداً، بل زادت وتيرتها، مع تكدسهم في مجتمعات بدأت تتوسع بشكل كبير، خاصة في مناطق الحدود مع السعودية والمحافظات المحررة، وتحديداً عدن ولحج وأبين وشبوة، خاصة عند تعرضهم لحالات اعتداءات قوية مُورست ضدهم من قبل حكومة صنعاء، وكانت أبشع حادثة تعرضوا لها هي حادثة إحراقهم في أحد الهناجر، ما دفعهم للانتقال إلى عدن أو مناطق الحدود مع السعودية.

وتسبب تواجدهم بإشكالات كبيرة خاصة في مدينة عدن، فقد كانت تجمعاتهم تثير مخاوف كبيرة لدى سكان عدن، حيث كان لهم دور كبير في انتشار المخدرات، وارتفاع معدلات الجريمة وخاصة السرقات، وتشكيل تهديد على السلم المجتمعي والأمن في عدن.

في محافظة عدن وبعض المحافظات المجاورة، استفاد منهم بعض التجار في الانتفاع منهم في بعض الوظائف البسيطة، سواء في المطاعم أو المخابز أو في ورش السيارات، وخدمات تنظيف السيارات وبعض الأعمال، كونهم يشكلون عمالة رخيصة بالإضافة إلى قوتهم البنيوية لتحمل الأعمال الشاقة. وقد أصبح تواجدهم بشكل ملفت للنظر، ويشكلون تجمعات في جميع مديريات العاصمة عدن.

واللافت للنظر، أن كل المهاجرين هم من فئة الشباب التي تترواح أعمارهم بين 20 – 30 عاماً على أكثر تقدير، وغالبيتهم من الذكور مع تواجد بعض الفتيات من نفس الفئة العمرية، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول الأسباب الخفية لهذه الهجرة المنظمة والمخططة لهذه الفئة العمرية ومن جنسية محددة.

الهجرات.. تهديد أمني

وأضاف الأستاذ فيدل عبدالله البشيري قائلاً: مع استمرار الأوضاع المتدهورة منذ حرب 2015 على الجنوب، وما أفرزتها من تداعيات على الوضع الأمني للبلاد، وتداعيات سياسية واقتصادية، ما جعل البلد ساحة مفتوحة براً وبحراً، مما أتاح الفرصة لعبور الآلاف من اللاجئين الأورومو إلى سواحلنا ومدننا وبخاصة عدن، عبر شبكات تهريب منظمة تديرها منظمات خارجية غير رسمية لم تعرف دوافعها بعد.
رغم الظروف الصعبة التي نمر بها إلا أن هجرة الأورومو تتزايد يوماً بعد يوم، والذبن يدخلون إلى المدن الجنوبية بكل أريحية، دون أي رقابة أو ضبط. ومنهم من يبقى ومنهم من يمر إلى مناطق الشمال، ثم إلى وجهات غير معروفة. بكل تأكيد تشكل هذه الهجرات تهديداً أمنياً وتحدياً اقتصادياً.

المهاجرون الأفارقة والأمن

وتحدث العميد نصر أحمد فضل، مستشار مدير أمن عدن قائلاً: ما من شك بالأثر السلبي الذي يشكله تواجد هؤلاء في عدن، الذين يهددون الأمن والاستقرار وتزايد حدوث الجريمة. فتواجدهم بإعداد كبيرة وبشكل غير منظم في ظل عدم وجود أماكن محددة تشرف عليها السلطة المحلية بالاشتراك مع الأمن، جعلهم ينتشرون بكل أحياء عدن وشوارعها التي يفترشونها، هذا الوضع يجعل الأمن بعيداً عن معرفة هويتهم وميولهم، وكيف يحصلون على ما ياكلونه ويلبسونه، والحاجة التي يمكن تدفعهم للجريمة، سواء كانت السرقة أو العمل الإرهابي المدفوع الأجر، أو الذي تعمل جهات على توظيفه لخدمة أجندتها السياسية، وهذا ضاعف من الأعباء التي يواجهها العمل الأمني، وضاعف من حالة عدم الاستقرار النفسي للمواطن الذي يعاني من صعوبة الحياة، بفعل عدم انتظام المرتبات وانعكاسها على مصادر دخل أصحاب الأعمال الخاصة، وانهيار المؤسسات الخدمية المرتبطة بحياتهم..

كل هذه المعاناة ضاعفها التواجد الكبير للأفارقة بعدن، بالخوف من عمليات السرقة، وعدم الاطمئنان من خروج أطفالهم خوفاً عليهم من الخطف أو الاعتداء لأي سبب. كل هذا شكل ضغطاً على أداء المؤسسة الأمنية بعدن، وتسبب ببعض الاختلالات الأمنية. وما كان لذلك أن يحدث لولا الغياب الكلي للسلطة المحلية عن تنظيم وجود الأفارقة ومتابعة المنظمات الدولية المعنية بإعالتهم، ومعرفة مبررات مجيئهم، ومتابعة السلطة التنفيذية لاتخاذ قرار للحد من توافدهم إلى عدن بشكل خاص، ومعظم عواصم محافظات الجنوب بشكل عام، وعدم تمكين جهات سياسية ومنظمات إرهابية من استغلالهم، لتنفيذ بعض الجرائم التي تخدم أهدافهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى