يافع الخضراء.. نداء الأرض لبذر الحياة من جديد

كتب:
م. محمد عوض العيسائي
في جبال يافع وهضابها ووديانها وسهولها، كما في أرجاء اليمن الجميل، يتجدد السؤال المؤلم والمُلهم في آنٍ معًا:
هل أصبح إكثار الأشجار الحراجية ترفًا بيئيًا؟ أم بات ضرورة وطنية ملحّة في ظل ما نعيشه من تصحر وجفاف وتراجع للغطاء النباتي؟
الغطاء النباتي.. مفتاح الحياة
لقد أثبتت الدراسات العلمية والتجارب البيئية أن الغطاء النباتي ليس مجرد منظر طبيعي جميل، بل هو رئة الأرض، ومصدر استقرارها المناخي، وجاذب رئيسي للأمطار. فحين نغرس شجرة، نحن لا نزرع خشبًا أخضر فقط، بل نزرع الأمل والمطر والهواء النقي والتوازن البيئي.
وفي يافع، بدأ المواطنون يدركون هذه الحقيقة، خاصة بعد فترات طويلة من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، حيث بدأت تظهر العلاقة بين تدهور الغطاء النباتي وتراجع معدلات الأمطار وازدياد التصحر.
مبادرة محلية.. تستحق الإشادة والتوسيع
في هذا الإطار، لا يسعنا إلا أن نرفع القبعات تقديرًا لجهود الشيخ حمود عبدالله محسن الفقيه من وادي معربان – يهر، قائد ثورة التشجير الشعبي، الذي يعمل ليل نهار مع فريقه التطوعي على نثر بذور الأشجار الحراجية في الجبال والوديان والهضاب. لقد انطلقت مبادرته منذ سنوات، لكنها اليوم تتجلى كنموذج وطني يحتذى به، وبارقة أمل في زمنٍ تندر فيه المبادرات الذاتية الصادقة.
الوقت مناسب.. والأرض عطشى
نحن الآن في التوقيت المثالي، موسم الأمطار الصيفية والخريفية، وهي فرصة ذهبية يجب أن لا تُفوّت. تشكيل الفرق التطوعية في كل مناطق يافع – بل واليمن عامة – بات ضرورة أكثر من كونه خيارًا. تخيّلوا لو قامت كل قرية وكل مدرسة وكل منظمة مجتمع مدني بنثر البذور المحلية – من أشجار السدر، الطلح، اللبان، العتم، والسمر وغيرها – في الأماكن القابلة للتشجير، كم سيكون أثر ذلك خلال خمس سنوات فقط؟
دعوة للعمل الجماعي
نحن في لحظة مفصلية تستدعي منا جميعًا أن نستنهض الهمم، ونعيد للبيئة اعتبارها، ونشارك في بناء يمن أخضر.
فلنحوّل كلمة “يافع الخضراء” من حلم إلى واقع. ولنكن جميعًا امتدادًا لمبادرة الشيخ حمود الفقيه ورفاقه، نزرع ونرعى ونحمي.
ختامًا…
الغطاء النباتي لا يخص فردًا أو جماعة، بل هو مسؤولية مجتمعية وإنسانية. دعونا نستجيب لنداء الأرض، ونمنحها البذور التي تستحقها. فكما قال أجدادنا:
“من غرس شجرة، غرس أملًا في قلب الأرض وسماء الوطن.”