نحن والحوثي… والمسلسل المكسيكي!!

كتب: د. علي صالح الخلاقي
تذكّرتُ حكاية من عهد البيريسترويكا في روسيا، قرأتها في المجلة الساخرة “كركديل”، حيث بدأ التلفزيون يعرض مسلسلات أجنبية ضمن سياسة الانفتاح ولقيت رواجاً وإقبالاً كبيراً، وكان يعرض حينها مسلسلاً مكسيكياً طويلاً استمرّ لأسابيع وشهور من دون أن يصل إلى نهايته، حتى إن أحد كبار السن من المحاربين القدامى، ممن أعياه انتظار النهاية وتضجَّر من طوله الممل، بعث برسالة إلى إدارة التلفزيون يطلب منهم أن يخبرونه كيف ستكون نهاية المسلسل أو ما مصير بطلِه قبل أن يوافيه الأجل الذي كان يشعر أنه على الأبواب، كي يرحل عن الدنيا مطمئنّاً. كانت رغبته بسيطة: أن يموت وعقله مرتاح لأنه عرف النهاية.
ولأن الشيء بالشيء يُذكَر، فكذلك نحن: مضت عشر سنوات في مسلسل اسمه “القضاء على الحوثي”، وعشرات المؤتمرات والوعود والمناورات السياسية التي لم تُنهِ المشهد. وفيما نحن ننتظر نهاية هذا العمل الطويل، بدأنا نسمع عن مسلسل جديد بعنوان “استعادة الدولة بعد نهاية الحوثي”. وكأنّنا – نحن الجنوبيين – لم نتخلّص بعدُ من الغزو الحوثي، وكأنّنا ننتظر ممّن كانوا له سندًا بالأمس وصاروا اليوم شركاءَ لنا، ينعمون ويرفلون في رغد العيش، أن يتهوّروا للخلاص من الحوثي، الذي يمثّل بقاؤه مكسبًا لهم ليبقوا شركاء لنا في إدارة جنوبنا الحبيب. ولا يُستبعَد أن يصبحوا غدًا شركاءَ الحوثي نفسه؛ فلا غرابة إذًا أن تتبدّل جلودُهم مع مرور الزمن كلّما تغيّرت مصالحهم، مثلما تبدّلت بالأمس.
الرسالة التي يوجّهها شعبنا الجنوبي اليوم إلى قيادتنا وإلى إخواننا وأشقّائنا في التحالف العربي: أبلغونا كيف ومتى ستكون نهاية هذا المسلسل الطويل مع الحوثي، فقد طال الانتظار… أريحونا حتى نموت مطمئنين.
د.علي صالح الخلاقي