مناظرة الرئاسة الأمريكية في الميزان

كتب:
علي عبدالله البجيري
يحسب للديمقراطية الأمريكية إجراء المناظرات بين المرشحين للرئاسة بهدف تمكين الناخب الأمريكي من معرفة وجهات نظر المرشحين تجاه القضايا الداخلية والعلاقات الدولية ،
مثل غيري تابعت المناظرة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، والمرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب. كانت معركة مفتوحة حامية الوطيس، لم تسمح تشنجات المواقف وخلفيات الصراع بين الشخصين بالتصافح. مناظرة مثيرة جدا استمرت 90 دقيقة، لم تخلو من الاتهامات والشتائم، منها اتهام بايدن لترامب ب”الفاشل” والمغفل” والأحمق” والرجل المدان”، في حين رد عليه ترامب بأنه “أسوأ رئيس في تاريخ أمريكا” وغير كفؤ” ولا يستطيع اجتياز الاختبار المعرفي”، و”جعل أمريكا دولة فاشلة”، و”سيدفع البلاد إلى حرب عالمية ثالثة”. كل من تابع المناظرة شاهد” بايدن في تلعثم .. تعثر .. شرود ذهني وشرود فكري”.
جاءت المناظرة في ظل عالم متوتر مضطرب متشاحن فكرياً ومأزوم اقتصادياً يقف على أعتاب مرحلة خطيرة تدق فيها طبول الحرب بشكل متسارع وتنذر بنشوب حرب عالمية ثالثة، ويتقدم فيها اليمين المتطرف الأوروبي في الانتخابات التشريعية بما يمثله من أفكار وتوجهات تقلب المعادلات السياسية رأسا على عقب.
بدأ بايدن مرتبكاً، وظهر بصوت ضعيف متقطع، كما واجه صعوبة في إيصال الفكرة التي يريد قولها. الرئيس بايدن لم يقدم أداءا جيداً ومقبولاً في رده على الأسئلة ، أو في رده على اتهامات منافسه ترامب ، في حين بدأ ترامب أكثر قدرة على اختيار الكلمات وتوجيه الاتهامات للرئيس بايدن . الكاتبة البحرينية سوسن الشاعر علقت على المناظرة بالقول”كانت محزنة ومؤسفة فعلاً وتدعو للبكاء حسرة وتحسراً” .
أداء بايدن أثار مخاوف الديمقراطيين من استمراره في الترشح، إذ دعت هيئة صحيفة” نيوروك تايمز” الأمريكية الرئيس بايدن إلى مغادرة السباق إلى البيت الأبيض بعد أدائه أمام الرئيس السابق دونالد ترامب. وقالت هيئة تحرير الصحيفة إن بايدن “كافح لشرح ما سيحققه في فترة ولاية ثانية. لقد ناضل أكثر من مرة للوصول إلى نهاية الجملة التي يريد إيصالها”. وأضافت : “أعظم خدمة يمكن أن يقدمها بايدن الآن هي الإعلان عن أنه لن يستمر في الترشح لإعادة انتخابه”.
وقالت : “لا يوجد سبب يدعو الحزب الديمقراطي للمخاطرة باستقرار وأمن البلاد من خلال إجبار الناخبين على الاختيار بين عيوب ترامب وأوجه قصور بايدن”.
أما الكاتب الأمريكي الشهير ” توماس فريدمان” طالب صديقه الرئيس جو بايدن بالانسحاب من سباق الانتخابات الأمريكية بعد أدائه في المناظرة الرئاسية مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وذكر فريدمان، في مقال رأي بصحيفة “دا نيويورك تايمز”: ” الرئيس بايدن صديقي. لكن يجب عليه أن يتنحى عن السباق”.
ودعا الكاتب، عائلة بايدن وفريقه السياسي إلى “اللقاء بسرعة، وإجراء أصعب المحادثات مع الرئيس لإعطاء أفضل فرصة ممكنة لردع تهديد ترمب في نوفمبر المقبل (موعد الانتخابات الرئاسية)”، مضيفاً : “يجب على الرئيس أن يعلن عدم ترشحه لإعادة الانتخاب.
صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلت عن أرون كال مدير المناظرات بجامعة ميتشغان قوله : «شهد بايدن أسوأ 15 دقيقة افتتاحية للمناظرة الرئاسية على الإطلاق»، وأكدت الصحيفة أن العمر يعد من أهم القضايا التي تشغل بالناخبين، وقالت إن بايدن «كان غير مستقر في المناظرة» في حين ظل ترامب «قوياً في عرضه طوال الوقت». في حين رأت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ترامب «شن هجمات عدوانية ومضللة ضد الرئيس بايدن «الذي كان ضبابياً بشكل متكرر ومفكك، وبدأ في بعض الأحيان وكأنه يتمتم بكلماته».
اما صحيفة «واشنطن بوست» فأشارت إلى أن ترامب استمر في إطلاق مبالغاته وتضليلاته المعتادة، خاصة فيما يتعلق بالجريمة والهجرة، ومع ذلك أبرزت الصحيفة «التناقض المذهل بين طاقة ترامب وكفاح بايدن، لتوصيل أفكاره بطريقة موجزة ومفهومة».
الخلاصة : من أجمل ما قرأته تعليقا على المناظرة التلفزيونية الرئاسية هو ما كتبه في الشرق الأوسط الأخ عبد الله العتيبي : قائلاً ” إنها المرة الأولى في التاريخ التي يظهر فيها أحد طرفي المناظرة وكأنه «خيال المآتة» أو «فزّاعة» الطيور، فهو شبه جامدٍ ومتلعثم ومتردد وواجم في بعض الأحيان”.
أما الكاتب الكبير سمير عطا الله فقد كتب للشرق الأوسط:هل هذه مبارزة من أجل رئاسة أميركا، أم صراع ديوك مكسيكية، ينتف فيه الديك ريش الآخر إلى أن لا يبقى ريشة واحدة في كليهما. حتى في «المصارعة الحرة» هناك أشياء ممنوعة. للأسف لا توجد في مصارعة مرشحي الرئاسة الأمريكية.